الكاتب: جيرشوم جورينبيرج، تفكيك إسرائيل” كتاب جديد للصحفي اليساري الإسرائيلى جيرشوم جورينبيرج، يناقش فيه قضايا هامة لعل أبرزها الفارق الكبير بين إسرائيل المثالية كما يتصورها العقل الغربى وإسرائيل ككيان قمعي في الواقع والممارسات الفعلية. ويلقى جيرشوم جورينبيرج أضواء كاشفة لحقيقة إسرائيل كدولة متزمتة وتتفشى فيها المشاعر المناوئة للحريات، كما تقمع سكانها العرب وتحرمهم من حقوق المواطنة وتفرض عليهم العزلة والتهميش رغم أنهم مواطنون من الناحية النظرية. ويرى مؤلف هذا الكتاب الجديد أن اعتياد الإسرائيليين على فكرة الاحتلال المزمن أفسدهم وأفسد إسرائيل كدولة خاصة منذ حرب الأيام الستة حتى يحق السؤال: هل خسرت إسرائيل حرب الخامس من يونيو 1967؟، ويجيب جيرشوم جورينبيرج على هذا السؤال بكلمة “نعم”، موضحا أن هذه الحرب كان لها اسوأ الآثار على بنية المجتمع الاسرائيلى رغم أنها فى الظاهر تشكل انتصارا عسكريا. ويضيف أن إسرائيل وقعت منذ أكثر من 44 عاما فى تناقض ومغالطات جسيمة عندما اعتقدت أنها يمكن أن تبتلع أراضى الآخرين وتستمر كدولة تحترم القانون، ومن ثم فهى خسرت فى حرب الخامس من يونيو، كما خسرت فى مواجهة المتطرفين اليهود وخاصة الجناح الاستيطانى الذى يعمد لاضفاء قداسة على اغتصاب الأرض الفلسطينية فى الضفة الغربية. ومنذ البداية يقول الكاتب جيفرى جولدبيرج فى سياق تناوله بصحيفة نيويورك تايمز لهذا الكتاب الذى يقع فى 325 صفحة والصادر عن دار نشر هاربر، إن المؤلف جيرشوم جورينبيرج فند بقوة وبلاغة حجج المستوطنين اليهود والممارسات الاستيطانية التى يعتبرها الفلسطينيون دليلا دامغا على رفض إسرائيل أو عدم جديتها للتوصل لحل للنزاع على أساس مبدأ الدولتين. وإذا كان توجيه انتقادات لإسرائيل ليس بالأمر الهين أو المأمون الجانب حتى الآن فى الولايات المتحدة، فإن جولدبيرج يذهب إلى أن بعض منتقدى الدولة العبرية قد يجنحون نحو الشطط فى انتقاداتهم، غير أنه لابد من تأمل ما يقوله مؤلف الكتاب وتأكيداته على أن المشروع الاستيطانى اليهودى فى الضفة الغربية هو فى الواقع هجوم متعدد المحاور والاتجاهات على فكرة حكم القانون. ولايبدى جيفرى جولدبيرج حماسا لنعت إسرائيل بأنها دولة فاشية أو نازية، كما أنها فى نظره ليست بالدولة الدينية الثيوقراطية أو الشمولية ولا حتى دولة نظام الفصل العنصرى “الابارتهيد”، لكنه يلفت لمغزى مايقوله المؤلف جيرشوم جورينبيرج حول تراجع أمثولة الديمقراطية الاسرائيلية مع استمرار إسرائيل فى فرض حكمها على الفلسطينيين . ويلاحظ جورينبيرج أن المستوطنين ماكانوا لينجحوا فى مشروعهم الاستيطانى بالأراضى الفلسطينية لولا حصولهم على دعم حتى من ساسة إسرائيليين وصفوا بالاعتدال مثل اسحق رابين وشيمون بيريز. ومن الأهمية بمكان التمعن فى أسلوب تسويق اسرائيل بالغرب، حيث يلاحظ جولدبيرج ان هذا الأسلوب يعتمد على الاحالة الى المنطقة التى تضم الدولة العبرية وعقد مقارنات بين اسرائيل وبقية دول المنطقة. وهكذا تطرح اسرائيل نفسها كنموذج للقيم الغربية وانها دولة تتمتع بنظام قضائى مستقل برسوخ فضلا عن صحافة تقول ماتريد ومنظمات مجتمع مدنى تعمل بنشاط وبلا تهيب خاصة فى مجال حقوق الانسان. وإذا ما ابتلع البعض فى أمريكا والغرب على وجه العموم هذا الطرح، فان كتاب “تفكيك اسرائيل” سيكون صادما لهم، خاصة ان المؤلف جيرشوم جورينبيرج هو فى الأصل امريكى يهودى وهاهو يتحدث عن هيمنة المؤسسة العسكرية على المجتمع الاسرائيلى واستشراء الأفكار اليمينية المتطرفة بين الضباط، حتى ان الكثير منهم يكنون الولاء لهذه الأفكار اكثر من احترامهم لقرارات الحكومة المنتخبة. إنهم اليهود الذين يصنعون أكثر المشاكل اليوم لاسرائيل كدولة وليس العرب وعليهم حل هذه المشاكل إن ارادوا استمرار هذه الدولة، كما لايحق لأحد تصور قبول الفلسطينيين استمرار هذا الوضع للأبد كما يخلص الكتاب الجديد. |