https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

 

 كتب محمد خير الوادي :

لعل اهم نتيجة اسفر عنها العدوان الاسرائيلي  المتواصل على غزة  منذ اكثر من شهر ، هي بداية تصدع وهمٌ العظمة الاسرائيلي .

لقد امضت  الدعاية الصهيونية سنوات طويلة في اقناع  الاسرائيلين بخرافة مفادها ، ان اسرائيل  تجسد العظمة المطلقة التي لا مثيل لها في التاريخ . فهي تملك جيشا لا يقهر ، وشعبا متميزا اختاره الله  من بين جميع امم الارض ، وخصه بالمبدعين والعباقرة  الذين صنعوا التقدم العالمي ، وهي جزيرة  للديمقراطية والحضارة وسط محيط من الهمجية والتخلف . وقد انبتت هذه الاوهام مشاعر الغرور والتفرد والفوقية  في وعي  الاسرائيليين.

اليوم يرى الاسرئيلون كيف تتهاوى هذه الاوهام واحدا بعد آخر . فضباط وجنود الجيش  الذي لا يقهر وقعوا  في الاسر ، والهجوم الذي يشنه هذا الجيش منذ اكثر من شهر على غزة المحاصرة منذ سبعة عشر عاما ، يعجز عن تحقيق اهدافه.ولولا الدعم الامريكي السريع ، لكانت حالته اسوأ بكثير. ومئات الالاف من الشعب “المختار”اضطروا الى النزوح والعيش في الملاجيء، وعشرات الالاف منهم اختاروا الهروب الى دول اكثر آمانا واستقرارا .

ثم ان جرائم قتل الاطفال والنساء التي ترتكبها اسرائيل ، قد فتحت عيون كثير من شعوب العالم على حقيقة اسرائيل ككيان دموي مجرم يعيش على الحروب والدمار .، وغيرت كثيرا من تصورات هذه الشعوب والدول تجاه اسرائيل . واليوم ، ساتحدث عن الصين مثالا على هذا التغيير  .

في كتابي  ” العلاقات الصينية الاسرائيلية – الحسابات الباردة ” والذي صدر قبل نحو عقد من الزمان ،قلت ، ان معظم فئات المجتمع الصيني والقيادة الصينية كانت مقتنعة  آنذاك ، ان  اسرائيل هي مثال يحتذي في التطور ، وهي كنز استراتيجي للصين ، وان العلاقات المميزة معها ، هي ” الهدية التي ارسلتها السماء لارض التنين “. فاسرائيل كانت – بالنسبة لهذه الفئات – المصدر الاساسي  للحصول على التقانة والاستثمارات  الغربيتين ،  وهي الحاضنة التي ترعى  علاقات بكين مع الغرب وتحد من العداء الامريكي للصين.وقد استغلت الصهيونية هذه الاجواء لتضخ  في الوعي الصيني خرافات كثيرة عن  التفوق الاسرئيلي  في كل المجالات ، وعن شعب الله المختار الي عاد الى ” ارض الميعاد ” واعتبار الجولان المحتل جزءا من هذه الارض . ووصل الامر مع الجهات الصهيونية الى حد الادعاء ـ ان  هناك قرابة  تاريخية بين اليهود وقومية الهان ( نحو مليار من البشر ) ، لا بل ان سكان بعض المقاطعات الصينية  تقدموا – أنذاك – بطلبات  للحكومة الاسرائيلي للحصول على جواز سفر اسرئيلي مستندين الى تلك  “القرابة التاريخية “المزيفة والكاذبة .

اليوم ، تختلف  الامور . فقد  كبُرت الصين ، وباتت  هي مصدرا للتقانة والاستثمار ، وانتهت  الحاجة للوسيط الاسرائيلي مع الغرب .ولم تعد اسرائيل- بالنسبة لبكين – الدولة المتحكمة  بالشرق الاوسط .وبدأ تتتهاوى الخرافات الصهيونية   التي ضللت – على امتداد عقود – الوعي الصيني .كما لطخت الجرائم التي ترتكبها اسرائيل في غزة والضفة الغربية ، صورة اسرئيل ،واثرت كثيرا على نفوذها في الصين .وقد انعكس ذلك  على مواقف الصين الداخلية والخارجية . فثمانون بالمائة من الشعب الصيني  يكنون مشاعر العداء لاسرائيل ،والحكومة الصينية استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار اسرائيلي في مجلس الامن ، وبكين نشرت خارطة  لدول منطقة الشرق الاوسط  لم تشر فيها الى اسم اسرائيل ،. والحكومة الصينية رفضت محاولات اسرئيل تصنيف حماس كمنظمة ارهابية ،والخارجية الصينية تدعو الى وقف فوري للعدون الاسرائلي على غزة ، والتلفزيون الصيني يبث  بالتفصيل مشاهه الدمار المروع في غزة ومعاناة سكانها .

بكلمات اخرى  ،اسرائيل لم تعد  الانموذج -المثال   والدولة المحببة  والمدللة في الصين ، بل باتت – بنظر المجتمع الصيني – كيانا  عدوانيا دمويا يغتصب  حقوق الفلسطينيين ، كيانا يرتبط وجوده بامريكا – الخصم اللدود للصين .

كلمة اخيرة اقولها : لقد صدع  عدوان اسرائيل الهمجي على غزة  الوهم حول عَظَمة اسرائيل ، واسقط عنجهيتها وغرورها ، ومزق ورقة التوت التي تسترت بها ، واظهر  حقيقتها الاجرامية والدموية .

9/11/2023

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − سبعة =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube