https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png
حصل ما كان متوقعاً. وافقت تركيا على المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي. كما وافقت، وهذا هو الأهم والأخطر، على نشر الدرع الصاروخية على أراضيها.في النقطة الأولى نجحت تركيا في حذف اسم إيران من وثيقة التهديدات الموجهة إلى دول حلف شمال الأطلسي، لكن المضمون يبقى واحدا، وقد عكسه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بقوله انه «يجب أن نقول للقطة إنها قطة، إن التهديد للحلف اسمه إيران». وستكون تركيا في المرحلة المقبلة أمام تحديات تطال أسس سياستها الخارجية، ما لم تتدارك العواقب وتبدد الشكوك التي يمكن أن تنشأ لدى جيرانها، ولا سيما إيران.
ومما نشر في بعض الصحف التركية، أمس، فقد كان ساركوزي من أشد المعارضين لحذف اسم إيران، وحاول استبدال طهران بمصطلح «الشرق الأوسط» من دون نجاح. وذكرت «ميللييت» أن نقاشاً حاداً دار بين الرئيس التركي عبد الله غول وساركوزي، حيث خاطب غول نظيره الفرنسي قائلا «يجب أن تُخرج إيران من عقلك. النظام الدفاعي يقوم ضد الصواريخ البالستية، وليس موجهاً ضد دولة بعينها. حيثما يأتي التهديد يكون النظام ضده. اليوم قد يكون ضد دولة وغداً ضد دولة أخرى. هناك أكثر من 30 دولة تطور صواريخ بالستية ولا يمكن ذكر واحدة من دون أخرى. إن حلف شمال الأطلسي أيضا هو حلف دفاعي وليس هجوميا». وفي النتيجة أقنع الرئيس الأميركي باراك اوباما ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون ساركوزي بوجهة نظر تركيا.
وقال غول، على هامش قمة لشبونة، «لا نريد في منطقتنا عراقاً ثانياً. فهل سنعيش اليوم ما عشناه في العراق في التسعينيات؟ نحن لا نريد ذلك. لا شك أن الموضوع الإيراني يهمنا جدا. نحن لا نتحدث عن دول أميركا اللاتينية. نحن نتحدث عن جار لنا. نحن نتحدث عن منطقتنا نحن. أكانت سيئة أم جيدة فإن إيران تهمنا. تذكّروا الذي عشناه مع العراق. حصلت هجرة، وظهر الفراغ الأمني. حصلت مشكلات اقتصادية. اليوم لا نريد أن نعيش الأمر ذاته ثانية. لذا نحن نستخدم كل الطرق الدبلوماسية من أجل حل هذه القضية».
وميّز غول بين مسألتي الصواريخ البالستية التي تطورها إيران والمسألة النووية. وقال «هما ليسا واحداً. موضوع الصواريخ لا يشكل مشكلة لمصالحنا الوطنية. نحن جار لإيران. وإذا صارت هناك عداوة فلن يكونوا بحاجة للصواريخ. بل يمكن لهم اتخاذ تركيا هدفا بمدفعية مداها 50 كيلومترا. المهم هو رؤوس الصواريخ. كل دولة تطور مفهومها للأمن. لكن المسألة النووية أمر آخر. اليوم لا يمكن أن نقول إن إيران تصنّع سلاحاً نووياً. حتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تقول ذلك. الوكالة تدعو إيران لتكون أكثر شفافية. إن تصنيع السلاح النووي شيء وتخصيب اليورانيوم لأهداف سلمية شيء آخر. ونحن دائما نكرر القول إننا نريد منطقتنا والعالم خالية من السلاح النووي». وأشار إلى أن «إيران تثق بتركيا، وهي أعطـتنا شيكاً مفتوحاً في المسألة النووية».
وعما إذا أصرت إيران على أن تكون تركيا لا جنيف مكاناً للمباحثات مع الدول الغربية، قال غول إن المهم مضمون المفاوضات، وليس مكان انعقادها.
ونقلت «ميللييت» أجواء النقاشات داخل اجتماع لشبونة، مشيرة إلى أن غول انتقد بشدة ساركوزي وقادة الاتحاد الأوروبي قائلا لهم «إن الاتحاد الأوروبي لم يلتزم تعهده ونشأ عن ذلك أزمة ثقة بيننا، ولم تعد لنا ثقة بكم. رغم تعهدكم لم تضمونا إلى وكالة الدفاع الأوروبية ولا وقعتم معنا الاتفاقية الأمنية. هذا خلق أزمة ثقة».
وهاجم غول بشدة موقف أوروبا من قبرص، قائلا انه لو وافق القبارصة اليونانيون على خطة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي انان عام 2004 لما كانت توجد الآن مشكلة اسمها قبرص، لكن الاتحاد الأوروبي أصر على ضم بلد لا يمثل كل الجزيرة فاستمرت المشكلة.
واشتكى غول من عدم وجود تركيا في قيادة نظام الدفاع والأمن الأوروبي. وقال ساخرا «إن تركيا حمت أوروبا ضد نصف البلدان الموجودة اليوم على الطاولة ومع ذلك ليست شريكة في اتخاذ القرار الدفاعي الأوروبي. أليس ذلك مضحكا؟».
ودافع غول عن مستوى العلاقات بين أنقرة وواشنطن، قائلا إنها اليوم أفضل مما كانت عليه قبل 20 سنة، لأن تركيا اليوم تعرف ماذا تريد. واعتبر أن الموقف المبدئي لأنقرة هو الذي أعطى الاحترام لحلف شمال الأطلسي ولو لم تكن تركيا اليوم موجودة لانتهت قمة لشبونة خلال 10 دقائق.
النجاح التركي في عدم تمرير اسم إيران في المفهوم الجديد لاستراتيجية الردع الأطلسية قد لا يطمئن إيران. فرائي تينتش في «حرييت» أشارت إلى كلام قائد القوة الجوية في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاج زاده الذي قال إن بلاده ستطور نظام دفاع وطنياً في بعض مناطقها. كما أشارت إلى قوله إن «أي بلد تنطلق منه صواريخ ضد إيران سنتعامل معه على انه بلد معاد». وتقول تينتش انه «إذا أخذنا كل ذلك في الاعتبار فإن المرحلة الجديدة لحلف شمال الأطلسي مختلفة كليا عن المرحلة السابقة. وهل حينها يمكن القول إن مهمة تركيا ستكون أكثر سهولة مما كانت عليه خلال الحرب الباردة؟».
أما الكاتب في «ميللييت» قدري غورسيل، المعارض لسياسات حزب العدالة والتنمية والمؤيد لعودة تركيا إلى الحضن الغربي، فيرى أن قرار أنقرة الموافقة على نشر الدرع الصاروخية على أراضيها قرار واقعي لكنه يعكس إفلاس سياسة «تصفير المشكلات» التي انتهجها حزب العدالة والتنمية حتى الآن.
وقال انه «حتى لو لم يكن حزب العدالة والتنمية مقتنعاً ضمناً بقرار الحكومة، غير انه تصرف بشكل واقعي، وهو أنقذ نفسه من مساءلة الانحياز للشرق والمنطقة، وأظهر انه لم ينقطع عن المحور الغربي، لكنه في الوقت ذاته كان ينكر سياسات تصفير المشكلات مع إيران تحديداً».
وقال غورسيل إن قادة حزب العدالة والتنمية كانوا يقولون انه لا يوجد أي مشكلة مع إيران، متسائلا «إذا كان هذا بالفعل فلماذا وافقوا على نصب الدرع الصاروخية على الأراضي التركية؟»، مضيفاً «انه من المشروع أن يوجّه هذا السؤال إلى وزير الخارجية أحمد داود اوغلو. أليس كذلك؟».
وكان موقف لافت من رئيس جمعية الإغاثة الإنسانية، التي نظمت «أسطول الحرية»، بولنت يلديريم الذي انتقد بشدة موافقة تركيا على نظام الدرع الصاروخية. وقال «إن تركيا تعرضت لضغوط قوية في الآونة الأخيرة. وكان عليها أن تختار بين سياسة تصفير المشكلات مع جيرانها أو أن تكون في مواجهة كل العالم الإسلامي، وتكون بالتالي بيدقاً لحلف شمال الأطلسي. ونحن نتمنى أن تختار تركيا جيرانها».السفير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية + 11 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube