كتب محمد خير الوادي : رغم عنصرية الرئيس ترامب الفاقعة وكراهيته لبقية الاجناس- لا سيما الشرقية منها ، لكن الرجل مفتون الى حد الهيام بحكام بعض الدول الشرقية ، سواء كانت عربية او افريقية ، مرورا بالصين وكوريا الشمالية وروسيا و انتهاء بتركيا . وهو – اي ترامب – لا ينفك يعبر عن اعجابه ببعض هؤلاء الحكام ، و يسعى جاهدا لتقليد اساليب ادارتهمفي امريكا،الى حد انه يمكن القول ، ان ترامب بات مصابا بفيروس ” نمط الحكم الشرقي “. ويطمح ترامب – على غرار زملائه الشرقيين – لاكتساب صفة الزعيم الاوحد الملهم والذي لا يُعصى له امر ، وان يصبح خاقان البر والبحر والفضاء ، وملك الملوك وامبراطور الاباطرة ورئيس الرؤوساء ، ولذلك يبدي اعجابه بما جرى في الصين وروسيا من الغاء سقوف الرئاسة ،ويشيد بصداقته مع رئيس كوريا الشمالية ،ويدعم الزعماء الشعبويين في اوربا . اعتقدَ ترامب ، ان طموحاته هذه يمكن تحقيقها في امريكا عبر اساليب البلطجة والتهديد وشراء ضعاف النفوس . ولذلك يقرٌب المادحين والمتملقين من رجال السياسة والاعلام ، ويوزع الشتائم والنعوت السوداء على منتقديه . لكن رغبات ترامب هذه تصطدم بنظام سياسي صلب وبتقاليد ديمقراطية عميقة في امريكا ،تحد من النزعات التسلطية لأي قاطن في البيت الابيض . فقد اخفقت جهود ترامب في ترويض الاعلام الامريكي وتحويله الى مطية لنزواته وترهاته. كما عجز ترامب عن اخضاع القضاء الامريكي وجعله تابعا ذليلا له . وآخر دليل على ذلك رفض هذا القضاء الامتثال لرغبة البيت الابيض في ايقاف توزيع كتاب بولتون الذي يتضمن اتهامات خطيرة للرئيس الامريكي . والامر نفسه حدث مع الجيش الامريكي الذي تمرد على” قائده الاعلى” ولم ينفذ اوامر الرئيس في قمع المتظاهرين السلميين ، ورفض ان يكون اداة لتصفية حسابات سياسية داخلية . كما عاند حكام الولايات كذلك في تنفيذ “توجيهات ” ترامب بالغاء الحجر الصحي . ولم تطبق الاوساط الصحية الامريكية وصفات الرئيس ” العبقرية ” في معالجة وباء كورونا. وعلى رأس المتمردين يقف الكونغرس ، الذي يقف بالمرصاد لكل هفوات ترامب ويفضح نزواته السلطوية والتسلطية . واضح ان ترامب مصاب بمرض انفصام الشخصية في مواقفه من دول آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية . فهو يكره شعوب تلك البلدان ويقيم الجدران الاسمنتية والقانونية معها ، بسبب عنصريته الدفينة وعنجهيته الجامحة ، لكنه- في الوقت نفسه – معجب جدا باساليب الحكم فيها ، القائمة على ترسيخ التسلط والديكتاتورية والانفراد بالسلطة . وبالمقابل ، فان بعض حكام دول الشرق لم ينج ايضا من هذا المرض . ففي في الوقت الذي يجاهر فيه هؤلاء الحكام بكراهيتهم لامريكا ويشتمونها ليلا نهارا ، لا يبخلون ـ في جلساتهم الخاصة – بكيل المديح لنمط الحياة في امريكا ، والاشادة بجامعاتها العريقة وشركاتها الرائدة ، وبتقدمها العلمي والصناعي وببنوكها التي باتوا زبائن اساسيين فيها .وفوق ذلك كله ، هم لا يتوانون عن ارسال اولادهم للدراسة في امريكا و السعي للحصول على جنسيتها واقتناء منتجاتها الفاخرة ، ويحلمون بشراء القصور على شواطئء فلوريدا وقضاء الليالي الحمراء في سان فرنسيسكو او في مواخير كازيونوهات لاس فيغاس واتلانتيك سيتي. ولذلك يمكن القول بثقة تامة ، ،ان هؤلاء الحكام لا يكنون العداوة لامريكا بسبب سياستها العدوانية ، بل لوجود قيم على الارض الامريكية تبعث الخوف فيهم ، مثل الديمقراطية والتفكير الحر والتبادلية السياسية . فهم لا يطيقون ذكر هذه المفاهيم ،ويخشون من انتشار عدواها بين شعوبهم. ان العالم الذي ينزف اليوم من جائحة كورونا، يعاني ايضا من فيروس آخر ، انه فيروس التسلط ومصادرة حريات البشر الذي فتك بعدد من الحكام كان آخرهم الرئيس ترامب ، وبات يهدد بالانتشار السريع في مناطق مختلفة من الكرة الارضية . 22/6/2020