https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :
يبدو ان تفاعلات الاوضاع المتفجرة في اوكرانيا ،اضافة الى
التوتر المتصاعد في جنوب شرقي آسيا ، بدأت تُحدث الآن تصدعات عميقة في البنية الاساسية للنظام الدولي القائم . ويمكن ان تفضي هذه التصدعات الى اعادة النظر في مجمل نتائج الحرب العالمية الثانية ،لاسيما مع نهوض قوتين عسكريتين كبيرتين هما : اليابان والمانيا ، بعد ان بدأت تتفكك القيود التي فرضتها بعض الدول المنتصرة قبل سبعة قيود ونيف على كلتا الدولتين . ومقالتي اليوم ستكون مخصصة للنهوض العسكري الياباني ، على ان تعقبها مقالة اخرى عن المانيا .
في عام 1945 اعلن الامبراطور الياباني هيرو هيتو استسلام بلاده ، قائلا :”لا يهمني ما سيحدث لي شخصياً، لكنني اريد النجاة لجميع رعاياي”. وأضاف “أنه يتقبل شروط المنتصرين من أجل انقاذ الحضارة البشرية من الدمار التام” .وقد فرضت الدول المنتصرة بقيادة امريكا شروطا قاسية لضمان عدم انتعاش العسكرية اليابانية مجددا. من هذه الشروط احتلال امريكي لليابان ومرابطة قوات امريكية هناك ، والالتزام بعدم السماح للجيش الياباني ان يفوق عدده اكثر من 330 الف رجل ، واقتناء سلاح بحري لا يتجاوز مداه 200 كم ، وعدم تشكيل جيش ياباني موحد وتسمية الوحدات العسكرية باسم وحدات الدفاع الذاتي ، واقرار دستور سلمي يحظر على اليابان استخدام جيشها خارج اراضيها واقتناء الاسلحة النووية .وقد تولت الولايات المتحدة -باعتبارها سلطة احتلال –
مراقبة تنفيذ هذه البنود .
والآن ، وبعد مرور ثمانية وسبعين عاما ، تغض واشنطن النظر عن تلك الشروط ، وتسمح لطوكيو باعادة تأهيل المؤسسة العسكرية اليابانية ـ وذلك بغية تخفيض النفقات الامريكية ، واستخدام القوة العسكرية اليابانية لمواجهة كلا من الصين وروسيا . ولذلك شجعت واشنطن طوكيو على زيادة انفاقها العسكري ، وورحبت امريكا بالتوجهات العسكرية اليابانية الجديدة التي اقرتها الحكومة اليابانية .وفي ظل الضوء الاخضر الامريكي هذا ، سارعت طوكيو للاعلان نهاية العام الماضي عن ما يسمى بمبادرة الدفاع الاستراتيجي ، التي تستند الى ثلاثة وثائق ،تتعلق الأولى باستراتيجية الأمن القومي الجديدة، التي تشير الى ان كلا من الصين وكوريا الشمالية وروسيا باتت مصدر تهديد وقلق للامن الياباني . وتعلل طوكيو موقفها هذا بان روسيا قد ضمت جزر الكوريل ، وان الصين تطمح الى ضم جزر سنكاكو ( دياوويتاو ). اما كوريا الشمالية فقد اصبح مصدر تهديد نووي لليابان .
اما الوثيقة الثانية، فهي تتضمن خطة الدفاع الوطني ، التي تحتم تشكيل قيادة موحدة لقوات الدفاع الذاتي الثلاث ، وزيادة قدراتها العسكرية والفضائية والسيبرانية ، ووضع خطط هجومية بعيدة المدى، من اجل حماية اليابان والدفاع عن حلفائها .
و ترصد الوثيقة الثالثة، ميزانية هائلة للانفاق العسكري ، تتضمن زيادة الميزانية العسكرية اليابانية اربعة اضعاف ، وبذلك ستكون اليابان الدولة الثالثة في حجم الانفاق العسكري بعد امريكا والصين . كما تحتوي الخطة بنودا لمشتريات عسكرية بقيمة 320 مليار دولار في هذه الفترة الأولية، التي تبدأ في السنة المالية المقبلة، وتستمر حتى عام 2027
وقد اعلنت طوكيو ان ستشتري مزيدا من طائرات ف35 الامريكية ، واكثر من الف صاورخ استراتيجي امريكي يصل مداه الى اكثر من 1200 كيلومترا( للوصول الى البر الصيني ) ، اضافة الى تحسين وضع اسطولها البحري وزيادة عدد القوات البرية ، وتخصيص مبالغ كبيرة للارتفاع بالانتاج العسكري المحلي .
واذا ما ترجمنا هذه الخطة الى لغة الواقع ، فانها تعني ان اليابان قد تحولت من سياسة الدفاع الى مرحلة الهجوم ضد القوى التي تهدد المصالح اليابانية في جنوب شرقي آسيا .ولذلك كان من الطبيعي ان تدين بكين تنامي القدرات العسكرية اليابانية ، فالصينيون عانوا اكثر من غيرهم من الجرائم الوحشية التي ارتكبتها القوات اليابانية التي احتلت الصين في ثلاثيتيات القرن العشرين . كما عبرت موسكوعن قلقها من الخطط العسكرية اليابانية ، واعتبر مراقبون روس ، ان خطوات طوكيو هذه ستكون موجهة ضد روسيا ، لا سيما ان البلدين لا يزالان رسميا -حتى الآن ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية – في حالة حرب .
بالتأكيد ، سيؤدي اعادة تسليح اليابان الى ظهور حالة جديدة في منطقة شرق آسيا ، ستكون لها نتائج كبيرة ليس على الوضع في جنوبي آسيا فقط ، وانما في العالم كله . فاليابان دولة متقدمة تقنيا ، وتملك الكوادر والاموال اللازمة لانتعاش سريع للعسكرة ، لا سيما في المجال النووي . حيث تملك قاعدة علمية وصناعية متطورة جدا ، واقمار صناعية ومحطات نووية . والاهم من ذلك ، انها تملك كميات هائلة من اليورانيوم المخصب الكافي لانتاج نحو الف رأس نووي خلال اشهر .وفي ظل هذه المعطيات ، بقي ان نتصور حجم التحديات والاخطار التي ينطوي عليها نهوض اليابان العسكري .
5/1/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر + سبعة عشر =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube