أبرزت المحادثات المباشرة التي أجرتها نائبة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان، مع المسؤولين الصينيين الكبار أوجه الخلافات الكبيرة بين البلدين، على رغم أن الطرفين حاولا تخفيف حدة المواضيع الأكثر إثارة للجدل قياساً بالاجتماعات التي عقدت قبل أشهر في أنكوراج بألاسكا. واجتمعت شيرمان التي باتت أرفع مسؤول في إدارة الرئيس جو بايدن يزور الصين، مع نائب وزير الخارجية شي فينغ، في فندق منتجع مغلق في تيانجين، على بعد نحو ساعة من بكين، بالإضافة إلى اجتماعات منفصلة مع المسؤول عن العلاقات الأميركية – الصينية وزير الخارجية وانغ يي. وشددت شيرمان على أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى نزاع مع الصين على رغم أنها ستركز على «المنافسة الشديدة وعلى إبراز كل المخاوف الأميركية» من التصرفات والإجراءات الصينية في مجالات عدة تتعارض مع القيم والمصالح والأميركية.
وفي المقابل، أصدرت الصين قائمة طويلة من المطالب والشكاوى، متهمة الولايات المتحدة بمحاولة احتواء وقمع تنمية الصين. وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، بأن شيرمان سافرت إلى الصين لعقد اجتماعات مع مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي ومسؤولين صينيين آخرين. وقال إن شيرمان ووانغ أجريا «مناقشة صريحة ومنفتحة حول مجموعة من القضايا، مما يدل على أهمية الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة بين بلدينا». وبحثا في «سبل تحديد شروط الإدارة المسؤولة للعلاقة الأميركية – الصينية». ونقل عن شيرمان أن «الولايات المتحدة ترحب بالمنافسة الشديدة بين بلدينا – وأننا نعتزم الاستمرار في تقوية أيدينا التنافسية – لكننا لا نسعى إلى النزاع مع الصين». وأثارت شيرمان في جلسات خاصة «مخاوف» حيال مجموعة من إجراءات الصين التي «تتعارض مع قيمنا ومصالحنا، وتلك الخاصة بحلفائنا وشركائنا، التي تقوض النظام الدولي القائم على القواعد». وأشارت خصوصاً إلى «مخاوفنا في شأن حقوق الإنسان، بما في ذلك حملة بكين المناهضة للديمقراطية في هونغ كونغ، والإبادة الجماعية المستمرة والجرائم ضد الإنسانية في شينجيانغ، والانتهاكات في التيبت، وتقييد الوصول إلى وسائل الإعلام وحرية الصحافة». كما تحدثت عن «مخاوفنا حيال سلوك بكين في الفضاء الإلكتروني، وعبر مضيق تايوان، وفي بحر الصين الجنوبي والشرقي». ونسب برايس إلى شيرمان أنها أثارت قضايا المواطنين الأميركيين والكنديين المحتجزين في الصين أو الخاضعين لحظر الخروج، مذكرة المسؤولين الصينيين بأن «الناس ليسوا أوراق مساومة». وكررت «مخاوفها في شأن عدم رغبة الصين في التعاون مع منظمة الصحة العالمية والسماح بإجراء تحقيق في المرحلة الثانية في الصين في أصول (كوفيد – 19)»، بينما أكدت في الوقت ذاته على «أهمية التعاون في المجالات ذات الاهتمام العالمي، مثل أزمة المناخ، ومكافحة المخدرات، وعدم الانتشار، والاهتمامات الإقليمية بما في ذلك كوريا الديمقراطية وإيران وأفغانستان وميانمار.
وفي المقابل، حض نائب وزير الخارجية شي فينغ، الولايات المتحدة، على «تغيير عقليتها المضللة للغاية وسياستها الخطرة»، ملقياً باللوم على واشنطن في «جمود» العلاقات الثنائية. وقال وفقاً لملخص رسمي لتصريحاته خلال الاجتماع، إن بعض الأميركيين يصورون الصين على أنها «عدو متخيل». وأكد أن الصين تريد البحث عن أرضية مشتركة مع إهمال الخلافات، مما يسلط الضوء على الانقسام في النهج الأساسي لعلاقتهما. وفي إيجازه اليومي، قال الناطق باسم وزارة الخارجية تشاو ليجيان، إن الصين قدمت قائمة طويلة من المطالب، بما في ذلك سحب قيود التأشيرة على أعضاء الحزب الشيوعي الصيني وعائلاتهم، والعقوبات المفروضة على القادة والمسؤولين الصينيين والإدارات الحكومية ورفع قيود التأشيرات على الطلاب الصينيين. وقال إنه يتعين على واشنطن إنهاء الإجراءات ضد الشركات الصينية والطلاب والمنافذ التعليمية ووسائل الإعلام وسحب طلب تسليم المدير التنفيذي لشركة «هواوي» منغ وانزهو، الذي تحتجزه كندا. وتأتي زيارة شيرمان بعد اجتماع أول شديد الانقسامات في مارس (آذار) في أنكوراج، ألاسكا، حيث تبادل وانغ والدبلوماسي الصيني المخضرم يانغ جيتشي كلمات غاضبة مع وزير الخارجية أنطوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جايك سوليفان. وقالت شيرمان إن الجانبين لم يناقشا اجتماعاً محتملاً بين بايدن والرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي تكهن بعض المراقبين بأنه يمكن عقده على هامش قمة مجموعة العشرين في روما في نهاية أكتوبر (تشرين الأول