https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :

بعد عقود من التطور المتصاعد للعلاقات الاوربية  – الصينية ، والذي ادى الى ان تشغل اوربا موقع الشريك التجاري  الاول  لبكين ( 830 مليار دولار سنويا )، بدأت هذه العلاقات تعاني من  ازمة ثقة  غير مسبوقة ، تفسد الاجواء الطيبة التي سادت طويلا التعاون بين الجانبين .

ثلاثة عوامل ادت الى ظهور شقوق في تلك العلاقات :

الاول ، ويتجلى في الاجراءات التضييقية  التي اتخذتها  السلطات الصينية  تجاه الشركات الاجنبية عامة والاوربية خاصة ، وهو امر خلق مشكلات  قانونية ومالية  وفنية كبيرة  عكٌرت افق تواجد هذه الشركات في الصين . ( تحدثنا بالتفصيل عن هذه الاجراءات في كتابنا “الهلع من الصين – الفرص الضائعة “.  يضاف الى ذلك ،  ارتفاع تكاليف  اليد العاملة  والخدمات والضرائب  وخدمة القروض في  الصين ، والتضييق على تحويل الارباح والحد من الاستيراد  . ولذلك ، فان عددا كبيرا من الشركات الاوربية بدأ يخطط  للعودة الى اوربا ، وللرحيل من الصين باتجاه فيتنام والهند وبنغلاديش  وغيرها.

العامل الثاني ، هو تهاوي قناعة تمسٌك بها الاوربيون طيلة العقود الاربعة الماضية ، وهي ان التعاون الاقتصادي المتين

يمكن ان يوفر الامن والاستقرار والسلام  . وقد تصدعت تلك المقولة  على وقع التوتر الشديد  الذي يلف الآن بحر الصين الجنوبي ، و المسألة التايوانية و تفاقم الخلافات بين الصين ومعظم جيرانها في تلك المنطقة ، وايضا على وقع السياسة الهجومية التي تتبعها بكين في مناطق كثيرة من العالم .

العامل الثالث ويمكن اجماله  في  الدروس المستقاة من الازمة الملتهبة في اوكرانيا . ويقول الاوربيون ، ان تلك الازمة اظهرت خطورة تبعية اوربا لروسيا في مجالي الطاقة والمواد الخام ، وانهم – اي الاوربيون – لا يريدون  تكرار تلك التبعية مع الصين ، خاصة  ان اجزاء مهمة من حلقات الانتاج الاوربي باتت تعتمد على مكونات تصنع في الصين .ولذلك اتخذ وزراء خارجية الاتحاد الاوربي الاسبوع  الماضي قرارا يؤكد على مراجعة علاقات اوربا مع الصين ، بما يشمل خفض الاعتماد الاقتصادي عليها .

كما تركت   تصريحات السفير الصيني في فرنسا والذي شكك فيها بشرعية الدول التي  ظهرت من انهيار الاتحاد السوفياتي ، آثارا سلبية  على الثقة بين الصين والاوربيين .

ومن اجل تطويق تداعيات تلك التصريحات ، اصدرت وزارة الخارجية الصينية  بيانا اكدت فيه تمسكها باستقلال وسيادة جميع الدول التي تأسست عقب زوال الاتحاد السوفياتي .

وفي مؤشر آخر على تخلخل الثقة بين الجانبين ، ايد  وزراء خارجية الاتحاد الاوربي  – اول مرة –  فرض  عقوبات على شركات صينية  بسبب تعاملها مع روسيا .وقد دانت بكين هذا القرار ، و ارسلت نائب رئيسها ووزير خارجيتها في جولات منفصلة على الدول الاوربية  بهدف تدارك تلك التوجهات السلبية ، واصلاح الامور مع الاتحاد الاوربي .وحتى الان ، لم تظهر نتائج ايجابية لتلك الجولات.

ملخص القول ،  ان الدول الاوربية بصدد  اعادة النظر بالاسس التي ارتكزت اليها العلاقات الصينية الاوربية خلال الاعوام الاربعين الماضية . وهو توجه ستم اقراراه في القمة الاوربية التي ستعقد الشهر القادم ، والتي ستبلور استراتيجية جديدة للتعامل مع الصين . وسيكون  الهدف الاساسي لهذه الاستراتيجية الاوربية: ضبط الموقف الاوربي   تجاه الصين ،والحد من التبعية الاقتصادية  لها .

وهذا يعني عمليا ، ان العلاقات الاوربية الصينية مقبلة على تغييرات عميقة ،  قد تفضي الى نهاية شهر العسل الذي امتد نحو اربعة عقود بين الجانبين .

14/5/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 − ستة عشر =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube