اتخذت الولايات المتحدة مجموعة إجراءات جديدة ضد الصين في مجالات مختلفة، قوبلت باستنكار من بكين التي قالت إن بعض القوى “المتطرفة” في واشنطن تحركها عقلية الحرب الباردة.
وقالت وزارة الأمن الداخلي الأميركية إنها اتخذت تدابير جديدة لمنع واردات القطن من إقليم شينجيانغ الصيني لأنها نتجت عن السخرة المفروضة على أقلية الإيغور المسلمة.
وأوضحت الوزارة في بيان صدر أمس الأربعاء أنه صار بإمكان الجمارك الأميركية حجز حمولات تحتوي على قطن مستورد من شركة “شينجيانغ للإنتاج والبناء”، التي توصف بأنها مؤسسة اقتصادية وشبه عسكرية، وتخضع لعقوبات من وزارة الخزانة الأميركية منذ أغسطس/آب الماضي.
وأشار البيان إلى أن هذا سادس إجراء تتخذه السلطات الأميركية خلال 3 أشهر لقطع الطريق على البضائع التي أنتجت من “العمل القسري” المفروض على الإيغور في شينجيانغ، وفقا للوزارة.
وقال كين كوتسينلي نائب وزير الأمن الداخلي في البيان إن “الرئيس دونالد ترامب والشعب الأميركي لن يتسامحوا مع انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام الشيوعي الصيني”.
ويعد إقليم شينجيانغ في غربي الصين أكبر المناطق المنتجة للقطن في البلاد، ويشكل الإيغور المسلمون والناطقون بالتركية المجموعة العرقية الكبرى فيه.
وتتهم منظمات دولية ودول غربية بكين باضطهاد واسع للإيغور، وإرسالها أكثر من مليون منهم إلى معسكرات اعتقال في شينجيانغ أطلق عليها “مخيمات إعادة تأهيل”.
وتنفي بكين هذا العدد، وتقول إن تلك المخيمات عبارة عن مراكز تأهيل مهني تهدف إلى مساعدة السكان في العثور على عمل والابتعاد بالتالي عن التطرف.
قيود على التأشيرات
وبالتوازي مع حظر واردات القطن، اعتمدت واشنطن قيودا جديدة أكثر صرامة على دخول أعضاء الحزب الشيوعي الصيني إلى الولايات المتحدة، وفقا لما أوردته اليوم الخميس صحيفة نيويورك تايمز (New York Times) نقلا عن الخارجية الأميركية.
وتحد القواعد الجديدة التي دخلت الأربعاء حيز التنفيذ، من مدة تأشيرات الدخول التي تمنح لأعضاء في الحزب الشيوعي الصيني وأفراد من عائلتهم، إلى شهر واحد فقط، ولا تسمح إلا بدخول لمرة واحدة.
ونقلت نيويورك تايمز عن متحدث باسم الخارجية الأميركية قوله “على مدى عقود، سمحنا لأعضاء في الحزب الشيوعي الصيني بالدخول بشكل حر ومن دون عراقيل إلى المؤسسات والشركات الأميركية، رغم أن هذه المميزات نفسها لم تقدم قط بشكل حر إلى المواطنين الأميركيين في الصين”.
وكان بإمكان طالبي تأشيرات الدخول في الماضي الحصول على تأشيرات زيارة تبلغ مدتها 10 سنوات. وقالت الصحيفة إن القيود الجديدة يمكن أن تطبق نظريا على نحو 270 مليون شخص.
وتشهد العلاقات بين القوتين الدوليتين توترا في ميادين عدة، وفرض كل منهما قيودا تحد من السفر على مواطني البلد الآخر.
وطردت السلطات الصينية هذا العام نحو 15 صحفيا أميركيا يعملون لدى نيويورك تايمز وواشنطن بوست (The Washington Post) ووول ستريت جورنال (The Wall Street Journal).
وألغت إدارة الرئيس دونالد ترامب من جانبها تأشيرات أكثر من ألف طالب وباحث صيني بموجب تدابير فرضت في يونيو/حزيران الماضي. واتهمت عددا منهم بالتجسس وسرقة الملكية الفكرية.
وقال جون ديميرس مساعد وزير العدل الأميركي لشؤون الأمن القومي في إفادة صحفية أمس الأربعاء إن أكثر من ألف باحث صيني غادروا الولايات المتحدة.
عملاء صينيون
وخلال الإفادة نفسها، صرح مدير المركز الوطني للأمن ومكافحة التجسس وليام إيفانينا بأن عملاء صينيين يستهدفون بالفعل أفرادا من الإدارة الأميركية المقبلة التي سيقودها الرئيس المنتخب جو بايدن إضافة إلى “مقربين” من فريق بايدن.
اعلان
من ناحية أخرى، امريكا أبوابها أمام الصين
وافق مجلس النواب الأميركي على قانون أقره مجلس الشيوخ، من شأنه أن يغلق البورصات وأسواق المال الأميركية أمام شركات صينية. ويمكن إحالة «قانون مساءلة الشركات الأجنبية» إلى مكتب الرئيس الأميركي دونالد ترمب للموافقة النهائية عليه.
والإجراء الذي قدمه في 2019 السيناتور الجمهوري عن لويزيانا جون كينيدي، يفرض على الشركات الأجنبية المدرجة في بورصات الولايات المتحدة، التقيد بشروط المحاسبة لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية. وعديد من الشركات الأجنبية تلتزم بذلك المعيار؛ لكن ليس الشركات الصينية.
إضافة إلى ذلك، سيتعين على مجموعات صينية مدرجة في الأسواق المالية الأميركية الكشف عما إذا كان أحد أعضاء مجلس إدارتها، أو أكثر، ينتمون للحزب الشيوعي الصيني.
ووفقاً لأرقام لجنة في الكونغرس، فإن 217 شركة صينية كانت في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) مدرجة في البورصات الأميركية، بقيمة إجمالية تقدر بنحو 2.2 تريليون دولار بناء على أسعار الأسهم. وعدد ضئيل من تلك الشركات مدرج أيضاً في الأسواق الآسيوية، ويمكن أن تعود إلى تلك الأسواق في حال إلغاء إدراجها في الولايات المتحدة.
ومن تلك الشركات الكبرى مجموعة «علي بابا» العملاقة للتجارة الإلكترونية التي حققت في 2014 أكبر طرح أولي في سوق نيويورك بلغ 25 مليار دولار. وأيضاً منافستها «جي دي دوت كوم» المدرجة في مؤشر «ناسداك» لأكبر شركات التكنولوجيا، وفي بورصة هونغ كونغ.
والقانون الذي وافق عليه الكونغرس يأتي في إطار نزاع تجاري وسياسي بين واشنطن وبكين، ويستهدف ممارسات محاسبة مبهمة، تستخدمها شركات صينية تطرح أسهمها في بورصات أميركية.
وسبق أن صاغت هيئة الأوراق المالية والبورصات مقترحات مماثلة للخطوة التي وافق عليها مجلس النواب الأربعاء.
ومن جهة أخرى، أعلنت الولايات المتحدة عن تدابير جديدة لمنع واردات القطن من منطقة شينجيانغ الصينية التي أنتجت، وفق واشنطن، بفعل «تشغيل قسري» لأقلية الإيغور المسلمة.
وأصبح بإمكان الجمارك الأميركية حجز حمولات تحتوي على قطن مستورد من شركة «شينجيانغ للإنتاج والبناء»، وفق بيان صدر الأربعاء عن وزارة الأمن الداخلي. وتخضع هذه المنظمة الاقتصادية وشبه العسكرية أيضاً منذ أواخر أغسطس (آب) الماضي لعقوبات من وزارة الخزانة الأميركية. وقال البيان إن هذا سادس إجراء تتخذه السلطات الأميركية منذ ثلاثة أشهر، لقطع الطريق أمام البضائع التي أنتجت من «عمل قسري» في شينجيانغ.
ومنعت الولايات المتحدة منتصف سبتمبر (أيلول) استيراد سلسلة من البضائع المنتجة في شينجيانغ، بينها القطن والقماش ومستحضرات شعر ومعدات معلوماتية، متهمة بكين بأنها ترغم الإيغور على «العمل القسري».
وقال كن كوشينيللي، نائب وزير الأمن الداخلي في البيان، إن «الرئيس دونالد ترمب والشعب الأميركي لن يتسامحوا مع انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام الشيوعي الصيني». وأضاف أن «وزارة الأمن الداخلي تأخذ المبادرة من أجل تطبيق قوانيننا، وضمان أن من يقومون بانتهاك حقوق الإنسان، ومن ضمنهم الشركات الأميركية، لن يكون مسموحاً لهم التلاعب بنظامنا للاستفادة من العمل القسري».
وأواخر سبتمبر، اعتمد مجلس النواب الأميركي بغالبية ساحقة مقترح قانون، على مجلس الشيوخ أن يوافق عليه أيضاً، يمنع غالبية الواردات الآتية من تلك المنطقة، وبالتالي المنتجات المصنعة بفعل «عمل قسري» للإيغور: «ينتهي بها الأمر هنا في البيوت والمتاجر الأميركية»، على حد تعبير رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.
وتتهم الدول الغربية ومنظمات دولية بكين باضطهاد واسع للإيغور، وإرسالها أكثر من مليون منهم إلى «مخيمات إعادة تأهيل» في شينجيانغ. وتنفي بكين هذا العدد، وتقول إن المراكز هي عبارة عن مراكز تأهيل مهني، تهدف إلى مساعدة السكان في العثور على عمل، والابتعاد بالتالي عن التطرف
بدوره ،صعّد مدير المخابرات الوطنية الأميركية، جون راتكليف، هجمات الرئيس دونالد ترمب القاسية على بكين، ، بوصفه الصين بأنها أكبر تهديد للديمقراطية والحرية على مستوى العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وقال إنها مصممة على الهيمنة عالمياً، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء.
وذكر راتكليف، في مقال للرأي نشره موقع صحيفة «وول ستريت جورنال» الإلكتروني: «معلومات المخابرات واضحة، بكين تعتزم الهيمنة على الولايات المتحدة وبقية الكوكب اقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجياً».
وأضاف راتكليف، وهو عضو جمهوري سابق في الكونغرس، عيّنه ترمب على رأس أجهزة المخابرات الربيع الماضي، أن الصين تشكل «الخطر الأكبر على أميركا اليوم، وأكبر تهديد للديمقراطية والحرية على مستوى العالم منذ الحرب العالمية الثانية». ومضى يقول إن نهج الصين في التجسس الاقتصادي يتألف من 3 جوانب، هي «اسرق وانسخ واستبدل
في الجانب الآخر، عقبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية خوا تشونغ ينغ في إيجاز صحفي اعتيادي اليوم الخميس على بعض تلك الإجراءات الأميركية، وقالت إن بعض القوى في واشنطن تضطهد الصين سياسيا.
ورأت خوا أن الممارسات الأميركية فيما يتعلق بحظر الواردات تقوّض مبادئ السوق، واتهمت السياسيين الأميركيين بنشر أخبار مزيفة تزعم وجود عمالة قسرية.ا
وفيما يتعلق بإجراءات دخول الولايات المتحدة، لم تؤكد المتحدثة تلك القيود الجديدة، لكنها قالت إن تقارير سابقة عن نية واشنطن القيام بذلك تظهر “كراهيتها وعقليتها الشاذة تجاه الحزب الشيوعي”.