https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

عدد من المؤلفين
عرض: حنان نبيل

شارك عدد من الخبراء والمفكرين الاستراتيجيين البارزين في إعداد كتاب بعنوان “التحديات الاستراتيجية للهند في 2030″؛ إذ يحاول الإجابة على التساؤل الرئيسي المتعلق بمدى قدرة الهند على مواجهة التحديات المختلفة خلال العقد الجديد، عبر تناول التحديات الإقليمية والوظيفية للأمن القومي، والتحديات التي من النوع الذي قد تحتاج الهند إلى الاستعداد له واقتراح الحلول الممكنة لواضعي السياسات للنظر فيها، مع التركيز بشكل كبير على الصين وباكستان؛ كونهما من أكبر التحديات الاستراتيجية المباشرة للهند، علاوةً على موقع الهند من الصراع بين القوى الكبرى، ومستقبل التحديات المحتملة من منظور الأمن القومي الهندي.

تهديدات الصين

يمكن تناول أبرز التهديدات الرئيسية التي تمثلها الصين للهند حتى عام 2030؛ وذلك على النحو التالي:

1– مخاطر الاستراتيجية العسكرية الصينية: بالنظر إلى مطالبات الصين الإقليمية المتزايدة، فإن الخطر الأكثر إلحاحاً على الهند سيكون عسكرياً؛ حيث تمتد استراتيجية الصين العسكرية إلى ما وراء الحرب التقليدية؛ إذ تقوم على هجوم الدعاية والهجوم الإلكتروني؛ فقبل بدء النزاع، تخطط بكين لنشر المفوضين السياسيين لجيش التحرير الشعبي وغيرهم من الأفراد بقوات أمامية في المناطق الحدودية. كذلك سيتم استخدام العناصر المؤيدة لبكين في الدولة الخصم الذين لديهم إمكانية الوصول إلى وسائل الإعلام؛ لنشر الأحداث المزودة بالدعاية والمعلومات المضللة وفقاً للرؤية الصينية.

هذا الهجوم الدعائي سيتبعه هجوم إلكتروني واسع النطاق، يهدف في البداية إلى تعطيل الاتصالات بين القيادات السياسية والعسكرية، وبين التشكيلات العليا والدنيا للقوات المسلحة. سيتوسع هذا لاحقاً ليشمل الهجمات على المرافق العامة لتعطيل الحياة الطبيعية وزيادة الضغط على القيادة للاستسلام. بعد ذلك، ستبدأ القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي المراحل الافتتاحية للصراع، جنباً إلى جنب مع القوة الصاروخية الصينية، يليها هجوم من القوات البرية؛ لذلك يجب أن تكون الهند مستعدة لمثل هذا الهجوم المنسق، ويكون تعزيز الدفاعات الإلكترونية أولوية.

2– توظيف التكنولوجيا والنفوذ السياسي: أدَّت الجهود المستمرة والناجحة التي تبذلها شركات الاتصالات والتكنولوجيا الرائدة في الصين – وبالتحديد “هواوي” و”زد تي إي” – إلى وضع الاتصالات الهامة في الهند تحت سيطرتها؛ ما يجعل هذا القطاع الحيوي عرضة للاختراق. الآن فقط، أدركت الهند نقاط الضعف هذه، وقرَّرت منع تلك الشركات من تجارب تكنولوجيا الاتصالات 5G. من ناحية أخرى، استخدمت الصين ببراعة، قوتها المالية وإغراء أسواقها، ودوائر دعمها في المنظمات العالمية، إلى جانب عضويتها الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (UNSC)، لمنع انضمام الهند إلى مجلس الأمن الدولي، ومجموعة موردي المواد النووية (NSG) وغيرها من المنظمات الدولية التي ترى أنها يمكن أن تُبرز الصورة العالمية للهند.

3– الهيمنة على الأمن الغذائي والمائي: بالنظر إلى المستقبل غير البعيد؛ حيث من المحتمل أن يؤثر تغير المناخ على كل من الأرض والمياه، تبذل الصين جهوداً جادة لضمان الأمن الغذائي والمائي. ومع توقع نقص حاد في الغذاء العالمي بحلول عام 2030، تشتري الصين بقوة الأراضي الزراعية في جميع أنحاء العالم. وبناءً عليه، ستواجه الهند – التي يبلغ عدد سكانها عدد الصينيين نفسه تقريباً – منافسة متزايدة من بكين لتأمين موارد الغذاء والمياه الشحيحة. ولعل الصراع في أوكرانيا، قد سلط الضوء على خطر نقص الغذاء.

4– العلاقات المشاطئة بين الصين والهند: قد تؤدي الأنهار الممتدة بين بلدين، لا سيما عندما تتخطى الحدود السياسية، إلى نزاعات، وتُنشئ علاقة صراعية بطبيعتها. وهنا يمكن أن يقع حوض نهر يارلونج تسانجبو/ براهمابوترا المشترك بين الهند والصين، في هذه الفئة. وفي حين أن الصين في وضع فريد، نظراً إلى موقعها الجغرافي في المنبع لتأمين إمدادات المياه من جانب واحد، فإن الهند، بصفتها شريكاً في المصب، تتعرَّض لعرقلة استراتيجية، إن لم يتم إعاقتها تماماً من قبل مشاريع تنمية المياه الصينية. بالإضافة إلى ذلك، يتعرَّج نهر براهمابوترا إلى بنجلاديش قبل أن يصب في خليج البنغال، ومن ثم فإن الهند تتحمل مسؤولية إضافية تتمثل في ضمان عدم تضرر بنجلاديش. علاوة على ذلك، لا يزال النهر غير خاضع للحكم؛ أي بدون اتفاق أو معاهدة دائمة. بدلاً من ذلك، توجد آلية غير دائمة لتبادل البيانات الهيدرولوجية تكون تعاقدية ومحدودة النطاق وغير ملزمة.

ارتدادات باكستان

يمثل ملف العداء بين الهند وباكستان أحد الملفات الرئيسية في سياسة البلدين على مدار عقود ماضية، ويمكن تناول ذلك على النحو التالي:
(Read more) دراسة في العلاقة الأمنية والعسكرية بين حلف شمال الأطلسي والاتحاد الاوربي بعد الحرب الباردة (1991-2016)

1– اعتبار باكستان مصدر خطر مستمر: لا تُعتبَر باكستان (الجار الغربي للهند) دولة فاشلة، بل دولة متعثرة. قد يكون هذا وضعاً أكثر خطورةً على الهند أن تواجهه؛ إذ اتخذت باكستان خيارها لسياسة العداء المستمر تجاه الهند، وربما تستعد للتعامل مع نيودلهي في بُعدَين: يتمثل الأول في الإرهاب، ولكن في ظل ظروف التكنولوجيا الفائقة. ومن المُرجَّح أن يشمل البعد الثاني تحدياً ذا جبهتين من باكستان والصين؛ حيث قد تكون الأولى راضية عن استيعاب المصالح المهيمنة للأخيرة، وقد تسمح باستخدام أراضيها من قبل بكين لشن تحدٍّ من البحار والمحيطات إلى جنوب الهند؛ كل ذلك مقابل مساعدات مالية وعسكرية؛ ما من شأنه أن يُطوِّق الهند من ثلاث جهات: الشمال والغرب والجنوب.

2– امتلاك باكستان قدرات عسكرية كبيرة: تُعتبَر باكستان مُعادِية للهند بكل الطرق؛ إذ تتمثل رغبتها النهائية في تفتيت أوصال الهند؛ لذلك فإن الجهاد ضد الهند هو أكثر من مجرد التزام، بل يعتبر شرفاً بالنسبة للباكستانيين. أما من حيث قدرات باكستان، فهي تمتلك العديد من الأسلحة الفتاكة والمتطورة، ومع ذلك من غير المرجح أن يشن الجنرالات في إسلام أباد ضربة نووية، بل ربما تكون حيازة الرؤوس الحربية والقذائف النووية للرضا عن النفس أكثر من الاستخدام الفعلي؛ إذ كان الهدف من امتلاك باكستان الأسلحة النووية، مواجهة تفوق الهند في الأسلحة التقليدية، ومنح البلاد بعض الأمن.

وبالرغم من ذلك، قد يكون من التفاؤل المفرط الاعتقاد بأن باكستان ستتخلى عن استخدام هذه الأسلحة؛ فلا يمكن لأي دراسة جادة للسياسة النووية لذلك البلد، أن تتجاهل جهوده المتجددة لتعزيز قدراته في مجال الأسلحة النووية؛ لأن ما يبدو عليه الأمر أن ما تمتلكه باكستان حالياً من أسلحة، لا يمنح إسلام أباد الأمن الذي تتطلبه؛ لذا تواصل البحث عن المزيد ولو من خلال التهرُّب من اللوائح الدولية تحت غطاء استخدام تلك الأسلحة التكنولوجية في التعليم والصحة.

3– تحول ملف الاقتصاد لمصدر توتر محتمل: يتطلَّب الاقتصاد الباكستاني إصلاحات عاجلة وعميقة؛ إذ تتحمل باكستان ديوناً ليس لدفع تكاليف مشاريع البنية التحتية الخاصة بها، ولكن لتلبية احتياجاتها اليومية والإنفاق الحكومي؛ أي إن الاقتصاد يواجه كارثة حقيقية. ما يعنيه هذا هو أن جاراً معادياً وضعيفاً اقتصادياً، سيبحث عن أكباش فداء وتحويلات للخروج من مأزقه. هناك أيضاً مخاوف من الاضطرابات الداخلية في باكستان؛ ما قد يؤدي إلى وصول اللاجئين إلى الهند.

4– معضلة التقارب الصيني المتزايد مع باكستان: كالعادة، أشادت القيادة الباكستانية بفضائل الصداقة مع الصين وآفاق التنمية الاقتصادية؛ فبكين لديها مصالح راسخة في باكستان؛ لذا فإنها ستظل المصدر الرئيسي للتمويل والأسلحة لإسلام أباد في جميع المجالات. قد تكون أهداف الصين من تلك الصداقة أوسع، لكنَّهما تشتركان في هدف واحد يتمثل في إبقاء الهند في حالة انحدار. خير مثال على تلك الصداقة، الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC)، الذي أدى إلى تغيير كبير في الجغرافيا الاستراتيجية لشبه القارة الهندية؛ إذ يدمج القوة العسكرية للصين وباكستان، ويعزز تقارب المصالح والطموحات الإقليمية. مع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، عكست الصين موقفها الغامض حتى الآن بشأن كشمير، وأيَّدت بشكل فعَّال احتلال باكستان الأراضيَ التي تدَّعي الهند السيادة عليها.

القوى الكبرى

تسعى السياسة الخارجية الهندية إلى إدارة علاقاتها بمرونة مع القوى الكبرى؛ وذلك على النحو التالي:

1– اتجاه الولايات المتحدة لتعزيز العلاقات مع الهند: لقد أثرت أربعة عوامل تاريخياً على العلاقات بين الهند والولايات المتحدة، تمثلت في تصور واشنطن لدورها العالمي والتحديات التي تواجهها، والاختيار الناتج للاستراتيجية والشركاء. وهنا تأتي أهمية باكستان في هذا السياق؛ هذا بالإضافة إلى قوة العلاقات الاقتصادية والدفاعية والسياسية الثنائية، والبحث عن ميزة سياسية وعسكرية واستراتيجية ضد الهند، ناهيك عن انتشار التعاون أو علاقة العداء في تقييم الصين؛ فلقد وُصفت الصين بأنها المنافس الوحيد الذي يحتمل أن يكون قادراً على الجمع بين قوتها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية، لتشكيل تحدٍّ مستدام. وعليه، ستوفر الأولوية الرئيسية للولايات المتحدة للتعامل مع التحدي الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري من الصين، التقارب لتقدم الشراكة الاستراتيجية العالمية الشاملة بين الولايات المتحدة والهند. ولقد حفَّز هذا المنظور واشنطن على تعديل نظام عدم الانتشار العالمي، وفتح الباب أمام التعاون النووي المدني الدولي مع الهند، وتوسيع التعاون المدني والعسكري بين الهند والولايات المتحدة.
(Read more) القوة الرابعة: الإستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين

2– اختبار الحرب الأوكرانية علاقةَ واشنطن ونيودلهي: ستؤدي الخلافات بشأن أوكرانيا، والتصورات المتعلقة بالقرصنة الإلكترونية الروسية ضد الكيانات السياسية والاقتصادية والحكومية الأمريكية، إلى إعاقة أي حركة إيجابية عامَّة بين واشنطن وموسكو. ولقد شكَّل هذا التطور اختباراً أيضاً للعلاقة بين الولايات المتحدة والهند؛ حيث إن الهند، بتعاونها الدفاعي وعلاقتها التاريخية مع روسيا، لم تدعم العقوبات ضد روسيا، ولم تتماشَ مع الأصوات التي تقودها الولايات المتحدة المنتقدة لموسكو في المنظمات الدولية. وعليه، ستكون العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، تحدياً للهند؛ حيث ستخضع المشتريات الدفاعية الرئيسية من روسيا لتدقيق الخصوم.

ويبدو أن روسيا ستكون قلقة من حدوث مزيد من التراجع المحتمل في حصتها النسبية من إمدادات الأسلحة إلى الهند، وترى أن تعزيز الشراكات الأمريكية عالمياً يمثل تحدياً في موقعها النسبي تجاه واشنطن. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فسيكون من المهم بالنسبة لها أن تدرك مصلحتها الخاصة في التنازل عن الفضاء الجيوسياسي للهند، مع مراعاة علاقتها التاريخية مع روسيا؛ حيث إن ما يقرب من 60% من مخزون الدفاع في البلاد من أصل روسي؛ وذلك حتى لا تُعزِّز شكوك وتصورات في الهند عن الولايات المتحدة كشريك غير موثوق به.

3– توفيق هندي مستمر للعلاقات مع الدول الكبرى: تظل طبيعة مجموعات الأسلحة والتقنيات التي تنقلها روسيا إلى الهند، محاطة بالسرية، لكن من المعروف أنه لا توجد دولة أخرى تُزوِّد الهند بمستوى التقنيات العسكرية التي تُوفِّرها روسيا. وتستند مشاركة مثل هذه التقنيات الحساسة بين الدول، إلى التقارب الاستراتيجي والضمانات الموثوقة بأن هذه التقنيات لن يتم تقاسمها مع دول أخرى يُحتمَل أن تكون معادية. يحتاج البلد المتلقي أيضاً إلى تأكيد موثوق به أن الإصدار نفسه من منصة الأسلحة (أو إصدارًا أعلى منه)، لا يتم توفيره لخصمه.

وستستمر العلاقات بين الهند وروسيا في تأثرها بفعل المد الجيوسياسي العالمي. ولقد بذل المسؤولون الهنود جهوداً مضنية ليشرحوا لشركائهم الغربيين أن مصالح الهند المشتركة مع روسيا، وفي أوراسيا، لا تحتاج إلى أن تتعارض مع مصالح شركائها الاستراتيجيين الآخرين. بشكل عام، يكمن في جوهر تلك العلاقات تكوين أربعة مثلثات: الولايات المتحدة – روسيا – الصين، الهند – الولايات المتحدة – روسيا، الهند – الولايات المتحدة – الصين، – الهند – الصين – روسيا. إن تكوين كل منها حسَّاس تجاه تكوين الآخرَين، وسيتعين على الهند أن تلعب بأوراقها الدبلوماسية بمهارة، بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية.

4– مساعٍ هندية للانخراط في منطقة آسيا الوسطى: تعتبر آسيا الوسطى الواقعة بين روسيا والصين، منطقة ذات أهمية استراتيجية للهند؛ إذ تقع على حدود إيران وأفغانستان وباكستان وكشمير المحتلة. وتهيمن روسيا والصين على المنطقة اليوم؛ لذلك من المهم أن تكون الهند حاضرة هنا لمراقبة ديناميكيات روسيا والصين فيها. ونظراً إلى أن دول المنطقة تسعى إلى زيادة استقلاليتها في العمل عن روسيا والصين، رحَّبت بتقوية الروابط مع الهند التي كانت لها روابط اقتصادية وثقافية مع المنطقة منذ وقت طويل. من ناحية أخرى، تنظر روسيا إلى الحوار الرباعي “كواد”، على أنه خطوة نحو شبه تحالف هندي مع الولايات المتحدة؛ ما من شأنه أن يفك ارتباط البلاد بروسيا. ولكن سعت الهند مراراً إلى تهدئة هذا التخوف؛ فرسالتها هي أن الشراكات التي تسعى إليها في منطقة الهندو–باسيفك، تهدف إلى منع الهيمنة الصينية في المنطقة، وهو ما يجب أن يكون في مصلحة روسيا أيضاً.

مستقبل الأمن

لفت التقرير إلى مستقبل التحديات المرتبطة بالأمن القومي الهندي؛ وذلك على النحو التالي:

1– تغيير التكنولوجيا من مستقبل الحروب: في الحرب البرية في المستقبل، ستكون المناورات الكبيرة التي تقوم بها الجيوش في السهول والصحاري، أمراً صعباً. بدلاً من ذلك، ستكون حقبة تشمل فيها المعاركُ – بالإضافة إلى القوات التقليدية – مزيجاً من الميليشيات والمقاتلين والجماعات الإرهابية والقذائف الدقيقة وحرب المعلومات. وهكذا فإن التكنولوجيا تُغيِّر الطريقة ذاتها التي حلَّلنا بها الحروب وخُضناها؛ ففي الحروب المستقبلية، ستتخذ الآلات قرارات تتعلق بحياة أو موت، دون الاعتماد على الواجهة البشرية.

2– توظيف التقنيات المتقدمة ضد الخصوم: لقد تم استخدام التكنولوجيا لحماية الدول من الأعداء، وكذلك لتحسين نوعية الحياة. في هذا السياق، هناك نوعان من التكنولوجيا؛ “التقنيات التخريبية” أو “التكنولوجيا التخريبية” – وتشير إلى أي تقنية جديدة تماماً تحل محل تقنية موجودة وتعطلها؛ ما يجعلها قديمة – وهي إما أنها تُحدِث ثورة في الحرب بالفعل أو ستُحدث ذلك في فترة زمنية قصيرة (خمس إلى عشر سنوات).
(Read more) تطورات استهلاك الطاقة فى الدول الأعضاء وآفاقه المستقبلية

أما النوع الثاني فهو “التقنيات الناشئة” التي تستكشف مجالات دراسة جديدة تماماً، فلا تزال تطويراتها أو تطبيقاتها العملية أو كلتاهما غير محقَّقتَين إلى حدٍّ كبير، بحيث تنشأ إلى الوجود بشكل مجازي، لكن استخدامها محدود جداً حالياً، ومن المتوقع أن تظهر آثارها المدمرة الأكبر على مدى فترة زمنية أطول (عشرة إلى عشرين عاماً). ومع ذلك، فإنه في كثير من الأحيان، يُلاحَظ أن التكنولوجيا تتطور بشكل أسرع من المتوقع. ومن ثم، يمكن أن تنمو بعض التقنيات في هذه المجموعة الأخيرة في فترة زمنية أقصر بكثير؛ لذا فهناك حاجة إلى مراقبة. لذلك يجب أن يكون هناك تغيير جوهري في استراتيجية الدفاع الهندية؛ فهي بحاجة إلى سد الفجوة بسرعة في الطريقة التي تتعامل بها مع التقنيات العسكرية مقابل التقنيات المدنية. ولقد تم تنفيذ التطورات التكنولوجية العسكرية في الهند، في الغالب، في إطار المنظمات التي تمولها وتسيطر عليها الحكومة، بينما تم تطوير التقنيات المدنية أو الحصول عليها من قبل الصناعة، وكانت مساهمة المجتمع الأكاديمي في كل هذا ضئيلة.

3– ثلاثة تحديات في الفضاء الجوي: يُمكِن تصنيف تحدِّيات الفضاء الجوي إلى ثلاث فئات يترابط بعضها إلى حدٍّ ما بالبعض: الأول والأهم هو الافتقار إلى التكنولوجيا الكافية؛ فلقد كانت أبحاث الهند في العلوم الأساسية غير كافية، وهو ما أدى إلى الافتقار إلى قاعدة المعرفة في هذا المجال؛ حيث يتطلَّب هذا القطاع بعض التقنيات الفريدة والمتطورة التي حُرمت منها الهند تقليدياً من قبل الدول الأكثر تقدماً، التي تُفضِّل أن تبيع المنتجات الجوية، لكنها ليست على استعداد لمشاركة التقنيات لأسباب تجارية وسياسية.

أما التحدي الثاني فيتمثل في الجانب المالي؛ حيث إن اقتناء أنظمة الفضاء الجوي مُكلِّف للغاية، والبحث في هذا المجال مُكلِّف أكثر. وعليه، فإن الهند باعتبارها دولة نامية، لا يمكن أن تتحمَّل تلك النفقات الكبيرة في الأموال المطلوبة. وأخيراً، يتمثل التحدي الثالث للتقدم في مجال الفضاء الجوي، في التحدي الإداري؛ فلطالما عانت الهند من مشاكل خطيرة في إدارة المشاريع، حتى البرامج البسيطة التي لا تعوقها تحديات فنية أو مالية، تتعرض دائماً للاستطالة على مدى سنوات عديدة. لقد كانت هذه لعنة هذا البلد في جميع القطاعات.

4– ضرورة تطوير ركائز القوة البحرية: القوة البحرية لدولة ما، ليست القوة القتالية للبحرية فقط، بل يجب رؤيتها في المصفوفة البحرية الشاملة، من حيث عدد الموانئ لدعم التجارة والطرق الخلفية والسكك الحديدية، والقدرة على استيعاب التطورات العلمية، والقدرة على البناء لبناء السفن والغواصات وكابلات الاتصالات البحرية. هذا يضيف قوة إلى القوة البحرية الشاملة للبلد. وتقود الصين العالم في هذه التقنيات، بحكم ريادتها في أنظمة الذكاء الاصطناعي.

لذلك اجتمعت أربع ديمقراطيات من المحيطين الهندي والهادئ، وهي: أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة، في شراكة أمنية بحرية رباعية الأطراف تُعرف باسم كواد؛ لدعم البحار الحرة والمفتوحة، كما تم تشكيل تحالف “أوكوس” بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة لضمان الأمن البحري في منطقة الهندو–باسيفك، على الرغم من تشكيل مجموعات العمل للأمن البحري بشكل رسمي؛ لذا وبالنظر إلى التباين الشاسع في الاقتصادات والقوة البحرية، يجب على الهند أن تشحذ قوتها القتالية؛ إذ يُعَد الانتشار القائم على المهام بداية جيدة للبحرية الهندية.

وختاماً، انطلق التقرير من فرضية أساسية مفادها أن الهند بحاجة إلى الاستعداد لعقد من عدم اليقين؛ إذ قد يتطوَّر التنافس الصيني الأمريكي إلى نظام ثنائي القطب، يحد من مرونتها فيما يتعلق بخيارات السياسة والتكنولوجيا. باختصار: ما لم تبدأ الحكومة والصناعة في العمل جنباً إلى جنب مع آليات التمويل المناسبة والسياسة المركزة، فقد تضع الهند نفسها في موضع إخضاع إما للصين أو للولايات المتحدة؛ فالإصلاحات العسكرية أساسية في مرحلة الانطلاق، والجيش الذكي القادر على تقديم استجابات غير متكافئة للتهديدات، ضروري لجذب الأصدقاء وردع الخصوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 2 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube