كتب محمد خير الوادي :
وصف مسؤول ملف هونغ كونغ في الحكومة الصينية، القرار الذي اتخذه البرلمان الصيني مؤخرا باصلاح نظام الانتخابات المحلية في هونغ كونغ ، بانه” لكمات استباقية وجهتها بكين ضد الفوضى”.وللتذكير ، فقط اقرت بكين قانونا يسمح ” للوطنيين ” فقط بالترشح للانتخابات في هونغ كونغ . وكانت الصين قد فرضت قبل عدة اشهر قانون الامن الخاص ، الذي يتيح تطبيق القوانين الصينية هناك . ورغم ان المسؤول الصيني لم يحدد من هي قوى الفوضى التي ستتلقى اللكمات ، الا ان المقصود بذلك حركات المعارضة المحلية ـ المدعومة من الغرب -والتي نظمت قبل فترة مظاهرات حاشدة احتجاجا على تدخل الصين بشؤون هونغ كونغ . والشيء الذي يمكن تأ كيده ، ان القيادة الصينية لن تتراجع عن خطواتها في هونغ كونغ ، رغم الادانات الشديدة اليت قوبلت بها هذه الخطوات من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي ودول غربية أخرى ، واتهام الغرب لبكين بالتراجع عن التزاماتها الدولية تجاه هونغ كونغ ، ومبدأ ” نظامان في دولة واحدة “.
واذا كانت الصين سابقا تحسب حسابا لردود الفعل الغربية على مواقفها ، فان الامور قد تغيرت منذ مجيء الرئيس شي جينغ بين الى السلطة ، والذي اتخذ نهجا متشدا في الداخل ، وهجوميا في الخارج . و يعود التشدد الصيني هذا الى قناعة القيادة الصينية ،انها لم تعد بحاجة الى رؤوس الاموال والتقانة الغربية ، التي لعبت دورا محوريا في نهضة الصين الحالية . فقد نما الاقتصاد الصيني خلال السنوات الماضية و اصبح يناطح امريكا على عرش العالم ، وباتت بكين تملك مئات المليارات الفائضة من الدولارات ، وصارت الشركات الصينية تتفوق تقنيا على عدد من مثيلاتها الغربية ، كما اعلن الرئيس الصيني قبل عدة ايام انتصار بلاده النهائي على الفقر .
ومع ذلك ، فان بكين تدرك اهمية علاقاتها مع الغرب عامة ، ومع الولايات المتحدة الامريكية على وجه الخصوص ،والتي تعتبر الشريك الاقتصادي الاول للصين في العالم . كما ان سبعين بالمائة من تجارة الصين الخارجية تتم مع الدول الغربية ، اضافة الى ان الاسواق الغربية تمثل المستهلك الاساسي للسلع الصينية .
اضافة الى ذلك ، فان مجيء الرئيس بايدن الى البيت الابيض، سيخلق مزيدا من التحديات امام بكين ، سواء على صعيد التصدي للطموحات العسكرية الصينية في منطقة جنوب شرقي آسيا ، اوفي مسائل حقوق الانسان والتعاون الاقتصادي . وبآن واحد ، اعلن الاتحاد الاوربي انه يدرس الان اتخاذ خطوات فعالة ردا على مواقف الصين ازاء هونغ كونغ واقلية الويغور . وهذا يمكن ان يؤثر على مصادقة اكبر اتفاق تجاري وقعته بكين مع اوربا نهاية العام المنصرم . ولابد من الاشارة بهذا الخصوص ، الى جهود الولايات المتحدة لاحياء تحالفاتها المعادية للصين مع كل من الهند واليابان وفيتنام وكوريا الجنوبية والفيليبين، كما يسعى البنتاغون الى نشر انظمة صواريخ ارض – ارض في تلك المنطقة ، تكون موجهة ضد الصين .
باختصار ففي الوقت الذي تظهربكين مواقف متشددة ازاء هونغ كونغ وبحر الصين الجنوبي وتايوان ـ الا انه بالمقابل ، هناك تصميم كبير من جانب امريكا وحلفائها على التصدي للطموحات الصينية واحتوائها . وقد وصل الامر الى حد ، ان ادارة الرئيس بايدن باتت تعتبر الصين التهديد الاول للعالم الغربي ولقيمه الديمقراطية . كما صار الخطاب السياسي الامريكي يعج بالمصطلحات التي تذكرنا بايام الحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفياتي .
هذه المؤشرات كلها تؤكد ، ان العلاقات بين الصين والدول الغربية لن تكون سلسة – كما كانت في السابق ، وان التدهور والتوتر ،سيكونان العنوان الرئيسي لتك العلاقات خلال الفترة القادمة .
12/3/2021