يوغيندرا كومار
دبلوماسية هندية
تُفهم عبارة “القوة الناعمة” على أنها قدرة وطنية على النهوض بأهداف وأولويات السياسة الخارجية باستخدام وسائل غير قسرية. ولا تزال أداة حيوية في حد ذاتها أو مكملة لتطبيق “القوة المتشددة”، العسكرية أو أنواع أخرى من الدبلوماسية القهرية.
تشكل القوة الناعمة نطاقا واسعا، تتراوح بين الاقتصادية والاجتماعية – الثقافية؛ والتوعية العامة المستهدفة على نطاق أوسع باستخدام منصات إعلامية متنوعة متاحة في عصر المعلومات الوفيرة.
إن “العلامة التجارية” العامة حول “صورة” البلاد تتبلور بطرق مختلفة لإضفاء وزن على دبلوماسية تلك البلد.
ووفقا لإحدى الدراسات، فإن البلدان تُعَد قوتها الناعمة من خلال التأكيد على صفات الحكم والثقافة والدبلوماسية والتعليم والابتكار في مجال الأعمال. ويتطلب هذا التغليف الاستخدام المبتكر للموارد العامة والخاصة لخدمة الغرض الوطني الأكبر.
ولا يزال استغلال الأدوات الدبلوماسية للقوة الناعمة على نحو فعال أمرا بالغ الأهمية في ظل حالة عدم اليقين الجيوسياسي الحالية.
وهي ليست مهمة سهلة بالنظر إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي اليوم يتم التلاعب بها بقوة من قبل الجهات الفاعلة والفئات الاجتماعية الحاقدة من خلال نشر الأدوات التكنولوجية المتقدمة.
إن الهند، بوصفها بلدا متنوعا ثقافيا وديمقراطيا، وسكانه الطموحين الذين يسعون إلى الانتقال الاجتماعي والاقتصادي، هي صورة بلد واثق من دوره المتنامي في المجتمع الدولي.
إن العمق الحضاري أيضا يجعل من الممكن لجميع البلدان تقريبا أن تجد شيئا في الهند تتصل به وتجد مستوى مريحا سهلا في التواصل.
وفي ظل البيئة السائدة التي تسود من انعدام الثقة الاستراتيجية بين البلدان، فإن هذا الظرف هو مصدر الهام للسعي الناجح لتحقيق مصالحنا الاستراتيجية الوطنية.
الموروث الحضاري
ومن خلال التعبير عن السياسة الخارجية الهندية في “الأوقات غير المستقرة”، أعطت الحكومة الأولوية إلى توسيع الاتصال مع المناطق الجغرافية، وبناء شبكة علاقات على أساس الأولويات الاقتصادية، وإطلاق العنان لقوة الموارد البشرية، والتواصل مع الفرص العالمية، والشراكات الإنمائية الدولية، وإعادة تشكيل المؤسسات العالمية جنبا إلى جنب مع الإرث الحضاري للهند.
وكما يتضح من هذه الرؤية الموسعة للنظام العالمي المستقر والمنصف، فإن السعي إلى تعددية المحاذاة للنهوض بالأهداف الاستراتيجية للهند في فترة من التقلب الجغرافي السياسي يستلزم دورا لا غنى عنه للقوة الناعمة في تعزيز هذه الصورة العالمية الحميدة.
ولتحقيق تلك الأهداف، تنسق وزارة الشؤون الخارجية الهندية، مع المنظمات الحكومية الأخرى للتعاون الاقتصادي، ومشاريع التنمية، وتدرج المهارات، وتبادل الطلاب والمنح الدراسية، والعلاقات بين الشعبين، وبرامج التدريب، ونشاط مراكز الفكر، والتبادلات الثقافية التي تشمل الفنون الإبداعية والمسرحية، وعلم الآثار، والبرامج التعليمية، والمجامع الأكاديمية، وما إلى ذلك من خلال التبادلات الثنائية والمتعددة الأطراف. كما أنها تعمل على تعزيز التبادلات الإعلامية وفي إبراز صورة الهند في الخارج.
أما الإدارات والقطاعات الأخرى، فلديها برامجها التعاونية في مجالات نشاطها مثل العلوم والمعلومات والبث الإذاعي والسياحة والرياضة والصحة والأرصاد الجوية والنقل البحري والتمويل والأعمال المصرفية ومشاريع البنية التحتية المتنوعة للربط، وما إلى ذلك. ومن المبادرات المتعددة الأطراف الرئيسية للهند التحالف الدولي للطاقة الشمسية والتحالف من أجل البنية التحتية للتكيف مع الكوارث. وخلاصة القول إن تطبيق القوة الناعمة سوف يحتاج إلى أن ينقل إلى المجتمع الدولي، كيف تحولت الهند من بلد فقير غير متكافئ اجتماعيا، وقت استقلاله في عام 1947، ليصبح اليوم طرفا جيوسياسيا فاعلا