أفادت صحيفة وول ستريت جورنال أن المستثمرين العالميين الذين يمتلكون سندات في شركة إيفرغراند لم يتلقوا دفوعات الفائدة على السندات من عملاق العقارات بحلول الموعد النهائي يوم الخميس الماضي.
كانت عملاق العقارات الصيني وعدت بدفع فائدة بقيمة 83.5 مليون دولار على سندات دولارية بحلول 23 سبتمبر بقيمة اسمية 2.03 مليار دولار. ولدى الشركة فترة سماح مدتها 30 يومًا للوفاء بالتزاماتها قبل الإعلان عن حالة تخلف عن السداد.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن الموعد النهائي للدفع يوم الخميس كان يمثل نقطة محورية للمستثمرين العالميين بعد أن تدهورت سيولة شركة إيفرغراند بشكل كبير خلال الصيف، مما أدى إلى توقف البناء في بعض مجمعاتها السكنية غير المكتملة وانخفاض حاد في المبيعات. وأكدت الشركة أنها لم تفوت أبدًا دفعة سندات منذ تأسيسها في عام 1996.
يوم الأربعاء، قالت الشركة في الصين إنها تفاوضت بشكل خاص مع حاملي السندات المحليين لتسوية دفعة قسيمة منفصلة لسندات مقومة باليوان. ولم يذكر المطور ما إذا كانت هذه الدفعة، التي تعادل حوالي 35.9 مليون دولار، ستتم نقدًا أو بأصول أخرى.
وتراجعت أسهم الشركة بنسبة 11.6٪ في تعاملات يوم الجمعة في هونغ كونغ، وانخفضت بأكثر من 84٪ هذا العام.
ما هي شركة إيفرغراند؟
هي واحدة من أكبر مطوري العقارات في الصين، وجزء من “غلوبال 500” مما يعني أنها من أكبر الشركات في العالم من حيث الإيرادات. مدرجة في بورصة هونغ كونغ ومقرها في مدينة شنتشن جنوب الصين، توظف حوالي 200000 شخص. كما أنها تساعد بشكل غير مباشر في الحفاظ على أكثر من 3.8 مليون وظيفة كل عام، بحسب شبكة سي إن إن.
أسس المجموعة الملياردير الصيني شو جياين، والذي كان في يوم من الأيام أغنى رجل في البلاد.
صنعت إيفرغراند اسمها في العقارات السكنية، فهي تفتخر بأنها “تمتلك أكثر من 1300 مشروع في أكثر من 280 مدينة” في جميع أنحاء الصين. كما أنها تستثمر في السيارات الكهربائية والألعاب الرياضية والمتنزهات. حتى أنها تمتلك نشاطًا تجاريًا للأطعمة والمشروبات ومحلات البقالة ومنتجات الألبان وغيرها من السلع في جميع أنحاء الصين.
في عام 2010، اشترت الشركة فريق كرة قدم، والذي يعرف الآن باسم غوانغجو “إفرغراند تاوباو”. أسس هذا الفريق أكبر مدرسة لكرة القدم في العالم، بتكلفة 185 مليون دولار.
ماذا حدث للشركة؟
في السنوات الأخيرة، تضخمت ديون إيفرغراند بشكل كبير مع اقتراضها لتمويل مشروعاتها المختلفة، حتى بلغت 300 مليار دولار.
وبحسب مراقبون، فإن الطموحات العدوانية للشركة هي التي أوقعتها في هذه المشكلة. وقال ماتي بيكينك، مدير وحدة المعلومات الاقتصادية في الصين، إن المجموعة “ابتعدت عن أعمالها الأساسية، وهذا جزء من تورطها في هذه المشكلة”.
وأضاف بيكينك: “قصة إيفرجراند هي قصة التحديات العميقة والهيكلية التي يواجهها اقتصاد الصين فيما يتعلق بالديون”.
القضية ليست جديدة تمامًا. في العام الماضي، تخلف عدد كبير من الشركات الصينية المملوكة للدولة عن سداد قروضها، مما أثار مخاوف بشأن اعتماد الصين على استثمارات تغذيها الديون لدعم النمو.
وفي عام 2018، اضطر الملياردير وانغ جيانلين إلى تقليص حجم مجموعته، داليان واندا، حيث فرضت بكين قيودًا على الشركات التي تقترض بكثافة للتوجه إلى الخارج.
من جانبه، قال مارك وليامز، كبير الاقتصاديين في آسيا في كابيتال إيكونوميكس، إن انهيار إيفرغراند “سيكون أكبر اختبار واجهه النظام المالي الصيني منذ سنوات”.
بسبب هذه الأزمة، اندلعت الاحتجاجات في مقر الشركة الرئيسي في شنتشن. كما خسرت أسهم الشركة 85 % من قيمتها هذا العام. وفي وقت سابق من هذا الشهر، خفضت كل من وكالة فيتش و “Moody’s Investors Services” التصنيف الائتماني للشركة، بسبب مشاكل السيولة لديها.
ما تأثير هذه الأزمة على الاقتصاد العالمي؟
يخشى مستثمرون من أن تؤدي أزمة الديون التي تواجهها مجموعة العقارات الصينية العملاقة “إيفرغراند” إلى تداعيات كبيرة على سوق العقارات داخل الصين، وربما على الاقتصاد العالمي، وسط مخاوف من عدم تحرك الحكومة لحل الأزمة سريعا.
وأدت الأزمة إلى تراجع المؤشرات الرئيسية في بورصات العالم، في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، في تعاملات الإثنين ولدى افتتاح تعاملات الثلاثاء في بعض الأماكن، بعد أن أعلنت عملاق صناعة العقارات الصينية تخلفها عن سداد ديون بقيمة 300 مليار دولار، وهو ما خلق مخاوف من انهيار محتمل للشركة.
وفي بورصة وول ستريت الإثنين، أغلق مؤشر “داو جونز” الصناعي 1.8 في المائة، وأغلق مؤشر “ستاندرد آند بورز” بانخفاض 1.7 في المئة، وهبط مؤشر “ناسداك” للتكنولوجيا 2.2 في المئة.
وجاءت انخفاضات وول ستريت جورنال بعد تراجعات حادة في سوق الأسهم في أوروبا وهونغ كونغ وأجزاء أخرى من آسيا.
وصباح الثلاثاء، انخفض مؤشر نيكي Nikkei 225 في بورصة طوكيو بأكثر من 2 في المئة عند الفتح. وهبط مؤشر نيكي 225 القياسي 2.07 في المئة أو 630.51 نقطة في التعاملات المبكرة، بينما تراجع مؤشر “توبكس” 2.21 في المئة أو 46.36 نقطة.
وقال كبير المحللين الاستراتيجيين يوشيهيرو إيتو لرويترز: “من المتوقع أن تهيمن طلبات البيع على السوق اليابانية، مع إحباط المستثمرين بسبب الأزمة”. وأضاف أن “السوق سيستمر في التقلب، ومن المتوقع تقلص حجم التداول” قبل اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي هذا الأسبوع.
وامتدت التداعيات إلى سوق العملات الرقمية، فقد تراجع سعر البيتكوين بنسبة 7.5 في المئة إلى 43872 دولارا، وتراجعت الإيثريوم 8.6 في المئة إلى 3062 دولارا، ودوج كوين 10 في المئة.
من جانبها، قللت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد الجمعة من تأثير الإفلاس المحتمل لعملاق العقارات الصيني المثقل بالديون “إيفرغراند” على منطقة اليورو.
وقالت المسؤولة في تصريح لتلفزيون “سي ان بي سي” إن “التأثير المباشر في أوروبا وفي منطقة اليورو على وجه الخصوص، سيكون محدودا”.
وأضافت أنه “في الوقت الحالي، نرى تأثيرا متركزا في الصين”، لكن البنك المركزي الأوروبي يتابع الوضع عن كثب نظرا للترابط بين الأسواق المالية حول العالم