https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

ديبيكا ساراسوات
اتسمت مقاربة جمهورية إيران الإسلامية لنهوض الصين، والتحول النُظُمي الحالي الذي طرأ على الاقتصاد السياسي العالمي من أوروبا الأطلسية وصولًا إلى آسيا، بالتفاؤل. صحيحٌ أن إيران تحتفي بانهيار النظام الدولي الليبرالي لما بعد الحرب الباردة الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية، والذي أدى إلى تدخِّلها عسكريًا في منطقة الشرق الأوسط وفرْضِ عقود طويلة من العزلة على إيران، لكن سياسة “التوجه شرقًا” التي كان الرئيس محمود أحمدي نجاد (2005–2013) أول من اعتمدها، تُولي الأولوية لترسيخ الشراكات الطويلة الأمد مع القوى الرئيسة غير الغربية، الثنائية منها والمتعددة الأطراف. وفي الآونة الأخيرة، تعززت سياسة “التوجه نحو آسيا”، ضمن السياسة الخارجية والدبلوماسية الاقتصادية في إيران، بعد الانسحاب الأميركي الأحادي من خطة العمل الشاملة المشتركة Joint Comprehensive Plan of Action, JCPOA أو ما يُعرف بالاتفاق النووي الإيراني، في أيار/ مايو 2018، وبداية عهد إبراهيم رئيسي المحافظ في آب/ أغسطس 2021.

لم يكن مستغربًا ألّا تستقطب التطورات التي شهدتها العلاقات الإيرانية – الصينية، بخاصة عقب توقيع إيران والصين اتفاقية تعاون استراتيجي مدتها 25 عامًا في آذار/ مارس 2021، اهتمام المحللين والمسؤولين في واشنطن فحسب، بل اهتمام مراقبين آخرين أيضًا في أماكن أخرى من العالم[1]. ولا يُنظر إلى مواظبة الصين على شراء النفط الإيراني على الرغم من العقوبات الأميركية من جهة، والتعاون المتنامي مع إيران في مجال الدفاع من جهة أخرى، بوصفهما عاملين “يقوضان فاعلية العقوبات الأميركية” ضد إيران فحسب، ولكن أيضًا بوصفهما يهدفان إلى تحدي القيادة الأميركية في الشرق الأوسط[2]. وفي ظل توقف محادثات فيينا الرامية إلى إحياء الاتفاق الإيراني، وافق مجلس الشيوخ الأميركي بغالبية ساحقة على “التماس بإيعاز” وجّهه السيناتور الجمهوري تيد كروز، مطالبًا الحكومة بإصدار تقرير عن العقوبات ضد إيران المتعلقة بالإرهاب، ويرى أن هذه العقوبات ضرورية للحد من التعاون بين الصين وإيران[3]. وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، في 25 أيار/ مايو، عن جولة جديدة من العقوبات، تستهدف ما صنفته بـ “شبكة دولية لتهريب النفط وتبييض الأموال”، بقيادة مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني، بمن فيهم لواء سابق في الحرس الثوري الإيراني ووزير الطرق وبناء المدن، رستم قاسمي. وقد شملت العقوبات أيضًا الشركة الصينية المحدودة هاوكن للطاقة China Energy Haokun Limited، ومقرها هونغ كونغ، لأنها تشتري النفط الإيراني من الحرس الثوري الإيراني[4].

تشرح هذه الدراسة الدوافع الجغرافية الاقتصادية والجيوسياسية وراء سعي إيران لتأسيس تعاون استراتيجي طويل الأمد مع الصين. وبذلك، تسعى لتبيين أنه بغضّ النظر عن سردية اعتماد إيران المتنامي على الصين، فإن التواصل بين إيران والصين يبدو أنه جزء ثانوي من استراتيجية جغرافية – اقتصادية إيرانية تنفذ على نطاق أوسع في المنطقة. وتناقش أيضًا أن إيران، وفي معرض سعيها لتأسيس شراكة طويلة الأمد مع الصين، كما هو واضح في اتفاقية التعاون الاستراتيجي ومدتها 25 عامًا، تلتزم اعتماد شراكات منوعة بهدف توفير الحد الأقصى من الفرص لتعزيز مكانة إيران الجغرافية – الاقتصادية في المنطقة. واللافت أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي شدد، في القمة التي عقدتها منظمة شنغهاي للتعاون Shanghai Cooperation Organization, SCO، في أيلول/ سبتمبر 2021، على أن مشاريع البنية التحتية الرئيسة لـ “مبادرة حزام واحد، طريق واحدة One Belt-One Road، والاتحاد الاقتصادي للمنطقة الأوراسية Eurasian Economic Union، والممر بين الشمال والجنوب North-South Corridor لا تتنافس فيما بينها، بل يكمل بعضها بعضًا. وتشكّل إيران الرابط بين مشاريع البنية التحتية الثلاثة المذكورة”[5]. صحيحٌ أن العقوبات الأميركية الأحادية الجانب لا تزال تعرقل عملية إنشاء علاقات بين الهند وإيران، غير أن علاقات إيران بالصين وروسيا حافظت على مسار تصاعدي، لا تقتصر على ما تشكّله قيمتها الرمزية في تقديم موقف مناهض للأحادية الأميركية. إلا أن هذه الدراسة تُعنى بمناقشة الشراكة المتنامية بين إيران والصين في سياق الاستراتيجية الإقليمية لإيران على الصعيد الجغرافي – الاقتصادي، وتوضح بإيجاز مدى التعاون المتنامي بين إيران والصين في مجال الدفاع.
أولاً: العوامل الجغرافية – الاقتصادية المحركة للشراكة الإيرانية – الصينية

صحيح أن إيران تقع على مفترق طرق بين آسيا وأوروبا، لكن إمكاناتها الجغرافية – الاقتصادية بقيت غير متحققة طوال عقود، بسبب سياسة الاحتواء التي تمارسها الولايات المتحدة للحد من نفوذ إيران الاقتصادي والجيوسياسي. وبناء عليه، ترى إيران في مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين، فرصةً كبيرةً لجذب الاستثمارات الصينية لمشاريع النقل والطاقة؛ إذ تسعى المبادرة لتعزيز ترابط عابر للقارات، والترويج لنظام اقتصادي عالمي خارج هيمنة واشنطن. ومن خلال الاندماج ضمن مبادرة الحزام والطريق ومشاريع ربط أخرى ما بين إقليمية في المنطقة الأوراسية، تطمح إيران إلى تحسين موقعها الجغرافي – الاقتصادي لتصبح جسرًا يربط بين أوروبا وآسيا، وتنشد أيضًا توسيع نطاق الاتصال والروابط الاقتصادية مع البلدان المجاورة بوصفها استراتيجية مضادة طويلة الأمد في مواجهة العقوبات الأميركية وتفادي عزلها. وفي السياق نفسه، تشارك إيران الصين في رؤيتها التي ترتكز على تحقيق “السلام التنموي” في المنطقة التي شهدت فشل جميع محاولات الغرب للترويج للسلام الديمقراطي فيها[6]. وقد تعزز مبادرةُ الحزام والطريق التنميةَ الاقتصادية، من خلال المشاريع المفيدة لجميع الأطراف في الصين ودول المنطقة، بغية معالجة التحديات الأمنية والإنسانية التي تواجه المنطقة، وموازنة القيادة الأمنية والاقتصادية للولايات المتحدة في المنطقة في الوقت نفسه.
1. مبادرة الحزام والطريق وربط إيران بالبحر الأبيض المتوسط

في ظل الرئيس إبراهيم رئيسي، عجّلت إيران في اندفاعها لتحقيق الربط الإقليمي بوصفه جزءًا من استراتيجية جغرافية – اقتصادية طويلة الأمد، بمعزل عن نتائج العقوبات الأميركية عليها. ولم يألُ رستم قاسمي جهدًا لتعزيز نفوذ إيران الجيوسياسي في العراق وسورية بغية إنشاء ممر للتجارة والنقل من الخليج إلى سورية ولبنان على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط. وفي الوقت نفسه، كانت طهران تلفت انتباه بيجين إلى هذه الطريق البرية الجنوبية ضمن ممر الصين – آسيا الوسطى – غرب آسيا في مبادرة الحزام والطريق.

أصبحت فكرة ممر النقل محور نقاشات جادة بعد أن سيطرت قوات الأمن السورية وحلفاؤها العراقيون على منطقة البوكمال بالقرب من الحدود العراقية، وحرّرتها من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017[7]. وكانت قوات الأمن العراقية قد استردت مدينة القائم في الجانب العراقي من الحدود، من تنظيم الدولة في أيلول/ سبتمبر 2017. وبعد أن وافقت إيران وسورية على ربط ميناء الإمام الخميني في جنوب غرب إيران بميناء اللاذقية السوري عبر خط سكة حديد يمر عبر العراق في عام 2019، بدأت إيران والعراق محادثات لإعداد خطط بهدف استكمال خط سكة حديد يبلغ طوله 40 كيلومترًا يربط مدينة الشلامجة في جنوب غرب إيران بمدينة البصرة في العراق[8]. وقد وقّع قاسمي، خلال زيارته إلى بغداد في كانون الأول/ ديسمبر 2021، مذكرة تفاهم للتنفيذ المشترك لخط سكة الحديد شلامجة – البصرة. وتجدر الإشارة إلى أنه على مدار الأعوام العشرين الماضية، أجرت طهران العديد من المفاوضات، ووقّعت مذكرات تفاهم مع الجانب العراقي لتنفيذ خط سكة الحديد. وفي هذا الصدد، قال قاسمي إن “الاتفاقية لها جدول زمني واضح، وتتضمن إحدى فقراتها أن تنفيذ المشروع سيبدأ فعليًا خلال الشهر المقبل”[9]. وبمجرد استكمال المشروع، سيجري ربط شبكات السكك الحديدية للبلدين وسيُقرّب إيران من سورية.

أما بالنسبة إلى النزاع السوري، فقد عارضت الصين، على مدى أعوام، تغيير النظام في البلاد؛ فاستخدمت هي وروسيا حق النقض ضد العديد من مشاريع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، متذرّعتين، في أغلب الأحيان، بدعم سيادة سورية الوطنية وسلامة أراضيها[10]. وفي زيارة إلى سورية قام بها وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، في تموز/ يوليو 2021، اقترح خطة من أربع نقاط دعت إلى رفع العقوبات الأميركية عن سورية وإعطاء الأولوية لعملية إعادة الإعمار[11]. وطالب وانغ يي أيضًا بـ “احترام خيار الشعب السوري”، مضفيًا الشرعية على عملية إعادة انتخاب بشار الأسد في أيار/ مايو 2021، بصورة فعلية. وبما أن روسيا وإيران، الحليفتين الرئيستين لدمشق، تفتقران إلى الموارد المالية الكافية لتمويل إعادة إعمار سورية، فإنهما تسعيان لاستغلال الفرص التي توفرها خطط مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها بيجين في المنطقة. وفي حين بدأ النقاش بشأن انضمام سورية إلى مبادرة الحزام والطريق خلال زيارة وانغ يي في تموز/ يوليو 2021، وقّع البلدان مذكرة تفاهم في هذا الصدد في 12 كانون الثاني/ يناير 2022. وقد رحّب رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي في سورية الذي وقّع مذكرة التفاهم عن الجانب السوري، بدور الصين في عمليتي إعادة الإعمار الاقتصادي في سورية، وتعزيز “التنسيق القائم بين مبادرة الحزام والطريق من جهة، واستراتيجية التوجه شرقًا التي اقترحتها سورية من جهة أخرى”[12]. وأشار المحللون إلى أنه بالنظر إلى تركيز مبادرة الحزام والطريق على الاندماج الإقليمي، فإن المشاريع الصينية المقترحة في سورية تشدد على قطاع النقل، مثل ربط سكة الحديد بين ميناء طرطوس والحدود العراقية، فضلًا عن إنشاء طريق برية سريعة تربط جنوب البلاد بشمالها[13]. وتسعى بيجين أيضًا إلى إنشاء منطقة تجارة حرة صينية في ميناء اللاذقية تقع على بعد أقل من 100 كيلومتر شمال طرطوس، وهو المكان الذي نشرت فيه موسكو قاعدة عسكرية بحرية، وتعهدت بتخصيص 500 مليون دولار أميركي بهدف تطوير البنية التحتية للميناء التجاري[14]. أما إيران، فقد أطلقت خطًّا ملاحيًا مباشرًا بين مدينتي بندر عباس [المطلة على مضيق هرمز] واللاذقية في أيار/ مايو 2021، ويحرص البلدان على تأمين ربط السكك الحديدية بين الميناءين عبر العراق[15].

في الأعوام الأخيرة، ولا سيما منذ انتهاء المهمة القتالية الأميركية في العراق في عام 2020، عززت الصين استثماراتها في مجالَي الطاقة والبنى التحتية في البلاد. ففي عام 2021، كان العراق الوجهة الأولى لاستثمارات الصين في مبادرة الحزام والطريق؛ إذ حصل على تمويل بقيمة 10.5 مليارات دولار لمصلحة مشاريع الطاقة والبنى التحتية[16]. وكانت إيران التي تبسط نفوذها على الحكومة العراقية والجهات الفاعلة في المجتمع العراقي، وتسعى للحد من الوجود الاقتصادي والأمني للولايات المتحدة في العراق، قد رحّبت إلى حد بعيد بالاستثمارات الصينية المتزايدة في العراق. وفي عام 2019، وقّع رئيس الوزراء العراقي حينئذ، عادل عبد المهدي، خلال زيارة إلى الصين، اتفاقية “النفط في مقابل إعادة الإعمار” التي بموجبها يتم إيداع عائدات النفط في صندوق استثمار مشترك لاستخدامها في مشاريع البنى التحتية الرئيسة التي تنفذها الشركات الصينية[17]. وفي الأعوام اللاحقة، أدت الاحتجاجات الشعبية ضد البطالة والتدهور البيئي والقصور الإجمالي في الحوكمة في العراق، إلى تردٍّ حاد في الاستثمار والبيئة الأمنية، ما دفع كبرى شركات النفط الدولية الغربية إلى مغادرة العراق. وكانت هذه الشركات غالبًا ما تبيع حصصها إلى الشركات الصينية[18] التي كانت مستعدة لقبول هوامش ربح أقل من تلك التي كانت تحصل عليها الشركات المنافسة لها في أغلب الأحيان، بوصفها شركات مقاولة أساسية أو فرعية في خمسة عشر حقلًا نفطيًا في جنوب العراق[19].

وفي عام 2019 أيضًا، وفي ظل تهديدات باندلاع نزاع مباشر بين إيران والولايات المتحدة، ظهرت تقارير جديدة تفيد أن إيران تسعى لتفعيل “خط أنابيب الصداقة” بين إيران والعراق وسورية لنقل الغاز الطبيعي من إيران إلى مرفأ بانياس المطل على البحر الأبيض المتوسط في سورية. ففي عام 2011، وقّعت إيران والعراق وسورية اتفاقية مباشرة قبل اندلاع الاضطرابات في سورية، وتعهّدت إيران بموجبها ببناء خط أنابيب طوله ستة آلاف كيلومتر، يتيح لها الالتفاف على العقوبات وتجنّب مضيق هرمز في حال نشوب مواجهة عسكرية تكون إيران طرفًا فيها[20]. وقد يكتسب إنجاز خط الأنابيب هذا زخمًا جديدًا، نظرًا إلى أن العراق يبقى المستورد الأساسي للغاز الإيراني بغية توليد الكهرباء، على الرغم من العقوبات الأميركية وتركيز أوروبا على الحصول على موارد منوعة من الغاز الطبيعي خلال الحرب الروسية – الأوكرانية.
2. الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني وتركيز إيران على ساحل مكران

على الجانب الآخر أيضًا من منطقة الخليج، تأمل إيران في أن يتوسع المشروع الرائد لمبادرة الحزام والطريق الرئيسة المرتبطة بالممر الاقتصادي الصيني – الباكستانيChina Pakistan Economic Corridor, CPEC ليصبح ممرًا للتجارة والطاقة، يمتد من الخليج، عبر باكستان، وصولًا إلى غرب إقليم شينجيانغ الغربية [أي تركستان الشرقية، وهو اسمها القديم]. تسعى طهران للاستفادة من الاستثمارات الصينية لتحويل ساحل مكران، متخلف النمو، إلى قوة في مجال الصناعة والطاقة. وترى إيران أن البنى التحتية للطاقة في الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني، بخاصة بناء بيجين محطة غوادار [ميناء على الساحل الجنوبي الغربي لإقليم بلوشستان الباكستاني] للغاز الطبيعي المُسال Gwadar LNG terminal، التي بلغت تكلفة إنشائها 2.5 مليار دولار، إضافة إلى خط أنابيب غاز طوله 700 كيلومتر يمتد بين غوادار ومدينة نواب شاه [الباكستانية]، أساسيةٌ لتنفيذ خططها المرتبطة بخط الأنابيب الإيراني – الباكستاني المعدّة منذ فترة طويلة[21]. وكان خط الأنابيب الإيراني – الباكستاني البالغ طوله 1880 كيلومترًا يهدف إلى ربط حقل غاز بارس الجنوبي في إيران، بمقاطعتَي بلوشستان والسند في باكستان. وبعد توقيع اتفاقية شراء الغاز في عام 2009، استكملت إيران، في عام 2011، بناء القسم الخاص بها من خط الأنابيب، حتى إنها عرضت تمويل القسم الباكستاني في عام 2013. لكن بعد العقوبات والضغوط الأميركية التي أدت إلى التأخير، هددت طهران باتخاذ إجراء قانوني ضد باكستان في عام 2019[22]. وما إن تنتهي الصين من بناء خط أنابيب غوادار – نواب شاه، مقارنةً ببناء قسم من خط طوله 780 كيلومترًا يمتد من معبر كبد على الحدود الإيرانية – الباكستانية إلى نواب شاه في مقاطعة السند الباكستانية، يمكن حينها استكمال خط أنابيب يبلغ طوله 72 كيلومترًا من كبد إلى غوادار بسهولة.

طوال أعوام العقوبات والتصعيد التي شهدتها العلاقات المتوترة بين إيران والولايات المتحدة في منطقة الخليج، صبّت إيران تركيزها مجددًا على تطوير الموانئ، إضافة إلى محطة لتصدير النفط في خليج عُمان تقع خارج منطقة الخليج غير المستقرة على المستوى الجيوسياسي، وهي أقرب إلى البلدان المستهلكة للنفط في آسيا. ومنذ توقيع اتفاقية ثلاثية بين إيران وأفغانستان والهند في أيار/ مايو 2016، تعمل الهند على تطوير ميناء تشابهار [جنوب شرق إيران]، وهو الميناء الوحيد في إيران الذي يطلّ على المحيط الهندي من خلال خليج عُمان، والذي يقع على بعد 140 كيلومترًا غرب ميناء غوادار الباكستاني الذي تعمل الصين على تطويره. وشددت إيران على أن ميناء تشابهار لا يهدف إلى منافسة أو “تطويق” أحد[23]. ورحّبت بالتعاون القائم بين ميناء تشابهار وموانئ أخرى في باكستان، واستبشرت خيرًا بالاستثمارات الصينية الهادفة إلى تطوير ميناء تشابهار[24]. وبدلالة بالغة، قدّم رئيسي، في أثناء القمة التي عقدتها منظمة شنغهاي للتعاون، ميناء تشابهار بوصفه رمزًا إلى التعاون بين جميع أعضاء المنظمة[25]. وبعد فترة وجيزة من افتتاح محطة جديدة لتصدير النفط في ميناء جاسك، الواقع شرق مضيق هرمز، في تموز/ يوليو 2021، عرضت إيران على الهند تسهيل الوصول إلى احتياطيات النفط الاستراتيجية في ميناء جاسك، وإلى خط أنابيب غاز مستقل يمتد من جزيرة جاسك إلى الهند[26]. وبهذا، لم تجعل إيران، ومن خلال تطوير مركز الهيدروكربون الرئيس في ميناء جاسك، نفطها أقرب إلى الأسواق الآسيوية فحسب، بل خففت من اعتمادها على التصدير من محطة جزيرة خرج في الخليج، الذي يبلغ حاليًا 90 في المئة تقريبًا، لتصبح في وضع يسمح لها بممارسة المزيد من الضغوط على مسار تدفق النفط من مضيق هرمز[27].

عند زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إيران في عام 2016، التي تكللت بتوقيعهما الشراكة الاستراتيجية الشاملة، جرى التوقيع أيضًا على العديد من الاتفاقات لإنشاء مناطق صناعية في جاسك وهرمزكان، وفي محافظة سيستان وبلوشستان أيضًا، حيث يقع ميناء تشابهار. وأفادت التقارير، وبموجب الاتفاقية التي تستغرق 25 عامًا، أن الصين ستستثمر في البنية التحتية لميناء جاسك، وفي مناطق التجارة الحرة في جزر الخليج أيضًا[28]. وقد ضاعفت إيران جهودها الساعية لتنويع نشاطها الاقتصادي وزيادة الصادرات غير النفطية، بخاصة إلى الدول المجاورة لها، في الوقت الذي تراجعت صادراتها النفطية بفعل العقوبات الأميركية. وفي ظل غياب برنامج شامل للتحرير الاقتصادي Economic Liberalization Program بسبب الخلافات بين مختلف التيارات والضغوط الناجمة عن العقوبات، وبهدف تعزيز الأنشطة المتعلقة بالصناعة والتصدير، يبقى اهتمام إيران مركّزًا على مناطق التجارة الحرة الممتدة على طول ساحل الخليج والجزر المتاخمة، مثل جزيرة كيش وجزيرة قشم التي تقع بالقرب من بندر عباس وتُعدّ أكبر الجزر في الخليج. وقد جرى الإعلان عن مناطق التجارة الحرة في جزيرتي كيش وقشم في الخليج وفي ميناء تشابهار في خليج عُمان خلال رئاسة هاشمي رفسنجاني (1989-1997) حينما كانت إيران تتمتع بعلاقات جيدة مع الدول المجاورة لها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتمارس سياسة جذب الاستثمارات الدولية وتشجيع التجارة الإقليمية[29]. ووافق مجلس صيانة الدستور، في عهد الرئيس حسن روحاني (2013-2021)، على دمج ميناء تشابهار مع منطقة التجارة الحرة في تشابهار بهدف تعزيز عمليات الشحن والتجارة من الميناء[30]. أما إبراهيم رئيسي، فصرح أن مناطق التجارة الحرة في البلاد يجب أن تستعيد دورها الرئيس، وفي أثناء افتتاحه ستين مشروعًا تشمل مشاريع اقتصادية وأخرى مرتبطة بالبنى التحتية ومتعلقة بمنشآت صناعية، إضافة إلى مصانع إنتاج للحديد ومصافٍ ومنشآت لتطوير الموانئ في ست مناطق تجارية حرة في جميع أنحاء البلاد، صرّح أن مناطق التجارة الحرة يجب أن تعود إلى أهدافها الأصلية[31]. وأضاف رئيسي أنه يجب أن تتحول هذه المناطق إلى مركز أساسي لعمليات الاستثمار والإنتاج والتصدير، بدلًا من العمل بوصفها مراكز لـ “الواردات غير الخاضعة للرقابة”. وبناء عليه، يصبح جذب الاستثمار من الصين أمرًا جوهريًا. بالفعل، وافق مجلس الوزراء الذي يرأسه رئيسي قبل أسابيع على افتتاح قنصلية للصين في مدينة بندر عباس، وهي ميناء إيران التجاري الرئيس في الخليج، وذلك في إثر زيارة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الصين في كانون الثاني/ يناير 2022.
3. إيران في منظمة شنغهاي للتعاون: السعي لتشكيل “رد جمْعي” على العقوبات الأميركية

أبدت إيران، بوصفها جهة فاعلة تسعى لتصحيح الوضع القائم، حماستها للتجمعات المتعددة الأطراف التي يمكنها احتواء قوة الولايات المتحدة المهيمنة ضمن النظام المالي الدولي، مثل مجموعة بلدان البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، [أي ما يُعرف بمجموعة البريكس] Brazil, Russia, India, China and South Africa, BRICS، أو تلك التي يمكنها تشكيل قوة موازنة على نطاق أوسع للوجود الأميركي الاقتصادي والأمني، مثل منظمة شنغهاي للتعاون أو الاتحاد الاقتصادي للمنطقة الأوراسية Eurasian Economic Union – EAEU. وتوسعت منظمة شنغهاي للتعاون بعد موافقتها على عضوية إيران خلال القمة التي عقدتها في طاجكستان في أيلول/ سبتمبر 2021 لتشمل غرب آسيا، وكانت هذه المنظمة قد ساهمت في عملية تواصل إقليمية بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا. صحيحٌ أن منظمة شنغهاي للتعاون دأبت على تأمين إطار مؤسسي لتحقيق التعاون الإقليمي بشأن قضايا أمنية، غير أن طهران كانت تطالب بتعزيز البعد الاقتصادي للمنظمة بغية مواجهة العقوبات الأميركية الأحادية الجانب. وفي هذا السياق، وفي خطاب ألقاه أمام قمة منظمة شنغهاي للتعاون، وصف رئيسي العقوبات بأنها “العقبات الرئيسة التي تحول دون تعزيز الوئام الإقليمي […] ولا تقتصر العقوبات الأحادية الجانب على بلد واحد فحسب، بل، كما أصبح واضحًا خلال الأعوام الأخيرة، باتت تشمل المزيد من الدول المستقلة، ولا سيما أعضاء المنظمة”. ولاحظ أنه “من المهم والضروري وضع آليات للمواجهة الجمْعية مع الأخذ في الاعتبار العقوبات الأحادية الجانب ضمن إطار هذه المنظمة”.

مع إبقاء فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية Financial Action Task Force, FATF إيران مدرجةً على قائمتها السوداء، انتقد الرئيس رئيسي سلفه المعتدل حسن روحاني لإصراره على انضمام إيران إلى الهيئة الدولية المسؤولة عن مراقبة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. فخلال حملته الانتخابية، وصفها رئيسي بـ “اتفاقية الأعداء” لأنها لا تقبل موقف إيران الذي يرى أن من الخطأ تصنيف مجموعات معيّنة، مثل حزب الله، أنها “إرهابية”[32]. وعوضًا عن ذلك، تعمل طهران على توسيع نطاق استخدام العملات الوطنية في التسويات التجارية الثنائية، بوصفها عملية يتيحها انتشار نظام مقاصة بديلة للمدفوعات ونظام تسوية مثل نظام التحويل المالي بالتراسل لدى مصرف روسيا Financial Messages Transfer System, SPFS. وقد أُدخل هذا النظام إلى أنظمة مصارف الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي للمنطقة الأوراسية في عام 2019، إضافة إلى نظم الدفع فيما بين المصارف عبر الحدود Cross-Border Interbank Payment System, CIPS الذي أطلقته بيجين في عام 2015 لتخليص معاملات بعملة اليوان عبر الحدود وتسويتها، وسعت من ثم، لتدويل اليوان[33].

لا شك في أن اجتياح روسيا لأوكرانيا والعقوبات المنسقة التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على نظام روسيا المصرفي، بما في ذلك استبعاد المصارف الروسية من نظام التراسل المصرفي الذي يُعرف بـ “سويفت” SWIFT[34]، أثار المزيد من القلق بشأن قدرة الغرب على فرض سيطرته بالقوة على النظام المصرفي والمالي العالمي. لقد جددت هذه العقوبات المفروضة على روسيا، التي يحتل اقتصادها المرتبة الحادية عشرة على الصعيد العالمي، النقاشَ بشأن صلاحية بدائل نظام سويفت في آسيا[35]. وفي أيار/ مايو 2022، اتفقت روسيا وإيران على التحول إلى العملات الوطنية في تسوية عمليات التداول من خلال استخدام نظام التحويل المالي بالتراسل. وفي السياق نفسه، تعمل الصين على تسوية عمليات تداولها في تجارة الطاقة مع روسيا بعملة اليوان[36]. غير أن مخاطر الإجراءات العقابية التي قد تتخذها الولايات المتحدة، مثل مشروع قانون لتطويق نظم الدفع فيما بين المصارف عبر الحدود [بين روسيا والصين] الذي تم تقديمه [إلى مجلس الشيوخ] في عام 2022 Crippling Unhinged Russian Belligerence and Chinese Involvement in Putin’s Schemes Act of 2022, CURB CIPS Act of 2022[37]، وحقيقة أن نظام الدفع فيما بين المصارف عبر الحدود يعتمد حتى الآن، وعلى نحو كبير، على نظام التراسل سويفت، ما جعل بيجين حذرة بشأن استخدام هذا النظام في معاملاتها مع روسيا[38]. وفي هذه الأثناء، تركت تداعيات حق النقض الأميركي على معاملات الصين المالية العالمية أثرًا ملحوظًا في بيجين[39].
ثانيًا: التعاون الأمني بين إيران والصين

في كانون الثاني/ يناير 2022، وفي أثناء استضافة وزير الخارجية الصيني وانغ يي وزراء خارجية دول مجلس التعاون، أشار إلى أن منطقة الشرق الأوسط لا تعاني فراغًا في السلطة، وأن المنطقة لا تحتاج إلى “نظام أبوي أجنبي”. وأضاف أن الصين تدعم دول الخليج لإنشاء منصات حوار متعددة الأطراف لتأخذ بيدها زمام المبادرة في القضايا الإقليمية[40]. وتجدر الإشارة إلى أن هذه التصريحات تؤكد إحجام بيجين عن تقديم ضمانات لنظام أمني لما بعد الولايات المتحدة في المنطقة، واكتفاءها بنفوذ اقتصادي في المنطقة. وفي الوقت نفسه، يتوافق نهج الأمن الإقليمي الذي عبّر عنه الوزير وانغ يي مع نظرة إيران التقليدية إلى الوجود العسكري الأميركي، بخاصة في منطقة الخليج، التي ترى في هذا الوجود أكبر تهديد للاستقرار الإقليمي، وأكبر تهديد أيضًا لقوتها ونفوذها في المنطقة. ولا تشدد طهران على الاعتماد الذاتي الإقليمي في مجال الأمن فحسب، بل تسعى للاستفادة من الاستراتيجيات الروسية والصينية الأوراسية من خلال إبراز نفسها بوصفها قوة إقليمية مستقلة. وتهدف هذه الاستراتيجيات إلى الحد من قوة الولايات المتحدة/ حلف شمال الأطلسي “الناتو” في المنطقة الأوراسية.

توثقت العلاقات الدفاعية بين إيران والصين مع تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2016، وما عاد يُنظر إلى إيران بوصفها تهديدًا يساهم في انتشار الأسلحة النووية، أو كونها تشكّل تهديدًا للأمن الدولي. وتلت زيارة الرئيس شي جين بينغ إلى إيران في كانون الثاني/ يناير 2016 زيارةٌ لوزير الدفاع الصيني تشانغ وان تشيوان، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وقّع البلدان خلالها اتفاقية ثنائية للتعاون العسكري، تعهّدا فيها بتوثيق التعاون العسكري في عدد من المجالات، بما في ذلك التدريب العسكري وعمليات مكافحة الإرهاب وإجراء تدريبات عسكرية مشتركة[41]. وحافظت الدبلوماسية الدفاعية بين إيران والصين على مسارها التصاعدي؛ إذ عثر البلدان على قضية مشتركة للتصدي للضغوط الأميركية المتنامية ونزعتها الأحادية. وقد أجرت إيران والصين تدريبات بحرية مشتركة بالقرب من مضيق هرمز في تموز/ يونيو 2017، في الوقت الذي كانت البحرية الأميركية تَتهم إيران بإرسال زوارق هجوم سريعة لاستفزاز السفن الحربية الأميركية التي تمرّ عبر مضيق هرمز[42]. وقد أدت سلسلة الحوادث التي عطّلت عمليات الشحن في الخليج، في صيف 2019، إلى اضطلاع بيجين بدور أمني أكبر لحماية حرية الملاحة الضرورية من أجل أمنها في مجال الطاقة. وجاء ذلك في الوقت الذي شكّلت إدارة دونالد ترامب تحالفًا بحريًا دوليًا ضم حلفاءها الإقليميين، وشمل الإمارات العربية المتحدة والسعودية والبحرين، إضافة إلى أستراليا والمملكة المتحدة، في حين كانت تتهم فيه مشترين آسيويين لنفط الشرق الأوسط بـ “الانتفاع المجاني” من الوجود الأمني الأميركي في المنطقة. وفي وقت لاحق، أجرت إيران والصين وروسيا مناورة بحرية ثلاثية عُرفت بـ “الحزام الأمني البحري” في خليج عُمان في كانون الأول/ ديسمبر 2019، أتت للتشديد على شراكة الصين وروسيا في ضمان الأمن في الممر المائي الحيوي، وأشارت إلى توفير دعم دبلوماسي سياسي لإيران.

قلقت واشنطن أيضًا من حصول إيران على قدرات متطورة لمنع ومكافحة الوصول إلى المنطقة Anti-access/area-denial (A2/AD) Capabilities، من بيجين. وتعتمد إيران على تكتيكات غير منتظمة في منع ومكافحة الوصول إلى المنطقة، لاستخدامها ضد أعداء ينعمون بقدرات أكثر تقليدية، بخاصة الولايات المتحدة وحلفاؤها في الخليج. فمنذ ثمانينيات القرن العشرين، حينما بدأت إيران في استيراد صواريخ مضادة للسفن من الصين، تركّزت قائمة موجوداتها من هذه الصواريخ على أربعة أنواع من الصواريخ الصينية. وتضمنت هذه الصواريخ صاروخ جو – أرض خفيف الوزن من طراز AShM YJ-9 وC-701 المعروف باسم “كوثر” في إيران، وصاروخ من طراز C-704، وهو صاروخ أرض – بحر يبلغ مداه الأقصى 40 كيلومترًا ويعرف بصاروخ “نصر”، أما صواريخ “نور” و”قادر” و”قدير” التي يبلغ مداها 120 كيلومترًا و200 كيلومترًا و300 كيلومترًا على التوالي، فهي صواريخ انسيابية Cruise Missiles بعيدة المدى ومضادة للسفن، وهي نسخة من الصواريخ الانسيابية C-802 الصينية بعد أن أُعيد تصنيعها[43].

مع تفاقم حدة التنافس مع الولايات المتحدة، تتنامى مخاوف بيجين بشأن دور مركزي للولايات المتحدة في حماية خطوط النقل البحري في الخليج، ولا سيما مضيق هرمز الضيق، وقدرتها على تهديد أمن الصين في مجال الطاقة[44]. وبالنظر إلى إحجام بيجين عن القيام بدور عسكري في المنطقة، ما يضعها في منافسة مباشرة مع الولايات المتحدة في منطقة بعيدة عن حدودها، تبدو الدبلوماسية الدفاعية مع إيران أولوية استراتيجية. وجاءت زيارة وزير الدفاع الصيني، وي فنغي، إلى إيران، في نيسان/ أبريل 2022، على خلفية الحرب في أوكرانيا، لتؤكد الأهمية التي توليها بيجين لإيران، وسط تزايد التقلبات الجيوسياسية واحتمالات إحياء الاتفاق النووي الإيراني[45].
خاتمة

لم تتعرض إيران، بوصفها طرفًا جيوسياسيًا فاعلًا رئيسًا في غرب آسيا، لعقود من الضغوط الأمنية والاقتصادية الأميركية فحسب، بل أسست أيضًا لنفوذ جيوسياسي في العراق وسورية وأماكن أخرى في المنطقة. وبناء عليه، فإن استراتيجية إيران الجغرافية – الاقتصادية كمنت في الاستفادة من هذا النفوذ الجيوسياسي لتعزيز مكانتها في مجال الترابط بين الطاقة والبنى التحتية على نطاق المنطقة. وتسعى إيران، من خلال انضمامها إلى مبادرة الحزام والطريق وتأسيس شراكة طويلة الأمد مع بيجين، لأن تصبح مركزًا أساسيًا للنقل والطاقة في النظام الاقتصادي الناشئ الذي تقوده الصين، واستغلال الفرص التي تتيح تحقيق تعاون اقتصادي متعدد الأطراف. ولا تنطوي عملية تعميق الشراكة بين إيران والصين على القدرة على رفع مكانتها الجغرافية الاقتصادية من الخليج إلى البحر الأبيض المتوسط فحسب، بل تفسح مجالًا أكبر لإيران للمناورة في علاقاتها بالقوى الكبرى الأخرى، مثل الهند وحتى الغرب، التي لا تريد رؤية قوة إقليمية كبرى تنزلق إلى معسكر الصين. وبحسب [الباحثة الأميركية لوسيل] غرير و[الباحث الإيراني إسفنديار] باتمانقليدج، فإن اعتماد إيران الاقتصادي على الصين لم يأتِ نتيجة الاستراتيجية الصينية، بل نجم عن الاستراتيجية الغربية التي تعتمد على العقوبات وممارسة “الضغوط القصوى”. ومن المحتمل أن تكون عملية إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني ورفع العقوبات، الدافع أمام طهران للعمل على إعادة التوازن في علاقاتها بالصين، وتنويع شراكاتها من خلال التواصل مع الهند والاتحاد الأوروبي.[46] [1] Farnaz Fassihi & Steven Lee Myres, “Defying US, China, Iran Near Trade and Military Partnership,” The New York Times, 11/7/2020, accessed on 27/7/2022, at: https://nyti.ms/3NkMqmA; Kabir Taneja, “China’s Deepening Ties with Iran Raises Critical Concerns for India, Chabahar Port,” The Print, 15/7/2020, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3NptHGj

[2] Bradley Bowman & Zane Zovak, “Biden can no Longer Ignore Growing Iran-China Ties,” Foreign Policy, 13/1/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3OqTdMT

[3] “US Now Preparing for a World with and without Iran Nuclear Deal,” Arab News, 20/6/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3QS5ono

[4] “US Sanctions Russia-backed Iranian Oil Smuggling Network Involving Chinese Firms,” The Print, 27/5/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3NlyWqN

[5] “Iran’s Raisi Urges Closer Ties to Boost SCO Role in Global Economy,” Tasnim News, 17/9/2021, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3nkwNkq

[6] Alam Saleh & Zakiyeh Yazdanshena, “Iran’s Pact with China is Bad News for the West,” Foreign Policy, 9/8/2020, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3u3Tflt

[7] Hamidreza Azizi, “Iran’s Multi-Faceted Strategy in Deir Ez-Zor: From Fighting Terrorism to Creating a Zone of Influence,” SWP Comment, no. 15, Stiftung Wissenschaft und Politik (German Institute for International and Security Affairs), 27/3/2020, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/39TXGc1

[8] “Iran-Syria Port and Maritime Co-op on the Rise,” Tehran Times, 25/6/2021, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3ONsnhA

[9] “Iran, Iraq Ink Deal on Completing Shalamcheh-Basra Railway,” Tehran Times, 27/12/2021, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3OqoxuZ

[10] “Chinese Envoy Explains Veto of UN Security Council Resolution on Syria,” CGTN, 4/7/2020, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3y24ZWS

[11] “China Proposes Four-point Solution to Syrian Issue: FM,” Xinhua, 18/7/2021, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3yrkCsg

[12] “Syria Joins BRI Amidst Extensive China-Mideast Exchanges,” The Global Times, 13/1/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3Npux5V

[13] “China’s Move Towards Syria: Objectives and Prospects,” Emirates Policy Center, 17/8/2021, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3yzwicV

[14] “Russia to Build Grain Hub at Syria’s Tartus Port,” Miller Magazine, 23/1/2020, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3a1P6be

[15] Heidi Vella, “Testing the Waters: Direct Shipping Opens between Iran and Syria,” Ship Technology, 12/5/2021, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3QR3x2m; “Analysis – Iran Intends to Improve Port Rail Connections to Develop International Trade,” PortsEurope, 4/2/2020, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3Abx3Ke

[16] Salam Zidane, “Chinese Oil Companies Fill Void in Iraq,” Al-Monitor, 22/7/2021, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3OReYW5

[17] Salam Zidane, “Iraq, China Launch ‘Oil for Reconstruction’ Agreement,” Al-Monitor, 8/10/2019, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3bv52TC

[18] Manuel Fernandez, “Iraq Seems to Limit Chinese Influence in its Oil Sector,” Atalayar, 20/5/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/39VGqTM; Hamdi Malik, “Iraq’s Oil Sector Caught in Crossfire between US, Iran,” Al-Monitor, 31/5/2019, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3ORfbsl

[19] Omar Sattar, “Iraq Plans to Launch Pipeline to Export Oil through Jordan, Syria,” Al-Monitor, 17/7/2019, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3ou0Vua; Sarah Mcfarlane & Aref Mohammed, “Iraq Balks at Greater Chinese Control of its Oilfields,” Reuters, 17/5/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://reut.rs/3bBaDaQ

[20] “Islamic Pipeline’ Seeks Euro Gas Market,” United Press International (UPI), 25/7/2011, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3yq70h1

[21] “Pak Approves USD 2 Billion Gwadar-Nawabshah LNG Terminal Project,” Asian News International (ANI), 1/10/2016, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3u8Huu7

[22] Haroon Janjua, “Iran Gas Pipeline Deal with Pakistan Hampered by US Sanctions,” DW, 20/5/2019, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3no9aHO

[23] “India Says ‘Prerogative’ of Iran to Invite China, Pakistan for Chabahar Development,” Tasnim News, 17/3/2018, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3AakLll

[24] “Pakistan Emphasises Expansion of Maritime Ties with Iran,” Mehr News Agency, 20/12/2020, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3y6bubw; Ebrahim Fallahi, “Iran-China Partnership to Raise Chabahar Port’s Global Status,” Tehran Times, 27/4/2021, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3OIC4i1

[25] “Iran’s Raisi Urges Closer Ties to Boost SCO Role in Global Economy.”

[26] Dipanjan Roy Chaudhury, “Iran could Offer India Access to Jask Port for Strategic Oil Reserve Facility,” The Economic Times, 13/6/2021, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3OJtP4G

[27] Farzin Nadimi, “Iran’s Evolving Approach to Asymmetric Naval Warfare: Strategy and Capabilities in the Persian Gulf,” Policy Analysis, The Washington Institute for Near East Policy, 24/4/2020, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3xXnJqx

[28] Lucille Greer & Esfandyar Batmanghelidj, “Last Among Equals: The China-Iran Partnership in a Regional Context,” Occasional Paper, no. 38, Wilson Center (September 2020), accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3bCtnXT

[29] Hassan Hakimian, “Iran’s Free Trade Zones: Back Doors to the International Economy,” Iranian Studies, vol. 44, no. 6 (2011), pp. 851-874.

[30] P. Manoj, “India-funded Chabahar Port in Iran to be Integrated with Free Zone,” The Hindu Business Line, 2/7/2020, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3NrKXe4

[31] “Free Zones must Return to their Original Goals,” Government of the Islamic Republic of Iran, 21/11/2021, accessed on 27/7/2022, at: https://irangov.ir/detail/374332

[32] “Financial ‘Noose’ of FATF Divides Iran Presidential Candidates,” Iran International, 6/6/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3u8QK1l

[33] Farid Malikov, “Russia, Iran to Expand Use of National Currencies in Trade,” Caspian News, 27/5/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3xZDNrT

[34] نظام سويفت هو نظام عالمي يقدّم خدمة التحويل من خلال التراسل والتواصل بين أكثر من 11 ألف مصرف ومؤسسة مالية في جميع أنحاء العالم، بهدف إنجاز المعاملات المالية وتسهيلها. وتدير هذا النظام الجمعية البلجيكية للاتصالات المالية العالمية، وتعتمد عليه دول العالم كلها تقريبًا. (المراجعة)

[35] Kandy Wong & Ji Siqi, “Ukraine Invasion: Swift Ban, Sanctions Cut Russian Economy from the World: Will China’s Yuan Payment System Offer a Lifeline?” South China Morning Post, 1/3/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3QQtmQ7; Huileng Tan, “China and Russia are Working on Homegrown Alternatives to the SWIFT Payment System. Here is What they would Mean for the US Dollar,” Business Insider India, 1/4/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3I1dy9g

[36] Phil Rosen, “China is Buying Russian Energy with its Own Currency, Marking the First Commodities Paid for Yuan since Western Sanctions Hit Moscow,” Business Insider, 7/4/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3bvqnMH

[37] مشروع قانون تقدّم به عضو مجلس الشيوخ الجمهوري، روبيو ماركو، يطالب فيه بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الصينية التي تخلّص المعاملات مع المؤسسات المالية الروسية، أو التي تسيطر عليها روسيا، أو تتحقق منها أو تعمل على تسويتها. ينظر:

“S.3877: To Require the Imposition of Sanctions with Respect to Chinese Financial Institutions that Clear, Verify, or Settle Transactions with Russian or Russian-controlled Financial Institutions,” 117th Congress, 3/17/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3J47X2b (المراجعة)

[38] Chris Devonshire-Ellis, “US Threatens Chinese Banks with SWIFT Disconnection,” Silk Road Briefing, 20/3/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3OsGaKS

[39] Andy Mukherjee, “China can Bypass SWIFT by Putting Digital Money in Play,” Bloomberg, 28/2/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bloom.bg/3Oqzrkw

[40] “Chinese, Saudi Arabian FMs Reach Broad Consensus on Bilateral Ties,” CGTN, 11/1/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3u71Cg6

[41] “Iran, China Sign Military Cooperation Agreement,” The Diplomat, 15/11/2016, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3P4hQ1Z

[42] “Iran, China Stage Joint Naval Drills,” Tasnim News, 18/6/2017, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3QRebpQ

[43] Doughlas Barrie, “Does Iran Harbour High-speed Anti-ship Missile Ambitions?” International Institute for Strategic Studies, 13/3/2020, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3HV0iD3

[44] Camile Lons et al., “China’s Great Game in the Middle East,” Policy Brief, European Council on Foreign Relations, 21/10/2019, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3yqhxsz

[45] “China, Iran Agree to Push Military Ties to Higher Level,” CGTN, 28/4/2022, accessed on 27/7/2022, at: https://bit.ly/3OtTKgS

[46] Greer & Batmanghelidj.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 + 12 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube