قال موقع “شلمبرجر ألاميركي إن تصديق عملاق خدمات حقول النفط الأميركية الأسبوع الماضي على صفقة بقيمة 480 مليون دولار لحفر 96 بئرا نفطية في حقل غرب القرنة-1 العملاق يتناسب تماما مع منطق اللعب الدائم الذي يتبناه العراق مع كل من الولايات المتحدة والصين.
ويقع حقل غرب القرنة-1 على بعد حوالي 65 كلم إلى الشمال من البصرة، التي تعتبر المركز الرئيسي للنفط والتصدير جنوبي العراق، ويحتوي على جزء كبير من الاحتياطات القابلة للاستخراج المقدرة بنحو 43 مليار برميل والموجودة في حقل غرب القرنة العملاق.
فإن حقل غرب القرنة-1 كان يعتقد في الأصل أنه يحتوي على نحو 9 مليارات برميل من الاحتياطات، لكن وزارة النفط العراقية قالت في وقت سابق من هذا العام إنه يحوي احتياطات قابلة للاستخراج تزيد عن 20 مليار برميل، وإن لديها خططا لزيادة قدرة إنتاج الحقل من النفط الخام إلى أكثر من 700 ألف برميل يوميا على مدى السنوات الخمس المقبلة.
ورغم أن الحقل ينتج حاليا حوالي 380 ألف برميل يوميا فقط، فإن الوزارة تقول إن طاقته هي على الأقل 500 ألف برميل يوميا، وتهدف الآبار الجديدة التي ستحفرها شركة شلمبرجر إلى إضافة حوالي 200 ألف برميل آخر لهذه الطاقة الإنتاجية.
ورغم أن الحقل يستفيد -مثل العديد من حقول النفط العراقية- من تكاليف استخراج تعد الأكثر انخفاضا في العالم، وهي حوالي دولار إلى دولارين أميركيين لكل برميل، على غرار أفضل الحقول في السعودية وإيران، فإنه يعاني من نقص في ضخ المياه الكافية لزيادة ضغط الخزانات.
ولم تنجح حتى اللحظة -حسب الموقع الأميركي- أي من الجهود الرامية إلى إصلاح هذه المشكلة من خلال تنفيذ “مشروع الإمداد المشترك بمياه البحر” “سي إس إس بي” (CSSP)، خاصة وأن الشركة الوحيدة في العالم القادرة على إكماله بشكل صحيح، وهي “إكسون موبيل” (ExxonMobil) الأميركية، لم تعد مهتمة بذلك على ما يبدو، ولا تنوي أيضا الاستمرار في الاحتفاظ بحصتها البالغة 32.7% من الحقل.
وبحسب أويل برايس، فإن عدم رغبة إكسون موبيل بالاستمرار في هذا الحقل تعود إلى الأسباب نفسها التي دفعت العديد من شركات النفط الغربية الكبرى للقيام بالخطوة ذاتها خلال الأشهر الأخيرة، كما تبرز بشكل خاص لماذا يعتبر أي مسعى أميركي لإعادة تأكيد نفوذها عبر حقول النفط العراقية من خلال شركة شلمبرجر غير مبنية على أسس متينة.
فعلاوة على الفساد المستشري في قطاع المحروقات العراقي، تبقى الحقيقة أن الصين عملت على توسيع نفوذها عبر الحقول النفطية نفسها منذ أن أعلنت الولايات المتحدة رغبتها في تقليص دورها في الشرق الأوسط (وأماكن أخرى مثل أفغانستان) من أجل تجنب خوض “حروب لا نهاية لها”.
وفي الوقت الذي كانت تتعامل فيه مع رئيس متقلب مثل الرئيس السابق دونالد ترامب وتخوض حربا تجارية شديدة الحساسية مع واشنطن، سعت بكين -وفق الموقع- إلى تحقيق هذا الهدف من خلال تجنب توقيع صفقات ضخمة ولافتة للانتباه لعقود التنقيب والتطوير في حقول النفط الكبيرة، ومكنت بدلا من ذلك سلسلة من شركات الهندسة والخدمات الصينية الغامضة التي لم يسمع بها أحد من قبل من الحصول على “جوائز تعاقدية”.
وكمثال على ذلك حقل غرب القرنة-1 نفسه، حيث تمتلك الصين بالفعل نصيب الأسد في الموقع، ليس فقط من خلال حصة 32.7% التي تمتلكها “بتروتشاينا” (PetroChina) -الذراع التابعة لشركة البترول الوطنية الصينية “سي إن بي سي” (CNPC)، ولكن أيضا من خلال استحواذ الشركات الصينية التدريجي على مجموعة من المكافآت الضخمة التي يفترض أنها “تعاقدية فقط” لقاء عملها في هذا الحقل.
وتضمنت أحدث هذه “المكافآت” عقدا هندسيا بقيمة 121 مليون دولار لتحديث المرافق المستخدمة لاستخراج الغاز أثناء إنتاج النفط الخام لـ”شركة هندسة وإنشاءات البترول الصينية” “سي بي إي سي سي” (CPECC)، والذي جعل الصين ليس اللاعب الرئيسي في حقل غرب القرنة-1 واستبعد إيكسون موبيل من أي مجهود للتطوير أو تنفيذ “مشروع الإمداد المشترك بمياه البحر” فحسب، بل سمح لبكين أيضا بتلقي عروض أخرى من العراق.