كتب محمد خير الوادي :
وبعد ان ازاحت واشنطن العبء الافغاني عن كاهلها ، بدأت تتفرغ لمجابهة التحدي الصيني ، والسعي الى احتواء الصين . واول خطوة اقدمت عليها الادارة الامريكية ، تجلت في الاعلان عن توقيع اتفاقية عسكرية لتشيكل تحالف عسكري كبير ،يضم كلا من اوستراليا وبريطانيا هدفة مواجهة الصين . وتتضمن الاتفاقية التي وقعت عليها اوستراليا الحصول على غواصات نووية امريكية ونشر مختلف انواع الطائرات العسكرية الامريكية بالاضافة الى مرابطة قوات امريكية هناك . لقد عبرت بكين عن قلقها البالغ من هذه الاتفاقية ، واعتبر الناطق الرسمي الصيني ان هذه الخطوة الثلاثية تنبيء باشعال حرب باردة شاملة ضد الصين .
وفي حقيقة الامر ، فان الاتفاق الدفاعي المذكور يقلب رأسا على عقب موازيين القوى التي كانت سائدة في تلك المنطقة خلال سنوات العقد الماضي.وكانت الصين تتمتع بحضور وتأثير قويين هناك . ويكفي ان نشير بهذا الخصوص ، ان بكين قد اتخذت سلسلة كبيرة من العقوبات ضد اوستراليا بسبب مواقف الحكومة الاوسترالية تجاه هونغ كونغ والويغور وحقوق الانسان . كما درج السفير الصيني على تقديم مذكرات الاحتجاج والتحذيرات ضد اي جهة اوسترالية تنتقد بكين .
لقد اعلنت وزيرة الخارجية الاوسترالية ان بلادها – بعد الاتفاق الثلاثي -لم تعد وحيدة ، وان الصين بعد اليوم لن تتمكن من الانفراد باوستراليا وممارسة الضغوط والتهديدات المبطنة والعلنية ضدها .
وخطورة هذا الاتفاق بالنسبة للصين لا تنحصر في وجود قواعد عسكرية امريكية وتقديم التقانة النووية العسكرية للجيش الاوسترالي وفتح الباب امام انتشار الاسلحة النووية . ان مرد القلق الصيني يعود ايضا الى ان الاتفاقية المذكورة ، ستشجع بقية دول المنطقة على التمرد على النفوذ الصيني الطاغي في جنوب شرقي آسيا ، وستعقٌد كثيرا حل الخلافات حول بحر الصين الجنوبي ، وستزيد التوتر وسباق التسلح في تلك المنطقة .
ويبدو ان واشنطن عازمة على المضي في جهدها لمواجهة ما تسميه “التهديدات الصينية ” ،وبث الخوف والهلع من الصين بين دول تلك المنطقة .
وفي هذا الاطار ، اعلن الرئيس بايدن انه سيستضيف هذا الشهر قمة رباعية تضم كلا من اليابان والهند واوستراليا ، وان هذ القمة ستعمل على تنشيط الحوار الرباعي الامني بين هذه الدول بهدف ضمان الاستقرار وحرية الملاحة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ . بكلمات اوضح ، فان االغاية الحقيقية لتلك القمة هي تنسيق الجهود ا لعسكرية للدول الاربع لمواجهة الوجود العسكري الصيني هناك .
ومنذ ايام زارت نائبة الرئيس الامريكي هاريس كلا من سنغافورة وفيتنام ، واعلنت من هناك الدعم الامريكي الشامل للدولتين لمواجهة التحديات الصينية .
واضح ، ان واشنطن – بعد انسحابها من افغانستان – قد بدأت بحملة شاملة لتنشيط تحالفاتها العالمية ضد الصين. ومثل هذه الامر يشير الى ان الحرب الباردة التي حذرت بكين منها قد بدأت فعلا .
17/9/2021