شوقي جلال 2002 عرض : أمين اسكندريعرض كتاب الصين.. التجربة والتحدي للمؤلف شوقي جلال من واقع الدراسة والاحصاءات والمشاهدات ملحمة الصين في التاريخ وقدرتها الاعجازية على الانتقال من غيبوبة الأفيون الى ثورة التحديث الشاملة. كلما اتجهت جنوبا ازددت علما وحكمة هذا هو المثل الاوروبي السائر عندما كانت أوروبا في العصر الوسيط، ومن هنا فمع بدايات النهضة نهلت أوروبا بنهم من علوم وحكمة الشرقين الأقصى والأدنى. نهض الغرب وانحسر الشرق وتجلى الغرب الأوروبي آنذاك عن شعار عصر التنوير الذي يقرر الاخوة والمساواة والحرية للإنسان والانسانية. وبدأ الغرب يعيش عقدة الاستعلاء، فأشاع نظرية عن المركزية الأوروبية، وتقضى هذه النظرية بأن الغرب هو المركز.. مركز القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، ومراكز الابداع والتجديد، وهو الحضارة والحداثة، بل وصل الامر عند أحد مفكريهم بأنه المحطة النهائية في مسار التطور الحضاري للمجتمعات مع انحسار حضارة الشرقين الأقصى والادنى واصبح الشرق مهيضا ضعيفا وفريسة لعقدة الدونية بعد أن صدق أكذوبة الغرب وتزييفه للتاريخ.
ومع مطلع القرن العشرين بدأت الولايات المتحدة ترى نفسها وريثة أوروبا وان المستقبل لها.وحشدت اعلامها ومؤسساتها المختلفة لضمان اطراد مشاعر الدونية لدى الشرق بعامة، ولضمان اسباب هيمنتها، والسعى حثيثا الى أمركة العالم أو احتوائه تحت سطوتها وكان أفضل المعبرين عن هذا الهدف هو الرئيس الأمريكي الأسبق تيودور روزفلت 1858 – 1919 إذ قال أمركة العالم هو مصير قدر أمتنا. ومن هذا الوعاء التربوي العنصري أفرز جنجريتش زعيم الأغلبية الجمهورية في الكونجرس مقولته في 2/3/1995: العنصر الأمريكي هو الاسمى والأرقى ومن ثم الأحق بالهيمنة على العالم.
وعلى مدى النصف الثاني من القرن العشرين شهد العالم تحولات درامية علمية وسياسية وجيوبوليتكية وتكنولوجية وثقافية غيرت من المشهد العالمي. صعد نجم الولايات المتحدة الأمريكية ووقف الغرب الاوروبي حليفا لها، وسقط النظام السوفييتي ولواحقه من الكتلة الشيوعية ومع مطلع العقد الأخير من القرن العشرين أصبحت أمريكا الوحيدة على القرن. وشهد الشرق الأقصى تحولات جذرية مقابلة ومناهضة تجعل منه أو من أحد بلدانه القطب المحتمل الصاعد واقترنت هذه التحولات بأزمة في الغرب، في الفكر والثقافة وفي تحول مراكز الانتاج. وباتت تؤرقه هواجس عن احتمالات انحسار التفرد والنفوذ والهيمنة، ولنتأمل كلمة كلينتون في الانتخابات «أعرف أن منافستنا في المستقبل ستكون مع ألمانيا وبقية اوروبا واليابان وبقية بلدان اسيا واعرف اننا بصدد أن نخسر زعامة أمريكا للعالم لأننا نخسر الحلم الأمريكي هنا في الداخل». وفي الفصل الأول من الكتاب يروي الكاتب عن زيارته للصين لأول مرة في عام 1949، وزيارته الثانية 1989. ولكن مخاض التحول كان اليما قاسيا، ذلك لأن الثورة لم يكن طريقها للتنمية والتطوير سهلا معبدا، اذ واجهت صعابا جمة. واجهت عداء من الغرب الذي فرض حصارا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا على الصين. ولعل اشد الاخطار والمآسي تمثلها أحداث الثورة الثقافية التي امتدت عشر سنوات. اذ باسم الثورة الثقافية شرعت قوى اليسار الطفولي في تدمير تراث الأمة وتاريخها. ولكن الشعب الصيني استطاع ان ينتصر في النهاية ويلعق جراحه ليبدأ عام 1978 ثورة التصحيح ويستأنف مسيرة التنمية. وتشير الاحصاءات الى أن اجمالي الناتج المحلي الصيني عام 1952 بلغ 67.9 مليار يوان وأصبح عام 1989 قدره 593 مليار يوان وبلغ في عام 1998 ماقدره 7955.3 مليار يوان ونجد تقرير البنك الدولي لعام 1997 يضع الصين في المرتبة السابقة بعد أمريكا واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا. وتشير احصاءات انتاج الحبوب الى ان الانتاج في عام 1989 بلغ 400 مليون طن وفي عام 1999 زاد عن 490 مليون طن، وبذا اصبحت الصين هي الأولى في العالم من حيث انتاج الحبوب. وتشير احصاءات الخدمات الى ان نصيب الخدمات عام 1978 بلغ حوالي 23.7% من اجمالي الناتج المحلي. وفي عام 1998 بلغ حوالي 32.8% من اجمالي الناتج المحلي. وتشير احصاءات اللحوم الى ان الانتاج في عام 1952 بلغ 3.39 ملايين طن. وفي عام 1997 بلغ 40.9 مليون طن. وفي عام 1997 بلغ نصيب الفرد من انتاج البيض عام 1997، 33 كجم، كما تشير احصاءات الفاكهة الى ان نصيب الفرد في العام نفسه 41كجم. وتصاعد الانتاج الصنا