فور سقوط الاتحاد السوفياتي، باشرت إسرائيل العمل من اجل تثبيت وجودها في دول وسط اسيا وهي طاجيكستان ،أوزبكستان ، تركمنستان ، كازاخستان وقرغيزستانن واقامت علاقات دبلوماسية عها كلها. وقد سعت اسرائيل لتحقيق الاهداف التالية: 1- تنشيط الهجرة اليهودية من آسيا الوسطى الى إسرائيل. فقد كثفت الوكالة اليهودية انشطتها اواسط التسعينات من اجل دفع مئات الاف اليهود للهجرة من اسيا الوسطى الى اسرائيل.وقد افلحت في ذلك،وساعدتها الازمة الاقتصادية الحادة التي ضربت دول اسيا الوسطى عقب انهيار الاتحاد السوفياتي وكذلك عدم الاستقرار السياسي ، فضلا عن ان الوكالة اليهودية كانت قد تمكنت من تعزيز نفوذها سابقا بسبب وجود جالية يهودية كبيرة بين مواطني هذه البلدان تساندها وتقدم لها العون، . وبعد ان نضب خزان هجرة اليهود من اسيا الوسطى،بدأت الوكالة العمل من اجل تهجير اعداد اضافية من غير اليهود، تماما كما حدث مع الفلاشا. وتم استغلال فقربعض المواطنين وحاجتهم الشديدة لدفعهم للهجرة إلى إسرائيل مع اتخاذ كل ما يلزم لتهويدهم هناك فى إسرائيل . وفى البداية لاقت الفكرة بعض المعارضة ولكن سرعان ما حازت على قبول الحكومة الإسرائيلية مع تعديل بسيط للخطة وهو عدم تهجير غير اليهود إلا بعد أن يكونوا قد تأكدوا تماما إنهم ينتمون فى الأساس لجذور يهودية وإن اعتناقهم ديانة أخرى غير اليهودية إنما جاء فرارا من العقاب والملاحقة الأمنية التى كان يتعرض لها اليهود فى الماضى إبان الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتى السابق وأمريكا لما كان معروف عن اليهود من تأييد للولايات المتحدة الأمريكية. 2- بعد ان نالت دول وسط اسيا استقلالها،تحركت في هذه البلاد مجموعات اسلامية من اجل السيطرة على السلطة هناك.وقد دب الرعب في قلوب قادة هذه الجمهوريات ولجأوا اى الاستعانة بخبرة اسرائيل في محاربة تنظيمات الجماعات الإسلامية التي تشكل الخطر الأكثر أهمية على أنظمة الحكم المحلية، وقد استثمرت اسرائيل هذه الفرصة الثمينة للتغلغل الى داخل اجهزة الامن المحلية من اجل تعزيز الوجود الاسرائيلي واقتناص معلومات عن حركات المقاومة الاسلامية المعادية لاسرائيل في المطقة العربية. واهتمت الدولة العبرية بشدة بمنع تسرب التكنولوجيا والخبرات النووية والصاروخية والأسلحة التقليدية المتطورة من تلك البلدان إلى الدول العربية والإسلامية خصوصاً إيران ومصر وسورية، مع الحرص الدائم على عرقلة تطور علاقات الدول الأخيرة ببلدان آسيا الوسطى.وفي هذا المجال ،عمل الموساد جنبا الى جنب مع وكالة الخابرات المركزية الامريكية من جمع المعلومات عن اية صفقات بهذا الخصوص. و منذ عام 1997 اولت واشنطن اهتماماً خاصاً بتعزيز التعاون الأميركي- الإسرائيلي في آسيا الوسطى ومنطقة بحر قزوين وتركيز العمل في الجمهوريات السوفياتية السابقة في إطار وزارات الخارجية والدفاع والاستخبارات، لمواجهة النفوذ الإيراني في آسيا الوسطى وبحر قزوين . 3- الاستفادة من الثروات الكبيرة في دول اسيا الوسطى.وقد سارعت الشركات الاسرائيلية الى العمل في مجالات الطاقة والزراعة والانشاءات والمناجم لاسيما تلك الغنية باليورانيوم.وسنعرض لذلك لاحقا. وطرحت الاوساط الاسرائيلية التي شجعت سابقا على بناء خط باكو –جيهان سيحان في تركيا، فكرة جديدة تتمثل في مد هذا الخط ليصل الى اسرئيل . ويدور الحديث عن خطط لبناء خطوط أنابيب تحت مياه البحر تربط تركيا باسرائيل ،ويعرض الاسرئيليون الجدوى الاقتصادية لهذه الخطوط بالقول ان المسافة التي تفصل بين تركيا واسرائيل لاتتعدى 400 كم،وهذا الرقم لايساوي شيئا امام طول خط باكو جيهان الذي يصل الى اكثر من 6000 كم . فضلا عن ذلك ان الخط الجديد سينقل النفط من إسرائيل الى الشرق الأقصى عبر مينا ء ايلات الاسرائيلي، ومن شأن هذا التغيير الدراماتيكي في مسار النفط والغاز من آسيا الوسطى من خلال شرق البحر المتوسط، إضعاف “الممرات التجارية المباشرة” بين الدول المنتجة في آسيا الوسطى وشركائها التجاريين في جنوب وشرق آسيا، بمن فيهم الهند والصين، وفي النهاية، فإن تصميم مسار أنابيب النفط هذا يستهدف إضعاف دور روسيا في آسيا الوسطى وحرمان الصين من الموارد النفطية لآسيا الوسطى، وقد سربت بعض الدوائر الاسرائيلية مؤخرا اراء تقول أان الضغط الشديد الذي تعرضت له سورية لسحب قواتها من لبنان ،كان يهدف كذلك الى تامين ممر امن لتلك الخطوط امام السواحل اللبنانينة، لاسيا وان مصممي المشروع يخططون لكي لاتمر الخطوط في المياه الاقليمية السورية . وسنتوقف الان عند تعاون اسرائيل مع كل من دول اسيا الوسطى اولا: طاجاكستان: وقعت إسرائيل اتفاقية مع طاجاكستان في شباط (1992) لنقل التكنولوجيا الزراعية الإسرائيلية ، واستغلال النفط الخام الطاجيكي .وقد أعاقت الحرب الأهلية التي نشبت في طاجكستان أوائل التسعينات مبادرات رجال الأعمال الإسرائيليين آنذاك، واثرت على الاندفاع الإسرائيلي كذلك، وبعد انتهاء الحرب كلفت إسرائيل سفيرها في موسكو بالتنسيق مع طاجكستان. وفي عام 2003 قام ديبلوماسيون ورجال أعمال إسرائيليون بزيارات متعددة الى العاصمة دوشانبه، وفي الواقع لم تكن هذه الزيارات فعالة في تعزيز العلاقات الثنائية، فقد أثر الدور الإيراني في طاجكستان على علاقات تل ابيب مع دوشانبه وأضعفها. واستنكر الرئيس العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006. إلا أن إسرائيل حافظت على علاقات دبلوماسية مع هذه الجمهورية الإسلامية ، حيث يقوم السفير الإسرائيلي في موسكو بتسيير هذه العلاقات ، ، ومن الجدير بالملاحظة أن الجماعات الإسلامية تلعب دوراً بارزا في المجتمع الطاجيكي وفي الحكومة ، وقد حدَّت هذه الجماعات الإسلامية كثيراً من تطور العلاقات مع إسرائيل ، وقامت بمظاهرات شرسة نددت بقوة بكل من أميركا وإسرائيل. ثانياً: أوزبكستان.كانت اوزبكستان أول دول المنطقة التي أقامت علاقات أمنية واستخباراتية مع إسرائيل، و لإسرائيل كذلك تعاون وثيق مع أوزبكستان محوره الزراعة والري ، حيث وقعت إسرائيل اتفاقية في أيلول (1992) لبناء مشروع ري في إقليم “أنديزان” ، وإنشاء مزارع نموذجية بتعاون مالي أميركي ، بالإضافة إلى تدريب خبراء في زراعة القطن ، مما كان له الأثر في زيادة إنتاج القطن بنسبة (30%) وتوفير ثلثي استهلاك المياه ، وأكد وزير التجارة الخارجية الاسرائيلي السابق أن أربع شركات إسرائيلية كبرى تعمل باستمرار في أوزبكستان.
ثالثاً: تركمنستان: أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وتركمنستان منذ عام (1993) ، وقد قام نائب رئيس الوزراء التركماني عام (1994) بزيارة إسرائيل ، ورد الزيارة وقتئذ شمعون بيرس ، ووقعت عدة اتفاقات بين الطرفين تتعلق بالتعليم والزراعة والصحة ، وقد بلغت قيمة التبادل التجاري بين الطرفين عام (1995) أربعين مليون دولار ، وتعمل إسرائيل بوساطة شركة “مرهاف” حيث وقعت الأخيرة أيضاً عقداً بخمسمائة مليون دولار لتقوية مصفاة تكرير النفط في تركمنستان. ومن المعروف أن رئيس تركمانستان الجديد كوربان كول بيردي مخميدوف يقوم باتصالات نشطة مع إدارة الشركة الإسرائيلية (ميرخاف) للتعاون في مجالي النفط والغاز والزراعة.
رابعا: كازاخستان: بالرغم من أن مليون كازاخستاني هم من أصل ألماني ، إلا أن إسرائيل ، رغم تخوفها في البداية ، عادت فاستغلت أساليبها في الالتفاف حول مثل هذه الحالات بالطرق الدبلوماسية والاقتصادية ودفعت باستثمارات كبيرة خاصة في الزراعة ، حيث قامت شركة “ديفي” بزيادة منتوج الحليب وحده 60% ، وخفضت مصاريف الإنتاج إلى حد كبير ، كما قامت إسرائيل باستثمارات محلية في قطاع البنوك والمحلات التجارية الكبرى والاتصالات. وسعت تل أبيب لإقامة علاقات وثيقة مع كازاخستان منذ استقلالها، باعتبارها أكبر وأهم جمهوريات آسيا الوسطى. وقام شاؤول إيرنبيرغ وهو أحد رجال الأعمال اليهود بتوقيع عقود مع حكومة كازاخستان في عام 1992 قيمتها مليارا دولار تتعلق بمشاريع خاصة بالري والاتصالات والنفط وغيرها، وقد مهد إيرنبيرغ بهذه العقود الطريق أمام الحكومة الإسرائيلية لاستيعاب حكومة كازاخستان. كما وضعت إسرائيل يدها على مناجم ومصانع في كازاخستان تنتج آلاف الأطنان من اليورانيوم سنوياً، وأصبحت في عام 2002 مالكاً رسمياً وبصورة نهائية لمجمع معالجة اليورانيوم، ينتج ما يكفي لصنع ترسانة كاملة من الأسلحة النووية كل عام، وتم ذلك عندما اشترت شركة «سابيتون ليمتد» أحد فروع شركة «أفريطا – إسرائيل أنفيستمنت» الإسرائيلية القابضة مجمع (تسيليفا للتعدين والكيمياء) في كازاخستان، وهو أحد أكبر مجمعات معالجة اليورانيوم الخام في العالم، وبذلك تحصل إسرائيل على ناتج معالجة 130 – 150 طناً من خامات اليورانيوم كل شهر، أي نحو 1560 الى 1800 طن سنوياًَ. وفي مجال الفضاء استفادت إسرائيل من قاعدة بايكانور الفضائية الكازاخية في إطلاق أكثر من قمر اصطناعي، كان أولها قمر (صهيون) للأبحاث العلمية والاتصالات، أطلق في تموز (يوليو) 1998 بواسطة صاروخ روسي. وكانت الهيئات الحكومية الإسرائيلية المتخصصة بالزراعة وكذلك الشركات الزراعية بدأت في بحث إقامة مشاريع مشتركة ونقل التقنية الإسرائيلية إلى كازاخستان في مجال الري والزراعة والصناعات الغذائية. وقال كريم ماسيموف رئيس الوزراء الكازاخستاني، خلال زيارته إسرائيل حين كان نائباً لرئيس الوزراء ان علاقات البلدين «تعد بالفعل مثالاً يحتذى به وتطبيقاً واقعياً لكيفية وجود تعاون وثيق بين دولة إسلامية وبين إسرائيل» وأضاف: «ان استانا تربطها بتل ابيب علاقات صداقة متينة وطيبة للغاية». وفي ما يخص التعاون في مجال الطاقة قال نائب رئيس الحكومة الكازاخية آنذاك في كلمة له أمام مؤتمر الطاقة الذي عقد في جامعة حيفا: «إن هناك مداولات تجري حالياً لمد أنبوب نفط من كازاخستان الى إسرائيل مروراً بتركيا». كما أن الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نازارباييف يعتبر أول فائز بجائزة «مايمونيد» اليهودية، وسلم الحاخام اليهودي الأميركي الجنسية رونالد لاودير هذه الجائزة لنازارباييف عام 2004 نظراً الى دوره في «تعزيز الحوار بين الحضارات»، وذلك بعد افتتاح كنيس يهودي كبير في العاصمة الكازاخستانية أستانا. خامسا: قرغيزستان: اعترفت قرغيزستان بإسرائيل خلال الزيارة التي قام بها رئيسها السابق “عسكراكاييف” لإسرائيل في كانون الثاني عام (1993) ، كما أقامت قرغيزستان علاقات دبلوماسية على مستوى سفارة لها في إسرائيل ، وقد اتفق الطرفان على التعاون في مجالات متعددة منها العلمية والاتصالات والتكنولوجيا والثقافة والمشاريع المشتركة.وخلال السنوات العشر الماضية ، تعزز النفوذ الاسرائيلي أكثر في وسط آسيا ، من خلال التركيز على مشروعات البنية التحتية والزراعة والاتصالات . كما تمكنت الصناعات العسكرية الاسرائيلية من عقد صفقات مع كل من كازاخستان وتركمنتستان واوزبكستان ، وزادت اسرائيل من حضورها الامني هناك عبر تدريب كوادر عسكرية وامنية لدول المنطقة .