كتب محمد خير الوادي :
فجأة ودون مقدمات ، كتب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقالة عن العلاقات مع اكرانيا ، يذكٌر فيها بالتاريخ المشترك للشعبين الروسي والاوكراني ، ويعتبرهما شعبا واحدا ، ويعتبر ان استمرار اقامة الجدران بينهما يمكن ان يتمخض عن مأساة حقيقية . كما طالب الرئيس بوتين في موقف لاحق بالعمل على تحسين العلاقات مع أوكرانيا !
هذا الكلام الجديد لبوتين، فاجئء الجميع . واقول الجميع ، لان التوجه الرسمي لموسكو كان الى ايام قليلة ماضية ،يعتبر اوكرانيا دولة غير صديقة . وقد اثمر ذلك التوجه عن اتخاذ اجراءات روسية منها، اعتقال القنصل الاوكراني في بطرس بورغ بتهمة التجسس ، ومنع المنتجات الاوكرانية ومنها الزراعية من دخول الاسواق الروسية ، واجراء مناورات عسكرية ضخمة للجيش الروسي على الحدود مع اوكرانيا . كما ادت المناورات البحرية الغربيةالمشتركة مع اوكرانيا في البحر الاسود ،الى اخطر احتكاك من نوعه ، كاد ان يؤدي الى مشكلة عسكرية بين الجانبين . وبدوره ، لم يقصٌر الاعلام الرسمي الروسي في الحديث عن تحول اوكرانيا الى قاعدة للتآمر الغربي على روسيا .
وهناك كثير من الخطوات والاجراءات الاخرى التي تظهر كلها عمق التدهور غير المسبوق في علاقات البلدين .
والسؤال الذي يفرض نفسه : لماذا حدث هذا الانقلاب المفاجيء في سياسة الكرملين ازاء اوكرانيا ؟
هل جرى ذلك لأن الرئيس بوتين استشعر الخطر من انتقال الخصومة مع كيف الى صدام شامل ومدمر للبلدين ؟
وهل اراد الرئيس الروسي ايقاف نهج الحكومة الاوكرانية الرامي الى تمزيق ما تبقى من اواصر تاريخية واجتماعية بين الشعبين الروسي والاوكراني ؟ (وللتذكير فقط ، نشير الى أن السلطات الاوكرانية اسرعت مؤخرا في اتخاذ جملة من القرارات المعادية لروسيا وللروس عامة ، منها :
اعتبار روسيا دولة محتلة لاراض اوكرانية ، واغلاق اجهزة الاعلام الروسية في البلاد ، وتصنيف المواطنين الروس في اوكرانيا خارج قائمة السكان الاصليين ، ومنع اللغة الروسية ، وفصل الكنيسة الارثوذكسية الاوكرانية عن نظيرتها الروسية ، والحد من التجارة مع روسيا ومنع دخول البضاع والشركات الروسية ، وتشجيع الحملات العنصرية المعادية للروس في البلاد ، وغيرها الكثير من الاجراءات ).
وهل هدفَ الرئيس بوتين من موقفه الاخير ، الى منع سقوط اوكرانيا النهائي في المصيدة الغربية عامة والامريكية خاصة ، وعرقلة تحولها الى قاعدة غربية للتآمر على روسيا ؟
وأخيرا ، هل تندرج خطوة بوتين هذه في اطار تنفيس الاحتقان مع امريكا واصلاح العلاقات المتدهورة بين البلدين ؟
برأي ، ان هذه الاجوبة الافتراضية كلها ،يمكن ان تسلط بعض الضوء على اسباب التحول الكبير في موقف موسكو ازاء العلاقة مع كييف .
وختاما ، مهما كانت البواعث لهذه الخطوة الروسية ، ، فان المرء لا يسعه الا ان يرحب بها ، ويعتبرها ضرورية لاعادة العلاقات بين البلدين الجارين الى نصابها التاريخي الصحيح ، وقاعدة جيدة لاصلاح ما عطب من أواصر ثقافية واجتماعية وتاريخية بين ” افراد الشعب الواحد “.- كما اسماه بوتين .
14/7/2021