استهلت أحدث دراسة عن الإسلام في الصين أصدرها معهد العلوم الإسلامية ببكين وأقرتها الجمعية الإسلامية الصينية أعلى سلطة دينية لمسلمي الصين صفحاتها بالآية القرآنية انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون وتقوم الدراسة على معرفة أبرز المخطوطات النادرة للقرآن الكريم التي عثر عليها في الصين حتى يومنا هذا سعيا لتحديد التاريخ الفعلي الذي دخل فيه الإسلام إلى الصين. و تقول الدراسة انه لم يقبض الله روح نبيه محمد صلعم إلا والقرآن الكريم محفوظ مكتوب لا ينقصه إلا الجمع في مصحف واحد وفي عصر الخلفاء الراشدين بدأت أعمال جمع وترتيب القرآن وفي عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان تم تدوين القرآن في مصحف واحد نسخت منه سبع نسخ حفظت في المدينة المنورة ومكة المكرمة ودمشق والكوفة والبصرة وصنعاء والبحرين وهذه النسخ السبع هي أقدم مخطوطات القرآن الكريم. فيما بعد زاد عدد مخطوطات القرآن الكريم في العهد الأموي والعصر العباسي ويقال إن ابن البواب النساخ المعروف في العصر العباسي نسخ بمفرده 64 نسخة من القرآن طوال حياته لكن متى ظهرت أول نسخة للقرآن بخط اليد في الصين ومن الذي نسخها ليس ثمة إجابة قاطعة على ذلك ولكننا نستطيع أن نستدل من مخطوطات القرآن الموجودة في الصين أن أقدمها يرجع إلى القرن الحادي عشر الميلادي تقريبا أي في أواسط العصر العباسي ففي تلك الفترة إنتشر القرآن انتشارا واسعا بالسهول الوسطى للصين مع انتشار الدعوة الإسلامية في تلك البقعة ويحمل عدد قليل من مخطوطات القرآن القديمة في الصين أسماء ناسخيها بينما أسماء وتواريخ نسخ معظمها مجهولة. وهذا ما يجعل البحث في تاريخ الإسلام وتاريخ نسخ القرآن في الصين مهمة شاقة فيما الأمر الآخر الذي يزيد من صعوبة البحث في هذا المجال هو إمكانية وجود نسخ دخيلة من بين المخطوطات الموجودة. ولفتت الدراسة إلى أنه من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن نسخ الكتاب العزيز بخط اليد أدي إلى انتشار وتطور فن الخط العربي إلى أبعد الحدود حيث عثر لاحقا على أنواع الخطوط العربية بما فيها النسخ الكوفي والفارسي في مخطوطات القرآن المتوارثة في ربوع الصين وإن كانت اختلفت قليلا عن أشكالها الأصلية نتيجة اندماج الثقافة العربية في الثقافة الصينية. ومن ابرز نسخ القران في الصين نسخة تسمى قومية الويغور خط هذه النسخة شيخ ويغوري مسلم اسمه رحيم نيازي من مدينة هامي بمنطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم شمال غرب الصين والتي يقطنها غالبية أفراد قومية الويغور المسلمة وقد أتم الشيخ نيازي نسخ القرآن الكريم سنة 1269 أي قبل أكثر من 731 سنة وهذه النسخة هي الأقدم في الصين التي تحمل اسم النساخ وتاريخ النسخ. تتكون هذه النسخة الثمينة من ثلاثين مجلدا يبلغ طول المجلد 25 سنتيمترا وعرضه 19 سنتيمترا وكل مجلد مغلف بجلد البقر الأصفر لحفظه جيدا ويلاحظ أن رائحة طيبة تنبعث من صفحات هذا المصحف لهذا سمي المصحف ذو الغلاف الجلدي العاطر وهذا المصحف مكتوب بخط النسخ ولكن تأثير خط اللغة الويغورية واضح فيه والمصحف مزخرف باللون الذهبي اللامع وبفضل العناية الجيدة من أبناء قومية الويغور والمسلمين من أبناء القوميات الأخرى ونظرا لجودة الورق المستخدم في تجليده ما زال المصحف ذو الغلاف الجلدي العاطر باقيا في حالة جيدة يثير دهشة وإعجاب المسلمين في داخل وخارج البلاد بمن فيهم خبراء علماء وأئمة إلى جانب رؤساء دول إسلامية. ولقد أثنى الجميع على مبادرة المسلمين الصينيين في نشر الإسلام والمحافظة على مخطوطات القرآن القديمة فهي بالنسبة لهم ليست فقط أثرا تاريخيا إسلاميا نادرا في الصين وإنما أيضا من كنوز الثقافة العربية الإسلامية وهذه النسخة محفوظة حاليا في مكتبة المعهد الصيني للعلوم الإسلامية ببكين. وخلصت الدراسة إلى القول إنه يوجد لدى عامة المسلمين الصينيين وفي مكتبات المساجد والمعاهد الإسلامية المنتشرة في أنحاء البلاد عدد هائل من النسخ المخطوطة للمصحف الشريف وغيره من الكتب الدينية القديمة وكثير منها لم يكتشف بعد ولا يعرف على وجه اليقين أحوالها وعليه أوصت الدراسة ببذل جهد أكبر لتعميق البحوث في هذا الموضوع باعتباره من الآثار الحضارية التاريخية الإسلامية في الصين ويعكس صورة حقيقية لفن الخط العربي لدى المسلمين الصينيين. وأجملت بالقول لقد قدم ناسخو المصحف الشريف من المسلمين الصينيين الذين برعوا في فن الخط العربي مساهمات تاريخية عظيمة الأهمية ساعدت على توارث وتطوير الثقافية الإسلامية وإبداع فن خط عربي متميزة بخصائص صينية إن مآثر هؤلاء لن تمحى وأعمالهم الرائعة سوف تظل خالدة في سجلات التاريخ. شبكة الصين |