كتب محمد خير الوادي :
غريب حقا امر السيد مودي رئيس وزراء الهند . فهو لم يترك وسيلة لاظهار كراهيته للاسلام والمسلمين الا واخذ بها . فهو قد شوه الاسلام والقادة المسلمين الذين حكموا الهند قرونا كثيرة وخلفوا وراءهم انجازات حضارية عظيمة ، وهو- اي السيد مودي – يكنٌ عداء خاصا لنحو مائتي مليون مسلم من سكان الهند ،ويسعى الى طمس وجودهم هناك .وقد دفعته خصومته للاسلام الى التقارب مع العنصري نتنياهو، والى التدخل في شؤون بلدان اخرى لمحاربة القوى الاسلامية . وآخر مثال على ذلك ، ما اوردته صحيفة واشنطن بوست الامريكية ،من ان رئيس وزراء الهند جند طاقاته كلها من اجل اقناع واشنطن بدعم حكومة الشيخة حسينة في بنغلاديش ، ومنع القوى الاسلامية هناك من استلام الحكم . وقد وصل الامر الى حد ان الحكومة الهندية قد حذرت من ان تراخي امريكا في دعم الشيخة حسينة ، سيفضي الى انتصار الارهاب الاسلامي في بنغلاديش وتفريخه في العالم كله ، على غرار ما جرى في افغانستان !
لا ادري ما الذي يدفع رئيس وزراء الهند لاتخاذ مواقفه المتشنجة هذه . قد تكون لدى الرجل دوافع انتخابية شعبوية ، او لتصفية حسابات مع الباكستان ، او خطب ود الاوساط الغربية والصهيونية الكارهة للمسلمين. لكن الواقع اظهر خطل هذه الحسابات كلها .
فقد دفعت مواقف مودي هذه مسلمي الهند لمنح اصواتهم لخصوم حزب جاناتا الحاكم ، وبذلك اصيب مودي بنكسة كبيرة رغم انها لم تكن قاتلة -خلال الانتخابات الاخيرة . كما وجه انهيار نظام حسينة الموالي للهند في بنغلاديش ، اكبر ضربة للسياسة الهندية في المنطقة . وسبق ذلك قيام حكومة المالديف بطرد القوات الهندية . وفي الوقت نفسه ابدت حكومة شري لانكا امتعاضها الشديد من تصريحات مودي ،والذي ادعى ان تلك الدولة هي اراض هندية .
يوما ما ، كانت الهند مركز اشعاع لمباديء حركة عدم الانحياز و في طليعتها عدم التدخل في الشؤون الداحلية للدول .كما كانت الهند داعما قويا لطموحات الشعوب نحو الحرية والاستقلال والعدالة . واعطت قيم التسامح والاخاء ونبذ العنف واعلاء شأن الحب والثقة والمساواة ، التي رفعها فلاسفة الهند العظام ،دفعا قويا للحضارة الانسانية . ولن ننسى ان الهند – ما قبل مودي – كانت تنبذ العنصرية والعدوان ، وتناصر القضية الفلسطينية ، والشعوب المضطهدة كلها .كل هذا قد انقلب – للاسف – رأسا على عقب ،مع وصول مودي الى دفة الحكم في نيودلهي . واذا كانت الشعارات الشعبوية التي تسلح بها حزب مودي قد منحته افضليات مؤقتة خلال السنوات الثماني الماضية ، فان هذه الشعارات بدأت تفقد بريقها ، وصار مودي اليوم يحصي خسائره بعد ان كان يفاخر بارباحه .
8/16/2024