كشف تحقيق امريكي ان اجهزة الاستخبارات في البلاد اصبحت متشعبة وسرية ومعقدة لدرجة يستحيل معرفة فعاليتها وكلفتها بدقة، وذلك منذ هجمات 11 سبتمبر/ ايلول 2001. وفي التحقيق الذي نشرته صحيفة واشنطن بوست الامريكية بعنوان “امريكا في غاية السرية” يلخص عامين من العمل بمشاركة اكثر من 20 صحفيا ينتمون جميعهم للصحيفة التي عرفت تاريخيا بفعاليتها في مجال السبق الصحفي والتحقيقات اذ كانت وراء كشف قضية “ووتر جايت” التي ادت الى استقالة الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون عام 1974. وتقول الصحيفة في التحقيق انه على مدى تسع سنوات بعد وقوع الاعتداءات التي قتل فيها ثلاثة آلاف شخص “انشأت الحكومة نظاما شاسعا وبغاية التعقيد ان لناحية تكلفته او لناحية عدد الاشخاص الذين يعملون ضمنه والوحدات والبرامج وعدد المكاتب التي يتم تشغيلها وكلها تؤدي الوظيفة نفسها ما جعل حجم النفقات غير مسبوق، وطرح عدة شكوك في ما يتعلق بفعالية كل هذه المنظومة“. وتجدر الاشارة الى ان اعتداءات سبتمبر/ ايلول 2001 دفعت ادارة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الى اطلاق مفهوم “الحرب على الارهاب” التي لا تزال مستمرة حتى الآن. والتحقيق الذي نشرته الواشنطن بوسن من ثلاثة اجزاء نشر اولها يوم الاثنين ويستمر على حلقتين يومي الثلاثاء والاربعاء. وجاء الجزء الاول بعنوان “عالم سري واسع لدرجة انه يخرج عن السيطرة”، واشار فيه التحقيق الى ان “في الولايات المتحدة اليوم 1271 وكالة حكومية و1934 شركة خاصة موزعة على 10 الاف موقع وتعمل على برامج مرتبطة بمكافحة الارهاب او الاستخبارات“. واضافت الصحيفة بأن “هذه الهيكلية توظف 854 الف شخص بامكانهم الاطلاع على معلومات سرية، كما احتاجت الى تشييد 33 مبنى في العاصمة الفدرالية واشنطن وحدها“. واعتبرت الواشنطن بوست ان “هذه البيروقراطية تحتاج لتشغيلها الى اجراءات ادارية كبيرة”، مشيرة الى ان “15 مدينة امريكية مختلفة مكلفة مراقبة نقل اموال الشبكات الارهابية“. وتطرق التحقيق الصحفي الى عدد التقارير التي تصدرها ما سمته الواشنطن بوست بـ”آلة الاستخبارات” والذي يصل عدده الى حوالى 50 الف تقرير في العام الواحد يتم ببساطة تجاهل عدد منها“. وخلصت الصحيفة الى القول بأن “هذه الاخطاء ادت الى عجز الاستخبارات الامريكية على افشال محاولة تفجير طائرة كانت تقوم برحلة بين امستردام وديترويت في عيد الميلاد او حادثة اطلاق النار في فورت هود في تكساس التي اوقعت 13 قتيلا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وتناولت الصحيفة كذلك موضوع التدخل السياسي في التحقيقات اذ قالت انه “بسبب الطبيعة الحساسة للموضوع سمح لمسؤولين في الحكومة الامريكية بالاطلاع على التحقيق قبل نشره وانه تم سحب بعض المعلومات منه“. في المقابل، وفي تعليق اولي على التحقيق قال ديفيد غومبرت مدير الاستخبارات الوطنية الامريكية ان “هذا التحقيق لا ييعكس حقيقة عمل اجهزة الاستخبارات كما نعرفها”، مشيرا الى ان “الاصلاحات التي ادخلت على الاجهزة الاستخبارية في الاعوام الماضية سمحت بتحسين نوعية وكمية المهام”. واشنطن بوست |