https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كان الإعلان عن القائمة الرسمية للمرشحين الرئاسيين العنصر الرئيسلاستراتيجية الرئيس باراك أوباما للانسحاب من أفغانستان وسببا في استجلاءبعض المفاهيم التي كانت مبهمة في السابق. تقضي خطة أوباما، التي أعلن عنها مرارا، بإنهاء التدخل الأميركي الذي استمر 13 عاما بنهاية العام المقبل. ويفترض بالانتخابات الرئاسية الأفغانية،المزمع إجراؤها في أبريل (نيسان) 2014، أن تقدم إطار عمل سياسي يسمحللولايات المتحدة بالانسحاب. بيد أن هناك ثلاث مشكلات تواجه هذه الاستراتيجية. الأولى: هي تشجيع الإعلان المبكر عن الانسحاب معارضي الوضع الراهن الجديد،وتحديدا طالبان، على إعادة تنظيم صفوفهم والاستعداد لمحاولة جديدة للوصولإلى السلطة مرة أخرى في أعقاب رحيل الأميركيين. المشكلة الثانية: هي أن إعلان الأميركيين عن خططهم، سيجعل الرئيس الأفغانيالمنتخب القادم يواجه صعوبة في ممارسة سلطة حقيقية. وعلى الأرجح، سيصبحرئيس فصيل آخر، مدعوما من قبيلته أو عرقيته. ويتفق غالبية الخبراء على حاجةأفغانستان إلى بضع سنوات أخرى من الوجود الأميركي والالتزام باستكمال بناءالإدارة والجيش الجديدين. وسوف يتسبب الانسحاب الأميركي السابق لأوانه في مشكلة ثالثة، وهي أنه سيزيدالمنافسة بين القوى الإقليمية، وخاصة إيران وباكستان وروسيا، التي لا يريدأي منها إقامة حكم ديمقراطي في أفغانستان المجاورة. فقد أنفقت إيرانمليارات الدولارات في محاولة لبسط نفوذها في أفغانستان. وكانت ثاني أكبرمتبرع لأفغانستان بعد الولايات المتحدة خلال العقد الماضي. وبالطريقة نفسهاالتي استغلوا بها انسحاب أوباما من العراق، يأمل الملالي ملء الفراغبالصورة ذاتها في أفغانستان. أما روسيا التي تدرك عدم شعبيتها الواسعة في أفغانستان، فسوف تنضم إلىإيران في استراتيجية تهدف إلى تشكيل جبهة جديدة معادية للولايات المتحدة. ومن جانبها، تبدو باكستان عازمة على حماية موقعها المهيمن في أفغانستان فيسياق صراعها الخاص مع الهند. وترى باكستان في جارتها أفغانستان منطقة نائيةتوفر العمق الاستراتيجي. كما ستسعى الكثير من القوى العربية إلى دعمالسياسة الباكستانية في أفغانستان كنتيجة لصراعها الإقليمي مع إيران. فيالمقابل، يمكن لباكستان أن تزودهم بالرؤوس النووية عند الحاجة لمواجهةتهديد نووي محتمل من إيران. إحدى المفارقات في كل هذا، أن واشنطن هي التي فرضت النظام الرئاسي فيأفغانستان، حيث جعل غياب الإدارة الفاعلة والجيش عن ممارسة السلطةالتنفيذية المركزية أمرا أكثر إشكالية. فعلى مدى أكثر من عشر سنوات، كانأفراد أمن الرئيس الأفغاني تابعين للقوات الخاصة الأميركية. نشأت أفغانستان لتكون دولة عازلة للفصل بين ثلاث إمبراطوريات متنافسة؛ هي: روسيا وبريطانيا وإيران، في سباق المنافسة الإقليمية الذي عرف باسم «اللعبةالكبرى». كانت أفغانستان مجموعة من المجتمعات القبلية والعرقية والدينية، المتعايشةفي ظل سلطة ضعيفة لملك في كابل. وتجاهل الشيوعيون الذين استولوا على السلطةبمساعدة الاتحاد السوفياتي عام 1977 هذه الحقيقة وحاولوا فرض نظام مركزي. وجر خطأهم الروس إلى حرب لا يمكن الفوز بها. بعد الانسحاب السوفياتي، ارتكب الباكستانيون وحلفاؤهم العرب الخطأ ذاتهعندما أنشأوا حركة طالبان وساعدوها في الاستيلاء على كابل. وكانت النتيجةسنوات من الحرب، انتهت بتدخل الولايات المتحدة في عام 2002. ومع طرد طالبان من كابل، كان الحل الأكثر واقعية هو مساعدة الأفغان علىبناء نظام برلماني اتحادي، تكون فيه الرئاسة وظيفة رمزية. رفضت إدارة بوش هذا الخيار، لأنها اعتقدت أن الولايات المتحدة ستظل فيأفغانستان لفترة كافية تتمكن فيها من تغيير الثقافة السياسية لذلك البلد. وقد نجحت استراتيجية مماثلة في عدة دول، وخاصة ألمانيا الغربية وكورياالجنوبية واليابان، حيث أسهمت عقود من الوجود السياسي والعسكري الأميركي فيبناء ثقافة ديمقراطية جديدة. لكن أوباما رفض تقديم التزام مطلوب وطويلالأجل، ولم يفعل شيئا لإقناع الأفغان ببناء نظام برلماني يقوم على التحالفوالتوافق. سترحل الولايات المتحدة عن أفغانستان مخلفة مشكلات ناتجة عن انحرافاتالسياسة الأميركية، إذ لا يملك أي من المرشحين الاثني عشر التأثير الذييمكنه من توحيد الأفغان في أعقاب الانسحاب الأميركي الوحشي. يتمتع خمسة مرشحين بنوع من التقدير؛ أحدهم هو عبد رب الرسول سياف، زعيمالمجاهدين السابق المدعوم الآن من باكستان، لكنه لا يلقى قبولا لدى الطاجيكوالأوزبك. والمرشح الآخر هو الدكتور عبد الله زامارياني، وهو مساعد سابقلزعيم المجاهدين الأسطوري أحمد شاه مسعود. يحظى زامارياني بشعبية واسعة بين الطاجيك، لكنه لا يلقى دعما من البشتونالذين يشكلون نحو 40% من السكان. أما وزير المالية الأسبق أشرف غاني،فيمتلك مقومات رجل الدولة، لكنه يفتقر إلى الكاريزما اللازمة لإثارة حماسةالبشتون، أضف إلى ذلك أنه مقرب للغاية من الولايات المتحدة. بينما تراهن إيران على قطب الدين هلال، الزعيم السابق في «الحزب الإسلامي»،الذي دخل في تحالف تكتيكي مع طالبان. وأخيرا، هناك غل أغا شيرزوي، قائدحرب العصابات السابق وحاكم المقاطعة المشهور بذهابه إلى مكتبه مستقلادبابة. ما يزيد من تعقيد المسألة، هو أن قرار الرئيس حميد كرزاي اللعب بورقةالقومية عبر الوساطة في اتفاق يمكن قوة رمزية لـ«الناتو»، تتكون في معظمهامن قوات أميركية، من البقاء بأفغانستان في سياق مشروع تدريب مشترك. كمايتودد كرزاي أيضا إلى الملالي في طهران طمعا في أن يساعد الدعم الإيرانيلفصيله في الاحتفاظ بالرئاسة. وفي محاولة لتقليل الخسائر إلى أدنى حد ممكن،أدلى ببعض التصريحات الجيدة عن طالبان. وكانت النتيجة ارتباكا على طولالخط. من الطبيعي، أن تتمكن الولايات المتحدة التي أنفقت الكثير من الأموالوالأرواح من التأثير في نتائج الانتخابات، بيد أنه في ظل إدارة أوباما لمتتصرف الولايات المتحدة كقوة طبيعية لها نهج طبيعي في السياسة الخارجية. فعراق الأمس وأفغانستان الغد، يظهران أن أوباما متخصص في انتزاع الهزيمة منبين فكي النصر.

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 + 8 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube