https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :

 بعد عدة ايام   ستغادر  ميركل مستشارة المانيا  منصبها السياسي طواعية ،  بعد ان قادت بلادها خلال ستتة عشر عاما  الى بر الأمان وسط عواصف سياسية عاتية ،تجلت في مجابهة اكبر ازمة اقتصادية ضربت المانيا واوربا،وفي تفشي الطاعون الشعبوي  القومي العنصري ، وكذلك في  قبول مئات الالاف من اللاجئين ، وفي جائحة كورونا . 

 لقد حاول الشعبيون العنصريون اسقاط ميركل ومعها التجربة الديمقراطية ذات الوجه الانساني .لم تستخدم المستشارة الالمانية العنف ضد معارضيها ، بل لجأت الى صناديق الاقتراع لكشف حقيقة الشعبويين المزيفة ، وتنفيس شعاراتهم القومية المتورمة . وكانت النتيجة تراجع  الموجة العنصرية الشعبوية  .

كما قادت ميركل معركة انقاذ اوربا  والحفاظ على وحدتها خلال الازمة الاقتصادية الي عصفت ببعض دول القارة العجوز قبل خمس سنوات وفي طليعتها اليونان التي تعيش على اوهام عظمة الماضي الاغريقي والبيزنطي ،وحالت مواقف ميركل الحاسمة  دون انهيار الوحدة الاوربية. ولم تتراجع ميركل امام الضغوط الهائلة التي تعرضت لها لطرد اللاجئين ، كما انها قادت بجدارة معركة التصدي لجائحة كورونا والخروج منها باقل الخسائر .

ورغم هذه الامواج العاتية ،وشراسة الهجمات التي تعرضت لها وكادت ان تفقدها منصبها ، بقيت ميركل ممسكة بزمام الامور،تحظى باحترام اغلبية شعبها وثقته .

 لقد وقفت  هذه المراة الاسطورية في وجه  جرافة ترامب الطاغية  الذي لم دأب على السخرية منها ، ولم تنحني امام نفوذ بوتين القوي ، ولم تتراجع امام اغراءات الصين التي يسيل لها اللعاب .

لم يلوث الفساد ميركل ، ولم ينل منها  مرض الغرور والتمسك بالسلطة ، وعاشت حياة بسيطة شفافة في شقة متواضعة ، تذهب بنفسها لتأمين احتياجاتها المنزلية .لم نسمع ان اقرباءها أواصدقاءها احتلوا مواقع مهمة وكدسوا الثروات. ولم تعشق ميركل حياة القصور ولم تغرها مفاتن السلطة، بل اختارت ان تدخل التاريخ من اوسع ابوابه ، كمنقذ لبلادها واوربا ،وكرمز يحتذى به في الالتزام بقيم الانسانية والديمقراطية والتواضع .

فعلا لقد كانت المانيا محظوظة بوجود زعيمة سياسية مثل ميركل.

واختم مقالتي بحادثة ذات مغزى عميق . عام 2007 ، اصطحب بوتين كلبه معه الى مؤتمر صحفي مشترك مع ميركل ،وهو يعرف مسبقا انها تخشى الكلاب.وفسر مراقبون تصرف بوتين المقصود هذا على انه محاولة لارباك ميركل وبث الرعب فيها والتأثير على موقفها .لكن ميركل تجاهلت تماما وجود الكلب . بعد القمة طلب الصحفيون من المستشارة الالمانية التعليق على تصرف بوتين ، فاجابت : “أنا أفهم لماذا قام بذلك – ليثبت أنه رجل … إنه يخاف من ضعفه !” . انها حقا امرأة دخلت التاريخ .

24/9/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 4 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube