https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محم خير الوادي :

لعل اهم نتيجة افرزها عدوان اسرائيل المستمرمنذ عشرة اشهر على الشعب الفلسطيني  ، هي اقدام اسرائيل على طي صفحة  اتفاقات اوسلو، بشكل نهائي لا رجعة فيه ،واغلاق الباب امام كل مبادرات السلام الى طفت على سطح المنطقة خلال العقود الماضية  وعلى رأسها مبادرة السلام العربية .وسابين كيف يحدث ذلك على الارض .

تضمنت  اتفاقية اوسلو التي وقعت عام 1993  بنودا اساسية تؤكد على  اقامة  دولة فلسطينة  قابلة للحياة ، واقرت الاطراف الموقعة على الاتفاقية ، ان  المهمة الملحة للسلطة الفلسطينية هي السعي لبناء تلك الدولة  .   كما اعلنت مبادرة السلام العربية  التي اعتمدتها قمة بيروت عام 2002 ، ان هدفها الاساسي هو انشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود عام 1967  ، وعودة اللاجئين مقابل اعتراف العرب باسرائيل .ورفعت تلك القمة شعارا عاما هو : الارض مقابل السلام .

وخلال السنين الماضية ، لجأت الحكومات الاسرائيلية الى اسلوب المناورة  والخداع  للتخلص من التزامات اوسلو، حيث دأبت على اعطاء انطباع  شكلي بتأييدها للجهود السلمية ، لكن  افعال تلك الحكومات كانت تسير باتجاه آخر ـ اتجاه العمل المنهجي على ابتلاع الارض وتهجير الفلسطينيين ومنع اقامة اي كيان فاعل لدولتهم . وقد انكشف المستور الصهيوني  بشكل فاضح عقب وصول الصهاينة المتدينين الى السلطة في اسرائيل قبل عام ونصف . فقد  مزقت حكومة نتنياهو كل اقنعة السلام التي تلطٌت خلفها ، واعلنت بشكل واضح وصريح ، ان هدفها الاساسي هو تهجير الفلسطينيين والقضاء على اية امكانية لقيام دولتهم .وقد اعترف نتنياهو ، انه خلال العقد ونصف الماضي ، ركز جهوده على منع اقامة الدولة الفلسطينة .  واكد هذا الموقف سموتريش ، زعيم الصهيونية الدينية الحاكمة في اسرائيل الذي قال صراحة ، ان مهمة حياته تكمن في منع اقامة دولة فلسطينية !

ولم يكتف حلف نتنياهو – سموتريش بالتصريحات ، فقد اتبعوا ذلك باجراءات عملية لتحقيق هدفهم الخبيث هذا  في الضفة الغربية ،من خلال الخطوات التالية :

– تشجيع الاستيطان بشكل غير معهود  وتكثيف مصادرة الاراضي الفلسطينية واطلاق عنف المسنوطنين  وتسليحم وحمايتهم  ،وهدم منازل الفلسطينيين وعدم منحم اي رخص للبناء ، وتكليف احد عتاة المستوطنين بمهمة محافظ الضفة الغربية ،  واطلاق يديه في معاقبة الفلسطينيين وتهجيرهم .

ومن المفيد الاشارة هنا الى  الزيادة الهائلة في عدد المستوطنين في الضفة . فقد ارتفع عددهم من 150 الفا الى  اكثر من مليون . وجرى التركيز على المستوطنين ذوي الطبيعة الصهيونية الدينية المتطرفة، مثل الحريديم وغيرهم .

– السعي بشكل منهجي  الى اضعاف السلطة الفلسطينية القائمة  ،واذلال رموزها وتفكيك كياناتها ومنع الاموال عنها ، ومنع دخول العمال الفلسطيننين من القطاع والضفة الى اسرائيل ، واستبدالهم بعما ل  من الهند وغيرها ، وذلك من اجل حرمان الفلسطينيين من مصادر عيشهم .

– بالتزامن من استمرار عدوانه الوحشي على قطاع غزة ، ينفذ الجيش الاسرائيلي – بدعم كامل من غلاة المستوطنين – حملات عسكرية ،تشمل كل انحاء شمالي الضفة بهدف كسر شوكة الفلسطينيين وتدمير البنى التحتية هناك تمهيدا للتهجير .

اما فيمت يتعلق بمبادرة السلام العربية ،  فان مجرد اعلان اسرائيل عن رفضها اقامة دولة فلسطينية ، يعني عمليا ،الرفض المطلق لتلك المبادرة ، وتقويض مبدأ الارض مقابل السلام .

والمشكلة لا تكمن  فقط في تصاعد الشهوة العدوانية الاسنيطانية الصهيونية فقط ، بل  كذلك في عدم وجود موقف عربي حاسم يتخطى الادانات الشكلية  ، ويشحذ الهمم  للوقوف في وجه الهيجان الصهيوني ومنعه من تحقيق اهدافه .ولا نستثني من ذلك ، مواقف  قادة السلطة الفلسطينة الذين يرفضون  بعناد اية محاولات لرأب الصدع الفلسطيني الداخلي وتحققيق الوحدة الوطنية ، ويعملون على اجهاض اي تحرك شعبي للتصدي للخطط الصهيونية .  ومثل هذه المواقف المتخاذلة ، تشجع اسرائيل على الاستمرار في عدوانها ، وتحفز المتطرفين الصهاينة على المضي قدما في ابتلاع الاراض الفلسطينية  وتدمير القضية الفلسطينية .

لقد ارسلت اسرائيل كلا من اتفاقية اوسلو ومبادرة السلام العربية الى مزبلة التاريخ ، وهذا الامر يشكل بحد ذاته صفعة للاطراف التي  رعت تلك الاتفاقية ووقعت على مبادرة السلام العربية التي بقيت حبرا على ورق .

لقد اسقطت اسرائيل كل الجهود والمبادرات  السلمية التي طرحها العرب خلال العقود الماضية ، واستثمرتها اسرائيل لتصعيد مخططاتها العدوانية التوسعية . كما قابلت اسرائيل الليونة العربية بتطرف  عتصري وحشي لا مثيل له .وسقطت بفعل ذلك كل القوى التي كانت تنادي بامكانية السلام مع اسرائيل ودمجها في المنطقة . هذا التطور النوعي سيفتح صفحة جديدة في المنطقة ، وسيفرز قوى جديدة  لا تؤمن بالتفاهم مع اسرائيل ،والعيش المشترك معها.

13/9/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر + أربعة =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube