https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

لقد قيل إن هارولد براون -وهو وزير الدفاع الأميركي إبّان فترة حكم الرئيسجيمي كارتر- وصف سباق التسلح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بهذهالعبارات: “عندما نبني فإنهم يبنون، وحين نتوقف عن البناء فإنهم يبنون”. إن وضع العلاقات الحالية مع باكستان -حسب المنظور الأميركي- يشبه ذلك القولإلى حد كبير؛ فعندما ندعم الباكستانيين فإنهم يقومون بأشياء لا نحبها،وعندما نعاقبهم فإنهم يقومون بأشياء لا نحبها. إن الماضي -حسب المنظور الباكستاني- يتألف في معظمه من قصص الخياناتالمتعددة، حيث تقوم الولايات المتحدة بالاقتراب من باكستان فترة ما، ثمتقطع المساعدات عنها عندما يحين الوقت المناسب بالنسبة للقادة الأميركان. فمثلا، قامت أميركا بتسليح المجاهدين الذين قاتلوا -في الثمانينيات- السوفيات بأفغانستانالمجاورة لباكستان، ولكنها تخلت عن المنطقة بعد وقتقصير من الخروج العسكري السوفياتي سنة 1989. ولكن هذا الطرح الباكستانييتعمد إغفال نقطة أن تطوير باكستان للأسلحة النووية -والذي شكل انتهاكاللقانون الأميركي- هو الذي استلزم سحب المساعدات. تم استئناف معظم المساعدات الأميركية لباكستان في السنوات اللاحقة، ولكنانعدام الثقة المتبادل بقي كما هو، وهذا يعود جزئيا إلى أن الأب الروحيللبرنامج النووي الباكستاني (عبد القدير خان) عمل على مساعدة البرامجالنووية لليبيا وكوريا الشمالية وإيران وتشجيعها، ومن المحتمل أنه فعل ذلكبمعرفة الحكومة الباكستانية. لقد تحسنت العلاقات بين البلدين بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث وجهتإدارة الرئيس جورج بوش الابن إنذارا نهائيا للحكومة الباكستانية، وكانمقتضاه أن عليها الاختيار بين علاقتها مع أميركا وعلاقتها مع طالبان التيفتحت الأراضي الأفغانية للقاعدة. وعدت باكستان بأنها ستكون شريكة في الحرب على الإرهاب، وتمت مكافأتها سنة 2004 عندما اعتبرتها واشنطن “حليفا رئيسيا من خارج حلف الناتو”، وهو ماأهّل باكستان للحصول على بعض أكثر المعدات والتقنيات العسكرية تطورا. واليوم هناك رئيس أميركي آخر يشعر بالإحباط من باكستان، ولكن عوضا عن إبلاغالرسالة من خلف الأبواب المغلقة في واشنطن أو إسلام آباد؛ اختار دونالدترمب أن يقول وبشكل علني: لو سألوني -علما بأنه لم يتم سؤالي- لكنت أوصيت بنقل مثل هذه الرسالة عبرالقنوات الدبلوماسية، لأن النقد العلني والمشحون سيصعّب على باكستان تغييرمسار سياستها (على افتراض أن ذلك هو الهدف الأميركي)، خشيةً من أن ينظرإليها كدولة عميلة. كما كنت سأعارض قطع العلاقات الأمنية، وأدعم ربط الدعمالأميركي بأفعال باكستانية محددة. إن الخطأ الكبير -الذي ارتكبته أميركا بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول- هوالتعامل مع باكستان وكأنها دولة حليفة، لأنه مع الدول الحليفة من الممكنافتراض أن هناك درجة كبيرة من تداخل السياسات، ولكن مع باكستان لا يوجد مثلهذا الافتراض. تمتلك باكستان واحدة من أسرع الترسانات النووية نمواً، وهي موطن لبعض أكثرالإرهابيين خطورة على مستوى العالم (بما في ذلك ولبعض الوقت أسامة بنلادن). وكما ذكر ترمب؛ فهي توفر الملاذ لطالبان التي تفعل ما بوسعها لزعزعةالاستقرار في أفغانستان. إن السياسة الباكستانية لا تهدد 15 عاما من الجهود الأميركية في أفغانستانفحسب، بل وأيضا حياة آلاف الجنود الأميركيين الذين ما زالوا متمركزين هناك. لكن حتى علاقة محسوبة وتبادلية بشكل أكبر لن تؤدي إلى جعل أميركا أقربلباكستان، التي هي دولة ديمقراطية بالاسم فقط نظرا للهيمنة السياسيةللأجهزة العسكرية والاستخباراتية فيها؛ فباكستان تريد أن تلعب طالبان دورامهيمنا بأفغانستان، وهذا شيء لا تريده أميركا لأسباب عديدة. وبالإضافة إلى ذلك؛ قامت أميركا في السنوات الأخيرة بتعزيز علاقاتها معالمنافس الرئيسي لباكستان (الهند)، علما بأن الكثير من الزخم الاقتصاديوالإستراتيجي اليوم يعزز تلك العلاقة. لقد أصبحت الصين -وبشكل متزايد- الحليف الطبيعي لباكستان، وهي تستثمر فعلاوبكثافة في البنية التحتية الباكستانية، كما أصبحت مصدرا رئيسيا لها فيمجال المعدات العسكرية. وتشعر الصين كذلك بالقلق من الهند التي ستتفوقعليها قريبا في حجم السكان، كما أضحت منافسا اقتصاديا وإستراتيجياً لها،علما بأن هناك نزاعات حدودية بينهما. لكن يجب ألا تقوم أميركا باستبعاد باكستان؛ فالأوضاع السيئة يمكن أن تزدادسوءا، واليوم باكستان دولة ضعيفة لكنها غدا يمكن أن تصبح دولة فاشلة، وهذاقد يشكل كابوساً إقليميا وعالميا نظرا لوجود الأسلحة النووية والإرهابيين. وهكذا يجب أن يستمر الدعم الاقتصادي والإنساني في التدفق على باكستان، ولكنبمراقبة لصيقة لكيفية إنفاقها تلك الأموال؛ فربما يكون بعض التعاونالمحدود في مواجهة الإرهاب بأفغانستان ممكنا. وحتى نقلل من فرصة نشوب حرب بين الهند وباكستان؛ يجب على أميركا أن تستمرفي العمل مع الهنود والباكستانيين لتقوية علاقاتهم البينية، والتي لا تزالأقل تطورا بكثير من العلاقات الأميركية السوفياتية في ذروة الحرب الباردة. ربما يكون من المنطقي بالنسبة لباكستان أن تصبح جزءا اعتياديا من الأجندةالأميركية الصينية؛ فأميركا والصين تناقشان سيناريوهات مختلفة في شبهالجزيرة الكورية، تتعلق بقواتهما والأسلحة النووية وانعدام الاستقرارالمحلي. إن إجراء محادثات تتعلق بكيفية تجنب حدوث أزمة تشمل باكستان، وكيفية إدارةمثل تلك الأزمة -إذا فشلت الوقاية منها- هي أيضا مسألة ملحّة.

بروجيكت سينديكيت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × واحد =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube