ذكر الرئيس الأمريكي باراك أوباما كلمة ” الصين” خمس مرات في خطابه السنوي حول حالة الاتحاد أمام الكونغرس يوم 24 يناير الحالي،وركز بوجه الخاص على :” لن أقف مكتوف اليدين في حال لم يحترم منافسونا (الصين) قواعد اللعبة، وأن حكومته تقدمت بشكاوى ضد الصين بوتيرة تفوق مرتين تقريبا ما قامت به الإدارة السابقة”. وبصورة ضمنية، تحاول أمريكا استخدام بطاقة “قواعد اللعبة” لتقييد واحتواء الصين.
وبصراحة أكثر حول الموضوع، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في لقاء خاص مع صحيفة «صندي تايمز» يوم 18 يناير الحالي، أن الحفاظ على السلام في آسيا والمحيط الهادي مبدأ هام في الأمن والرخاء الاقتصادي، وعلى كل فرد أن يتصرف وفقا لقواعد اللعبة، ويتعين على الجميع الامتثال للمعايير الدولية، مهما كانت المشاكل في عرض البحر أو في المجال الاقتصادي والتجاري، ولا يمكن للصين أن تفعل ما تريد، والجميع متساويين أمام قواعد اللعبة، وإن سبب الخلافات والصراعات بين الصين وأمريكا سببها الجانب الصيني، لان الأخيرة لا تزال تعتبر نفسها من البلدان النامية أو الفقيرة، ويمكنها تنفيذ السياسات المركانتيلية التي تفيد الصين، ولا تلتزم بالقواعد التي تتوافق مع النظام المطبق في أمريكا والاتحاد الأوروبي ودول كبرى أخرى.
وما سبق ذكره من تعليقات توضح تماما أن ” قواعد اللعبة” ما هي إلا أداة الجديدة التي حددتها أمريكا في التعامل مع الصين، كما أنها وسيلة جديدة لتعزيز التركيز الاستراتيجي شرقا، بهدف وضع قواعد اللعبة ملائمة لمصالحها الخاصة، منسوجة بـ ” قرن المحيط الهادي”.
إذن، ما هي “قواعد اللعبة” التي تتحدث عنها أمريكا؟
في مجال السلامة البحرية، حيث تستخدم أمريكا ما يسمى ” حرية التنقل في البحر” للاستفادة من النزاعات الإقليمية بين الصين وبعض البلدان الأخرى، والتدخل في قضية بحر الصين الجنوبي. كما تدعو أمريكا الدول الأخرى إلى الالتزام بالقواعد ذات الصلة بقانون البحار الدولي، ولكنها لم توقع على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
في مجال التجارة والتعاون الاقتصادي، تحاول أمريكا استخدام الآليات القائمة في منطقة آسيا والمحيط الهادي لفرض هيمنتها على المنطقة. وإن تعزيز بقوة لاتفاقيات الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية عبر المحيط الهادي مؤخرا هو أحد الأمثلة. كما تعتزم تعديلها الى الإطار الاقتصادي والتجاري ذي” الجودة العالية والالتزام” لإكمال ” الجيل الثاني” من نموذج التجارة الحرة،و” إذا كانت البلدان الأخرى ترغب في المشاركة، يخضع لنفس المعايير العالية، بما في ذلك حقوق الملكية الفكرية،القوى العاملة والمؤسسات المملوكة للدولة”وغيرها، والحقيقة الكامنة هي تقديم قواعد جديدة، وإنشاء نقطة مرجعية جديدة.
في مجال الإستراتيجية العسكرية، قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم 15 يناير الحالي بزيادة نادرة إلى البنتاغون لإعلان عن تقرير إستراتيجية عسكرية جديدة. وأشار التقرير تحت عنوان”الحفاظ على ريادة أمريكا العالمية: أولويات الدفاع الوطني في القرن 21″إلى أن التركيز العسكري الأمريكي في منطقة آسيا والمحيط الهادي من أجل تعزز وجودها العسكري في المنطقة. وتحقيقا لهذه الغاية،أعلن مسئولو القوات البحرية الأمريكية عن نشر ثلث القوات البحرية الأمريكية في منطقة غرب المحيط الهادئ في المستقبل.ومن هنا يمكننا أن نرى كيفية الحفاظ على ريادة أمريكا العالمية،ومنع ظهور أي منافس محتمل، كما ستصبح من إحدى ” قواعد اللعبة”.
في الواقع ، ما فتئت أمريكا أن تتخذ موقفا عمليا بالنسبة لـ” قواعد اللعبة”، حيث تستخدمه فقط لخدمة مصالحها الخاصة. على سبيل المثال،أنشأ المجتمع الدولي في قضية تغيير المناخ مبدأ ” المسؤولية المشتركة والمختلفة”، ولكن، حملت أمريكا البلدان النامية مسؤولية تتجاوز قدرتها من أجل تجنب مسؤوليتها.
ينبغي على أمريكا أن توقف تحركها اتجاه منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتتعلم احترام تنوع وتعددية المنطقة، والمصالح الجوهرية للدول الأخرى. والأكثر أهمية، أنه كل من يريد ممارسة تقسيم منطقة آسيا والمحيط الهادي عفا عليه الزمن، وسوف يجد معارضة من جانب معظم البلدان في المنطقة.
يشهد النظام الدولي في الوقت الحاضر تغيرات عميقة، و” قواعد اللعبة” سوف تكون مجال منافسة جديد بين الصين وأمريكا. وينبغي على الصين أن تكون أكثر فعالية وأكثر استباقية في المشاركة في إعادة صياغة القواعد الدولية والقضايا الدولية، وتطبيق القواعد لحماية مصالحها الخاصة. لأنه فقط بهذه الطريقة، يمكن أن يكون صوتها الدولي أكثر فعالية، ومواصلتها تعزيز قدرتها على المنافسة من حيث تشكيل النظام الدولي.
الشعب