https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

المؤلف: اندريوج. ناتان بروس جيلي الناشر: غرانتابوكس ـ لندن 2003هذا الكتاب مستمد من الأراشيف السرية للحزب الشيوعي الصيني وهي أراشيف اوصلها الى الخارج احد المسئولين او بالاحرى احد الصحفيين داخل الصين نفسها ثم رتبها وترجمها اثنان من الباحثين الاميركيين المختصين بالصين.


الاول هو اندريوج.ناتان. وهو استاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا وقد الف سابقا عدة كتب عن الصين نذكر من بينها: «الصين في المرحلة الانتقالية» ازمة الصين: «معضلة الاصلاح وآفاق الديمقراطية» «الديمقراطية الصينية».. الخ.


واما المؤلف الثاني فهو بروس جيلي: طالب دكتوراة في العلوم السياسية في جامعة برنستون وكان قد نشر سابقا كتابا مهما بعنوان: المستقبل الديمقراطي الصيني فالصين سوف تنتقل الى الديمقراطية حتما ولكن على مراحل وما الانفتاح الاقتصادي الجاري حاليا الا خطوة على هذا الطريق.
ان هذا الكتاب الجديد يحتوي على معلومات مهمة عن قادة الصين الجدد الذين انتخبهم المؤتمر السادس عشر للحزب الشيوعي الصيني في شهر نوفمبر من عام 2002. وهم ينتمون الى الجيل الرابع الذي جاء بعد جيل ماوتسي تونغ، ودينغ هيسياو بنغ، وجيانغ زيمين، وسوف يحكمون اكبر بلد في العالم لمدة خمس سنوات.
فمن هم هؤلاء الاشخاص يا ترى؟ انهم على التوالي ومن حيث الاهمية الشخصيات التالية:
1 ـ هو جينتاو، السكرتير العام الجديد للحزب الشيوعي الصيني. 2ـ لي رويهوان 3ـ وين جياباو 4ـ ويوبانغو 5ـ لوغان 6ـ زينغ كنغهونغ 7ـ لي شانغشون.


ينبغي ان نتوقف قليلا عند شخصية الامين العام للحزب والذي كان انتخابه بمثابة مفاجأة للمراقبين، فالواقع ان الرجل الذي سيقود البلد الاكبر في العالم من حيث عدد السكان على الاقل هو شخص غير معروف والصينيون انفسهم لم يسمعوا به الا في الشهور الاخيرة عندما ابتدأت الدعاية الرسمية تتحدث عنه وتمهد له الطريق وهو اصغر زعماء الحزب الشيوعي الصيني سنا فعمره لا يتجاوز التاسعة والخمسين، هذا في حين ان الذين سبقوه كانوا دائما فوق الستين او السبعين ومنهم من كان طاعنا في السن وقد وصل الى عضوية اللجنة المركزية في عمر صغير ايضا (35) سنة، ويبدو ان السكرتير العام الجديد للحزب شخص ذكي جدا وقد عرف كيف يصعد في سلم الحزب بهدوء ورصانة حتى وصل الى القمة مؤخرا.


وهو في الاصل ابن تاجر شاي مستقر في منطقة شانغهاي وفي اثناء الثورة الثقافية التي جرت بين عامي (1966ـ 1968) كان «هو جينتاو» طالبا في جامعة بكين التكنولوجية الشهيرة: كينغهوا وتخرج منها كمهندس مختص بشئون الحياة وكان قد انتسب الى الحزب عام 1965 واصبح مدربا سياسيا في اوج الغليان الثوري لفترة ماوتسي تونغ ولكنه لم يتورط في الصراعات الهائجة الدائرة على السلطة ولذلك حافظ على مركزه.


وقد ارسل الى الريف الصيني لممارسة مهنته كمهندس في ورشة مائية كهربائية وكان ذلك في الاقاليم البعيدة والبائسة للريف الصيني وهناك بقي طيلة سنوات السبعينيات وعندما لاحظ مسئول الحزب مدى ولائه وتفانيه في العمل ارسله عام 1981 الى بكين لاكمال تعليمه الحزبي في المدرسة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.


وهناك التقى بشخص يدعى «هويا وبانغ» السكرتير العام للحزب والذي كان مشهورا بانه ليبرالي ومعلوم ان دينغ هيسياو بنغ كان قد كلفه بالاشراف على الاصلاحات الجديدة التي ستدخل الصين في العصر الرأسمالي اقتصاديا دون ان تتخلى عن شيوعيتها سياسيا.


ثم صعد بعدئذ درجة في سلم الترقيات الحزبية والقيادية حتى وصل اخيرا الى اعلى مرتبة واصبح «امبراطور الصين الجديد».


في الواقع ان سيناريو التغيير في الصين تم كما اراده الزعيم السابق: جيانغ زيمين البالغ من العمر 67 سنة فعلى الرغم من انه تخلى عن منصبه وتركه لـ «هوجينتاو» الا ان هذا الاخير لن يكون الرجل الاول الا على الورق حاليا.


فالقيادة العليا سوف تظل في يد «زيمين» المستقيل نظريا لماذا نقول ذلك؟ لان اللجنة الدائمة للمكتب السياسي تضم اغلبية من انصار زيمين وهؤلاء سوف يحجمون من صلاحيات السكرتير العام الجديد نذكر من بينهم: ويوبانغو (61 سنة»، زينغ كنغهونغ (63 سنة)، لي شانغشون (58 سنة).


والبعض يقول بان عهد جيانغ زيمين قد قضى على الارثوذكسية الماركسية في الصين فهذا الرجل الذي حكم الصين لمدة ثلاثة عشر عاما هو الذي بلور العقيدة الجديدة للحزب وهي تنص على مايلي: ينبغي على الحزب ان يمثل القوى الانتاجية الاكثر تقدما، والثقافة الاكثر تقدما ومصالح الاغلبية العظمى للشعب الصيني وهكذا لم تعد الطبقة العاملة هي حجر الزاوية في ايديولوجيا النظام. لاريب في ان بلاغيات الحزب ومنشوراته لاتزال تستخدم اللغة القديمة لكيلا تصدم الرفاق كثيرا ولكن الامور تغيرت فعلا فهذه اللغة المتحنطة لم تعد الا غطاء او قشرة سطحية لا اهمية لها.
ويبدو انه ظهرت عدة احتجاجات داخل مؤتمر الحزب ضد ابناء المسئولين الذين استفادوا من مناصب آبائهم لتشكيل ثروة طائلة وهذه ممارسة شائعة في مختلف بلدان العالم الثالث، وفي الصين يدعونهم «امراء الحزب»: اي ابناء المسئولين الكبار وحتى رئيس الوزراء المشهور بنزاهته له ولدان يحتلان مناصب عالية في احدى الشركات الاميركية المتعددة الجنسيات والتي تشتغل في البلاد فما بالك بأبناء المسئولين الآخرين؟ فالواقع ان سياسة الانفتاح على الرأسمالية الاميركية والعالمية أغنت الكثير من ابناء المسئولين، من الشخصيات القديمة التي بقيت في القيادة الجديدة والتي ستلعب دورا مهما في السنوات القادمة نذكر: لي رويهوان ولكن هناك شخصيات اخرى على مستوى ادنى. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو التالي: ما هي مكانة الصين في العالم؟ او بالاحرى ما هي المكانة التي ستحتلها في السنوات المقبلة؟


على الرغم من ان الجيل الجديد الذي سيحكم الصين طيلة الخمس سنوات المقبلة مثقف اكثر من الجيل السابق، الا ان خبرته في السياسة الدولية ضعيفة فلا يوجد الا عضو واحد في اللجنة المركزية يتمتع بخبرة ما في شئون العالم وهو العضو الوحيد الذي اكمل دراساته العليا في الخارج ويدعى: ليوغان.


اما الجيل السابق فكان قد سافر الى الخارج كثيرا وشارك في قمم دولية عديدة مع رؤساء العالم واستقبل كبار الزعماء من كلينتون، الى بوش، الى شيراك، الى شرويدر، الى بوتين، الخ.


ولكن سيتاح للجيل الجديد ان يتعرف على كل ذلك في السنوات القادمة، نقول ذلك وبخاصة ان اثنين من اعضائه يعرفان الخارج لانهما شاركا في القيادة السابقة وهما: هوجينتاو، ولي رويهوان.
البعض يقول بان الصين سوف تصبح قوة عظمى تنافس اميركا حوالي عام 2025، او 2030، اي بعد ربع قرن وهذا هو رأي بريجنسكي ولكن الآخرين اصبحوا يحسبون الحساب للصين منذ الآن وهم يعلمون ان دورها آت لا ريب فيه.
ولكن القادة الصينيين الجدد يقولون بان همهم الاول ليس الاطاحة باميركا او الحلول محلها وانما ان تأخذ الصين المكانة التي تستحقها في آسيا فالصين بحسب رأيهم هي دعامة النظام العالمي الجديد في تلك المنطقة انها قوة استقرار وسلام، لا قوة نزاع وحروب.
يقول القائد الجديد للحزب الشيوعي الصيني هوجينتاو: الآن وبعد انتهاء الحرب الباردة ينبغي على المجتمع الدولي ان يرتكز على مفهوم جديد للامن والاستقرار: هو مفهوم الثقة المتبادلة، والمنفعة المشتركة، والمساواة، والتعاون.
ونحن نقف بحزم ضد التوسع العسكري الخارجي للصين لان هذا التوسع لن يؤدي الى منفعة لها بل على العكس انه سيزيد من البلبلة وعدم الاستقرار في المنطقة.
والواقع ان الامن الدولي في القرن الواحد والعشرين سوف يرتكز على قاعدة التعاون الدولي والقانون الدولي ايضا وبالتالي فنحن لسنا دعاة هيمنة وحروب.
ولهذا السبب فان الصين سوف تدعم الامم المتحدة كما يقول الزعيم الصيني الجديد ففي رأيه ان حل الازمات الدولية ينبغي ان يكون من اختصاص الامم المتدحة ومجلس الامن ولا ينبغي ان تنفرد بالقرار اي دولة مهما كبرت وعظمت قوتها.
يضاف الى ذلك ان الصين تدعم النظام العالمي القائم على تعددية الاقطاب لا على هيمنة قطب واحد هو: الولايات المتحدة الاميركية.
والواقع ان الصين عرفت كيف تستفيد من الانفتاح الاقتصادي على العالم الخارجي فقد دخلتها اموال ضخمة للاستثمار وهي اموال تبلغ 47 مليار دولار كما وصدرت الى الخارج في نفس العام اي عام 2001 ما يعادل في قيمته 266 مليار دولار. ويعترف قادة الصين الجدد بالدور المهيمن للولايات المتحدة على المسرح السياسي الدولي ولهذا السبب فهم يعتبرون ان العلاقات مع اميركا تشكل العصب الحساس للسياسة الخارجية الصينية ويبدو ان زعيم الصين الجديد «هوجينتاو» يخشى الولايات المتحدة ولذلك فانه يتحاشى الاصطدام بها.
فهو يعرف انها تطوق الصين الآن بقواعدها العسكرية وتحالفاتها وقد قال في آخر تصريح له بما معناه: لقد قوت الولايات المتحدة انتشارها العسكري في منطقة المحيط الباسفيكي الآسيوي كما وقوت تحالفها العسكري مع اليابان، وكذلك دعمت تحالفها الاستراتيجي مع الهند، وحسنت علاقاتها مع فييتنام، واقامت حكومة موالية لاميركا في افغانستان وباعت اسلحة جديدة الى تايوان وهكذا طوقونا من الشرق والجنوب والغرب لكي يضغطوا علينا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 1 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube