https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :

قبل نحو عقدين من الزمن  ، قدمت  للرئيس الفيتنامي اوراق اعتمادي سفيرا  لسورية في فيتنام. وأثناء اللقاء ،تحدثت  عن القيم النضالية التي تمثلها فيتنام من مناهضة الامبريالية الامريكية ، ودعم  حقوق الشعوب في التحرر والاستقلال  ….الى آ خر ما هناك من  شعارات،الهمت – آنذاك – الشارع  الشعبي العربي . وكانت المفاجأة ، ان الرئيس الفيتنامي تجاهل ذلك كله ، وبدأ الحديث عن موضوع آخر لا علاقة له  بقضايا النضال التحرري العالمي  او مقاومة امريكا .

في تلك اللحظة ، ادركت ،ان فيتنام بدأت تغير جلدها ، وان اعداء الامس ، وأعني امريكا – لم يعودوا كذلك !

هذا النهج –  واعني التقارب مع امريكا –  هو المهيمن على السياسة الفيتنامية منذ ذلك التاريخ  حتى اليوم . لا بل انه يشهد  تصاعدا مستمرا .

مناسبة الحديث عن ذلك ،تتمثل في الزيارة المرتقبة للرئيس  الامريكي بايدن الى فيتنام .  والامريكان لا يخفون هدفهم من هذه الزيارة وهو : نقل العلاقات الثنائية مع هانوي من مستوى الشراكة الشاملة ،الى حقبة التعاون الاستراتيجي ضد الصين .

ولا بد من الاعتراف ، ان  هناك اسسا  كثيرة  ،ومرتكزات مادية  تغذي هذا الزخم في العلاقات بين البلدين. فامريكا باتت السوق الاول للمنتجات والسلع الفيتنامية ، والولايات المتحدة هي المستثمر الاجنبي الاول في الاقتصاد الفيتنامي . وكثير من الشركات الامريكية نقلت اعمالها ومعاملها من الصين الى فيتنام ، وحجم التعاون التجاري الثنائي السنوي  يفوق المائة واربعين مليار دولار – لصالح فيتنام  .

وفي الجانب السياسي ، تستثمر واشنطن  الخلافات التاريخية  بين فيتنام والصين ،والتنازع  العميق حول  الحدود البحرية بين هانوي وبكين  ،  للنفخ في ” الخطر الصيني ” الذي يهدد فيتنام.  كما ان عدد الزيارات الرسمية الامريكية  الى هانوى قد تضاعف بشكل ملحوظ  خلال الاشهر الاخيرة. فقد حضرت الى هانوي  وزيرة الخزانة الامريكية ، وتلاها وزير الخارجية الامريكي كذلك . اضافة الى جولات  لمسؤولين امريكيين كثر ، فضلا عن زيارات لم يعلن عنها لموظفين  من البنتاغون .

ولا يمل الاعلام الامريكي ولا يكل  ،من التذكير بالصدامات العسكرية  العنيفة التي جرت بين الجيشين الصيني والفيتنامي في اوائل عام 1979.

ولايمكن التغاضي عن التعاون الامريكي – الفيتنامي العسكري المتصاعد ، والذي يتجسد في صفقات  ضخمة من السلاح الامريكي لفيتنام ،  وتقديم برامج تدريب وهبات عسكرية أمريكية .كما يرابط عدد من السفن العسكرية الامريكية في الموانيء الفيتنامية .

بكلمات اخرى ، فان القيادة الفيتنامية  قد تخلت عن  العداء لامريكا – كما فعلت كل من  اليابان والمانيا – ، وحولت امريكا من عدو الى شريك شامل ، واليوم يجري الحديث عن امكانية نقل العلاقات الثنائية من الشراكة الشاملة الى التعاون الستراتيجي .

ورغم الحماس الملحوظ التي تبديه واشنطن ازاء التقارب مع فيتنام ، الا ان هناك بعض  العقبات  التي لا تزال  تعترض ذلك . منها مثلا ، ان  الصين -حتى اليوم – هي الشريك التجاري الاول لفيتنام ، وان القيادة الفيتنامية  لاتحبذ ، حتى الآن ،الانضمام الى  الاحلاف  ، وان هانوى لا  تزال ملتزمة بمبدأ  السلام والتعاون مع الدول كلها . لكن ارتفاع حدة  التوتر   في بحري الصين الجنوبي والشرقي  الى مستويات غير مسبوقة، وتفاقم مشكلة  الجزر  المختلف عليها وكذلك المسألة التايوانية  ، هذا كله – ان استمر-يمكن  ان يقلب حسابات  وتحالفات  دول تلك المنطقة – بما فيها فيتنام .

18/8/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 + سبعة عشر =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube