https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png
لا تزال فيتنام التي يحكمها نظام شيوعي منذ سقوط سايغون(هوشي منه حالياً) في عام 1975، هي البلد الأول في جنوب شرق آسيا الذي يشهد نمواً قوياً خلال السنوات الماضية،
تراوح من 7 في المئة الى 8 في المئة، مقابل 5،3 في المئة سنة 2009، وفي سنة2010 ستظل فيتنام على رأس قائمة بلدان جنوب شرق آسيا من حيث معدل النمو بنسبة6،9 في المئة، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على صمود الاقتصاد الفيتنامي في وجه الأزمة الاقتصادية العالمية.‏
ومع ذلك، هذه التقديرات للبنك الآسيوي للتنمية منسجمة مع عدد من الشروط، أهمهاعلى وجه الخصوص، استمرار السلطات الفيتنامية في انتهاج الشفافية الاقتصادية، ولا سيما تلك المتوافقة مع متطلبات عضويتها لمنظمة التجارة العالمية.‏
قبل عشرين سنة كانت فيتنام تعتبر أكثر البلدان فقراًفي العالم،أما اليوم ومع حصولها على مساعدات وقروض من الهيئات الدولية المانحة تقدر بنحو5 مليارات دولار سنوياً، فإنها أصبحت تنتمي الى فئة البلدان الوسطية، ويكمن طموحها في الاندماج مع نادي الأمم الصناعية في حدود عام 2020.‏
لقد اشتهر الإقلاع الاقتصادي في فيتنام الجاري منذ عشر سنوات، بالنمو الذي حققه بنحو 8،4٪ في عام 2005، وبتطور الصادرات الفيتنامية التي هي في ارتفاع مستمر(30 مليار دولار أو ما يعادل 25 مليار يورو) وكذلك بتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة( ما بين 10 و11،5 مليار دولار سنوياً).‏
ويكتب محلل اقتصادي فيتنامي فان ثي هاي، نقلاً عن تحليل لوزارة التجارة الفيتنامية في سياق دراسة عن العام الماضي:« بالنسبة لبلدان المنطقة الأخرى، يمكن القول إن فيتنام لم تتقدم إلا قليلاً، فالمنافسة لا تزال في الأسفل، كما أن الفساد وعدم ملائمة النظام القضائي، لم يعرفا أي تحسن».‏
كل هذا الحذر الرسمي أو شبه الرسمي يتعارض مع بعض الافتنان الغربي الحديث لإعادة بروز فيتنام، فجأة، سواء بسبب المشاريع الضخمة للتنمية في ميدان الطاقة( مصفاة لتكرير النفط في دونغ كات للاستهلاك المحلي، ومصنع لتوليد الطاقة الكهربائية من القوة المائية للأقاليم الشمالية)، أو نطراً لقدرتها على الانخراط بدورها في أفلاك اقتصادية دولية هي بالأحرى أثبتت نجاعتها في الصين.‏
وهناك ما يقارب ثلاثين بنكاً أجنبياً تعمل من الآن فصاعداً في فيتنام، ولم يكن وارداً لها أن تصل الى أي مقعد مطوي في الاقتصاد الوطني، ونظراً لتمركزها في مدينة سايغون سابقاً( مدينة هوشي منه) في الجنوب، فإن نوبة الحمى هذه يعبر عنها نائب رئيس مجلس الوزراء في كون بأن البلاد« هي في طور الانتقال من اقتصاد ذي دخل منخفض الى اقتصاد ذي دخل متوسط».‏

وانطلاقاً من نسبية المعرفة، فإن معدل النمو المقدر من نقطة بداية لعدد السكان البالغ عددهم86 مليون نسمة، هم يمثلون عدد سكان إقليم صيني متوسط، وبمستوى من التنمية يعود الى ما قبل خمس عشرة سنة أو عشرين سنة، لقد كان بالنسبة لكل إقليم صيني، العصر الذهبي للنمو السهل.‏

وفضلاً عن ذلك، فإن العولمة المتسارعة منذ حينئذ، تفرض على النظام الفيتنامي خيارات قاسيةجداً أكثر من الصين عقب مفاوضاتها للدخول لمنظمة التجارة العالمية، في نهاية عقد التسعينيات من القرن الماضي، وتمارس الهيئات المالية الدولية مثل البنك الدولي ضغوطات قوية على هانوي لكي تكون التلميذ النجيب في أوساط الطبقة الجديدة للبلدان الناشئة، فقبل ثلاث سنوات، قدم وزير النقل داو دينه بنه استقالته، وتم اعتقال نائبه نغيان فيتيان عقب اشتباه في أمره باختلاس أموال تعود الى مشاريع تنموية ممولة من قبل البنك الدولي الذي يحمل في جعبته الفيتنامية1000 مشروع بقيمة80 مليون دولار على مدى ست سنوات.‏

منذ عام 1987، تاريخ انتقالها الى اقتصاد السوق، أصبحت استراتيجية فيتنام تتمثل في التموقع على الساحة الدولية ،ففي عام 1995انضمت الى جمعية أمم جنوب شرق آسيا(آسيان)، وفي عام 1999 وقعت اتفاقاً تجارياً مع الولايات المتحدة الأميركية، كان الأساس في تحقيق إقلاعها الاقتصادي المذهل، وفي عام 2007 دخلت فيتنام الى منظمة التجارة العالمية.‏
لقد اهتزت الصين على طريقتها تخوفاً من عدم الاستقرار السياسي الذي يمكن أن يحدثه دخولها الى منظمة التجارة العالمية، فما بالك لفيتنام التي هي أقل من الصين( خمس عشرة مرة على صعيد التعداد السكاني).‏
فيتنام الماركسية تكتشف مزايا الرأسمالية الليبرالية، إذ تشكلت طبقة وسطى في المدن، بينما لا تزال الأرياف يعوزها المال، فخلال عشرين سنة انتقلت نسبة الفقر المطلق في فيتنام من 70 في المئة الى نسبة 11 في المئة في الوقت الحاضر، وقد ترافق مع تراجع نسبة الفقر المطلق هذا ظهور تفاوتات اجتماعية فاضحة، ففي المدن الكبيرة مثل هانوي وهوشي منه بدأت الثروات الكبيرة تطفو على السطح الاجتماعي، وقد أصبح الأغنياء الجدد يستثمرون في العقارات.‏
فيتنام تتغير بسرعة مذهلة، وأصبحت مثل الحصان الجامح ويشكل نجاحها في إطار العولمة الليبرالية أمراً استثنائياً ومقلقاً في الوقت عينه، لأن السؤال الذي يطرحه الخبراء الغربيون، الى أي مدى ستنجح فيتنام في المزاوجة بين النظام الشيوعي والرأسمالية الليبرالية؟‏ البعث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 + 1 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube