أعلن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا الخميس أنه والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول اتفقا على إحياء الزيارات الدبلوماسية بين بلديهما، ورفع القيود التجارية، وذلك لمناسبة قمة بينهما في طوكيو تهدف إلى إحياء العلاقات بعد توتر بدأ منذ سنوات على خلفية نزاع تاريخي.
وقال كيشيدا خلال مؤتمر صحافي مشترك مع يون بعد القمة “تعزيز العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية في البيئة الاستراتيجية الحالية أمر ملحّ”.
وأضاف “آمل أن تعزّز هذه الزيارة الثقة والصداقة وأن ترفع بشكل ملحوظ العلاقات” بين البلدَين.
ويزور رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول اليابان لمدة يومين في أعقاب إعلانه قرارا بالسعي للتوصل إلى تسوية نهائية للنزاع التاريخي المتعلق بضحايا العمل القسري خلال الاحتلال الياباني لكوريا (1910-1945).
وقال يون “في قمة اليوم ، أعتقد أنه ستكون هناك مناقشات مثمرة يمكن أن تحوّل العلاقات الكورية اليابانية التي كانت متوقفة، إلى علاقة تعاون وتنمية متبادلة المنفعة”.
ومنذ انتخابه العام الماضي، أكّد يون أن إحياء العلاقات مع اليابان هو أولوية قصوى.
ووصف الزيارة إلى اليابان التي تخللتها أول قمة بين زعيمي البلدين منذ 12 عامًا، بأنها “خطوة مهمة إلى الأمام”.
وأعلنت وزارة التجارة اليابانية الخميس أنها سترفع القيود عن تصدير المواد الكيميائية اللازمة لتصنيع أشباه الموصلات إلى كوريا الجنوبية، بعد عقوبات فرضتها طوكيو في صيف العام 2019 اثر خلافات دبلوماسية بين البلدَين.
ولفت كيشيدا إلى أن كلا البلدين يريدان قدرات ردع أقوى وأن المحادثات الأمنية والوزارية المعلقة ستستأنف الآن، إلى جانب الاجتماعات الثلاثية مع الصين.
من جهته، أشار يون إلى أن البلدَين سيعملان على إحياء اتفاقية الاستخبارات العسكرية التي أوقفتها سيول عندما تدهورت العلاقات.
“عداء متبادل”
ومع توتر العلاقات، فرض الجانبان قيودًا تجارية متبادلة وأوقفا التعاون في مجالات عدة.
لكن انتخاب يون وازدياد المخاوف بشأن التهديدات الكورية الشمالية والقوة العسكرية الصينية زادت الزخم في اتجاه إجراء مصالحة، بحسب الأستاذ في الدراسات الكورية في جامعة دوشيشا في طوكيو يوكي أسابا.
وقال يوكي أسابا لوكالة فرانس برس “لم تعد كوريا الجنوبية قادرة على الاستمرار في الخلاف حول قضايا ثنائية محددة”.
وأعلن في وقت سابق هذا الأسبوع “لا يمكننا تحمّل خسارة الوقت”، مضيفًا “علينا إنهاء الحلقة المفرغة من العداء المتبادل، بالإضافة إلى العمل معًا”.
وقبل وصول يون الى طوكيو، أطلقت كوريا الشمالية صاروخا بالستيا في عملية استعراض للقوة هي الثالثة منذ الأحد تأتي بينما تجري كوريا الجنوبية والولايات المتحدة أكبر مناوراتهما العسكرية مشتركة منذ خمس سنوات.
وقال الرئيس الكوري الجنوبي “كما رأينا من إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ بالستي بعيد المدى هذا الصباح قبل مغادرتي إلى طوكيو، فإن التهديد الصاروخي النووي المتزايد لكوريا الشمالية يشكل تهديدًا كبيرًا للسلام والاستقرار”.
وأضاف “يجب أن تتعاون كوريا الجنوبية واليابان بشكل وثيق وبتضامن للتعامل بحكمة مع هذه التهديدات غير القانونية.
ووفق البيانات التي قدّمتها سيول، أجبرت اليابان نحو 780 ألف كوري على العمل القسري خلال سنوات الاحتلال الـ35، دون احتساب النساء اللواتي خضعن لعبودية جنسية.
وفي حكم تاريخي في العام 2018، أمرت المحكمة العليا في سيول بعض الشركات اليابانية بدفع تعويضات لعدد من ضحايا العمل القسري الكوريين الجنوبيين، ما أحيا الخلافات التاريخية بين البلدين.
ورفضت اليابان الحكم، معتبرة أن نزاعات الحقبة الاستعمارية تمت تسويتها في العام 1965 عندما طُبّعت العلاقات الدبلوماسية وقدّمت طوكيو لسيول قروضًا ومساعدات اقتصادية بقيمة 800 مليون دولار تقريبًا، أي ما يعادل مليارات عدّة من الدولارات حاليًا.
تحالف مع واشنطن
وتقول اليابان إنها لا تزال على اعتذاراتها التاريخية عن ارتكاباتها في الحرب التي تقدّمت بها في التسعينات، لكن كثيرين في كوريا الجنوبية يشعرون أن هذا لا يكفي ويعارضون خطة يون للتعويضات.
غير أن التقارب الياباني الكوري الجنوبي يلقى ترحيبًا على الساحة الدولية، خصوصًا من واشنطن التي تسعى إلى رؤية مصالحة حليفين آسيويين.
ويلفت إلى أن يون يريد تحالفًا مع واشنطن “ذا طابع عالمي وشاملا واستراتيجيا أكثر (…) حول مجموعة من القضايا من الاقتصاد إلى الأمن القومي والتكنولوجيا”.
ويضيف أن يون “يدرك أن صراع كوريا الجنوبية مع اليابان بشأن القضايا الثنائية سيعيق تعزيز علاقات سيول مع واشنطن