https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

براكريتي غوبتا

عند تسلمه منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، سيصبح جو بايدن ثالث رئيس أميركي يتعامل مع رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي. المؤكد أن بايدن قد يختلف مع سلفيه في عديد من القضايا؛ لكن الخبراء يعتقدون أن هناك قضية سيكون على اتفاق كامل معهما بخصوصها: تعزيز علاقة الولايات المتحدة بالهند.

مثل عدة قادة حول العالم، سبق أن جمعت بايدن ومودي علاقة عمل عند شغله منصب نائب الرئيس في عهد باراك أوباما. فكيف ستتعاطى إدارة بايدن مع نيودلهي، في سياق إقليمي معقد وانتقادات حقوقية متزايدة؟

– علاقة قديمة

تعد الهند واحدة من الدول المألوفة لدى بايدن؛ ليس فقط بفضل الفترة التي قضاها في منصب نائب الرئيس الأميركي، وإنما كذلك فترة توليه رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ. وخلال عمله في هذين المنصبين، لطالما دعا بايدن إلى تعزيز العلاقات مع الهند. في عام 2006، قبل أن يصبح نائباً للرئيس بثلاث سنوات، قال بايدن عن رؤيته حيال مستقبل العلاقات الأميركية – الهندية: «أحلم أنه بحلول عام 2020 سيكون أكثر دولتين قرباً بعضهما من بعض على مستوى العالم، الهند والولايات المتحدة».

وفي عهد إدارة بوش، دخل بايدن، السيناتور آنذاك، في شراكة مع البيت الأبيض للمعاونة في إقرار اتفاقية تعاون نووي سلمي، كما أنه تحدث عن جعل إدارة أوباما الهند «شريكاً دفاعياً رئيسياً». وكانت هذه هي المرة الأولى التي تمنح فيها إدارة أميركية هذه المكانة لأي دولة خارج دائرة شركائها التقليديين.

وفي مقابل تعزيز التعاون، ستظل هناك اختلافات لافتة بين الجانبين. فخلال رئاسة ترمب، دارت الخلافات بين الجانبين في الأساس حول التجارة. ومع ذلك، فإن الخلافات المستقبلية المحتملة بين الولايات المتحدة والهند ربما تتركز بشكل أكبر على قضايا حقوق الإنسان والحرية الدينية. كما تحدث بايدن علانية ضد مشكلات انتهاك حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي حقوق الإنسان. وعليه، فإنه ربما تتراجع حدة الخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والهند خلال فترة رئاسة بايدن؛ لكن الاختلافات حول الحريات الدينية وحقوق الإنسان ستتسع رقعتها.

– تحديات حقوقية

تحلت إدارة ترمب بقدر بالغ من الصراحة في دعمها الهند خلال الشهور الستة الماضية، خلال المواجهة الحدودية بينها وبين الصين. كما تغاضت إدارة ترمب عن قضايا حقوق الإنسان والحريات الدينية. في المقابل، تحدث بايدن ونائبته ذات الجذور الهندية كامالا هاريس علناً ضد انتهاكات حقوق الإنسان في الهند، وأسلوب القيادة القومي الذي ينتهجه مودي. في هذا الصدد، أشار مانوجي جوشي، الزميل البارز لدى «مؤسسة المرصد البحثية» (أوبزرفر ريسرتش فاونديشن) في نيودلهي، إلى أنهما «طرحا تساؤلات بالفعل حول قانون المواطنة الجديد في الهند، وإلغاء الوضع الخاص لجامو وكشمير تبعاً للمادة 370. وإذا استمر تشكيكهما فيما يجري داخل كشمير أو الانقسام الديني في الهند، فإن مثل هذه القضايا ربما تتحول إلى محط خلاف بين البلدين».

جدير بالذكر هنا أنه في إطار «أجندته للمجتمعات المسلمة الأميركية»، ندد بايدن بقانون المواطنة الجديد الذي أقرته حكومة مودي، وكذلك محاولة بناء سجل سكاني يمكن أن يتيح مستقبلاً مبرراً لطرد الأجانب، ووصف هذه الخطوات بأنها «لا تتوافق مع التقليد العلماني طويل الأمد الذي لطالما تميزت به البلاد، مع الحفاظ في الوقت ذاته على ديمقراطية متعددة الأعراق والديانات».

وبالنسبة لهاريس، فإن جذورها الهندية ربما تشكل ضغطاً إضافياً عليها للتحلي بالموضوعية تجاه الهند، الأمر الذي سيخلق سلسلة من التحديات في العلاقات الثنائية بين البلدين. ويعتقد عم هاريس، جي بالاشاندران، الخبير السياسي البارز، أن ابنة أخيه ستتحدث علانية وبصراحة حول القضايا المتعلقة بالهند؛ خصوصاً فيما يخص كشمير. جدير بالذكر أن هاريس سبق أن أعلنت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 أن الكشميريين لا يقفون بمفردهم في العالم، وأن هناك حاجة «للتدخل إذا لزم الأمر».

– العاملان الصيني والباكستاني

كيف ستنظر إدارة بايدن إلى الصين؟ في الوقت الذي سيبذل بايدن ونائبته فيه جهوداً كبيرة كي «يخلِّفا وراءهما الخطاب القاسي الغاضب» الذي اتسمت به فترة رئاسة ترمب، فإن الاثنين سيستمران بالتأكيد في ممارسة ضغوط على الصين، في الوقت الذي سيحرصان على أن تدخل الولايات المتحدة في منافسة أمام الصين في كل الجوانب، من الدفاع إلى التجارة والتكنولوجيا.

وفي الوقت الذي عبر فيه ترمب علانية عن سخطه الشديد إزاء الصين، الأمر الذي حمل في طياته مخاطرة بتر العلاقات بين الجانبين إلى الأبد، يعتقد محللون بأن بايدن سيسلك مسلكاً أكثر دبلوماسية. ومع هذا، من غير المتوقع أن تتبدل كثير من الظروف فيما يخص الهند.

المرجح أن يواصل بايدن النظر إلى الهند كحليف رئيسي في صد الصين. يذكر أنه على مدار السنوات القليلة الماضية، كان هناك إدراك داخل واشنطن بشأن السلوك العدواني للصين، وهناك إجماع إلى حد ما بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري على كون الصين منافساً استراتيجياً، ومصدر تهديد حقيقي.

من جهته، قال آرون سينغ، السفير الهندي السابق لدى الولايات المتحدة: «هناك شعور عام في الولايات المتحدة بأن الصين برزت كمنافس في المجال العسكري، وكذلك في المجال التكنولوجي. ومن غير المرجح أن تعود سياسات إدارة بايدن تجاه الصين إلى ما كانت عليه في 2014- 2015. يشار إلى أنه مع قرب نهاية إدارة أوباما، كان هناك حديث عن إعادة توازن أو بناء محور في آسيا، لذلك سيبقى التركيز على الصين. وسيقر الفريق المعاون لبايدن بمكانة الهند المحورية في جنوب آسيا، وينصح جيرانها بالتعايش معها. ومع ذلك، فإنه فيما يتعلق بباكستان، ستبدي إدارة بايدن قدراً أكبر من الإنصاف، وستدفع من أجل مكافحة الإرهاب، وستقيم علاقة وثيقة مع إسلام آباد في محاولة لإضعاف علاقاتها مع بكين». وأضاف سينغ أن سياسة بايدن تجاه الصين ستتسم بقدر كبير من الأهمية؛ لكن الأمر سيستغرق عدة أشهر كي تتضح ملامح هذه السياسة، بالنظر إلى الانقسامات الخطيرة في هذا الشأن داخل معسكر بايدن.

جدير بالذكر أن باكستان منحت وسام «هلال باكستان» لجو بايدن عام 2008، ومن المحتمل أن يبدي الرئيس المنتخب وداً أكبر تجاه الحكومة الباكستانية، وهذا في الحقيقة ربما لا يكون من السهل تبريره. وينبغي أن نتذكر هنا أنه كان نائب الرئيس عندما قتلت الولايات المتحدة أسامة بن لادن في باكستان. ويعكس التصريح الأخير لأنتوني بلينكين الذي اختاره بايدن وزيراً للخارجية، بوضوح، هذا الأمر.

فقد قال بلينكين: «لدينا تحدٍّ مشترك يجب أن نتعامل معه، يتمثل في الصين التي تسعى على نحو متزايد لفرض نفسها في جميع المجالات، بما في ذلك عدوانها تجاه الهند عند خط السيطرة الفعلية، علاوة على استخدام قوتها الاقتصادية لإكراه الآخرين وجني مزايا غير عادلة». وأضاف: «أعتقد بأنكم سترون جو بايدن رئيساً يستثمر في أنفسنا، ويجدد ديمقراطيتنا، ويعمل مع شركائنا المقربين مثل الهند، ويؤكد على قيمنا، ويشارك الصين من موقع قوة. ويجب أن تكون الهند شريكاً رئيسياً في هذا الجهد». كما أشار بلينكين إلى مخاوف نيودلهي من الإرهاب عبر الحدود، دون أن يسمي باكستان.

– فيزا «إتش 1 بي» والهجرة

أثار موقف ترمب إزاء مسألة فيزا «إتش 1 بي» غضب الهنود خلال السنوات الأخيرة، ذلك أن ترمب زاد صعوبة الحصول على هذه الفيزا المتعلقة بالعمل لفترة طويلة داخل الولايات المتحدة؛ بل وحظرها خلال فترة وجيزة. في المقابل، فقد تعهد بايدن بإدخال إصلاحات على قوانين الهجرة وإبقاء الأُسر معاً، الأمر الذي قد يعني تقليص العقبات أمام حاملي فيزا «إتش 1 بي» والمتطلعين للحصول عليها. وقال بايدن إنه سيعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وعكس الخطوات والقرارات التنفيذية المناهضة للهجرة التي أصدرها ترمب. ورغم الصورة الوردية التي ترسمها هذه التصريحات، فإن تأييد بايدن لعملية تخصيص تأشيرات «1 بي» وفق الأجر ربما يصبح مشكلة. وتمثل مسألة تخصيص الفيزا حسب الأجر مشكلة أمام الطلاب الأجانب الذين ينضمون إلى قوة العمل على أساس الحد الأدنى للأجور. وشددت إدارة ترمب القواعد، الأمر الذي ربما لا يجعل من السهل أمام بايدن التحرك في اتجاه معاكس لما جرى اتباعه خلال السنوات الأربع الماضية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × اثنان =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube