https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

رغم أنّ برنامجه الانتخابي انصب على محاربة العنصرية والفساد، فإن التغيير الجذري الذي وعد به رئيس سريلانكا الجديد أنورا كومارا ديسايانكا لن يتوقف على الشأن الداخلي، وسيكون له ارتدادات إقليمية ودولية.

 

فالجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، تعتبر برج مراقبة وتوجيه وإمداد لخطوط الملاحة البحرية الواصلة بين الشرق والغرب، وتزيد أهمية الجزيرة مع التغييرات المتسارعة في العالم، بدءًا من تداعيات طوفان الأقصى ومرورًا بصعود منظمة بريكس ومطبات عالمية منتظرة تقتضيها مراحل الانتقال من نظام قطب عالمي واحد إلى مستقبل مجهول.

 

يهدد نجاح اليسار بقيادة أنورا كومارا ديسايانكا في سريلانكا النفوذ الغربي والصهيوني، مع تحولات شعبية وسياسية تدعم العدالة وتناهض الهيمنة، فهل ينجو من رسائل النار الإسرائيلية؟

 

ومع الفوز الساحق لتحالف “قوة الشعب الوطنية” في الانتخابات البرلمانية التي جرت الخميس 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 قوة دفع كبيرة للتغيير الداخلي الذي بدأ يؤتي نجاحاته بالفعل، عبر إعادة ترتيب البنية الاقتصادية والسياسية للبلاد.

 

وقد حصل هذا التحالف الحزبي اليساري الذي أوصل الفلاح المكافح أنورا كومارا ديسايانكا إلى سدة الحكم، وينذر بانهيار منظومة نخبة فاسدة مرتبطة بالغرب.

 

لن تقف دول النفوذ كثيرًا عند الشأن الداخلي، سواء ما يتعلق بمحاسبة ساسة فاسدين، وإن كانوا حلفاء، بعد أن أصبحوا سابقين، أو تحسين الوضع الاقتصادي للمواطن الذي عانى من فسادهم، لكنها بالتأكيد سوف تسعى إلى إحباط أي تغيير داخلي يترك تداعياته على سياسات دول النفوذ الإقليمي والدولي داخل سريلانكا وخارجها.

 

وتشير كلّ التقديرات إلى أن الشعب السريلانكي يدعم التغيير الذي اختاره ديسايانكا وليس صندوق النقد الدولي، ومن هنا يُفهم تزامن التحذيرات الإسرائيلية والأميركية من هجمات “إرهابية” في سريلانكا، مع اقتراب الانتخابات البرلمانية.

 

وتذكّر التحذيرات الأخيرة بتحذيرات مماثلة سبقت هجمات الفصح التي استهدفت كنائس وفنادق فخمة عام 2019، وأدت إلى تغيير المشهد السياسي السريلانكي بإعادة عائلة راجابغسا إلى السلطة على أكتاف قوميين سنهاليين أو متطرفين بوذيين.

 

لقد كان عهد التطرف البوذي الذي سبق انتفاضة عام 2022 ذهبيًا بالنسبة للنفوذ الصهيوني في سريلانكا، إذ إن التاريخ السريلانكي لم يشهد احتفاء بإسرائيل كما حدث قبل هجمات الفصح، وذلك بفعاليات مستفزة للمشاعر الشعبية مثل مسيرات مؤيدة للاحتلال.

 

لكن حصاد التطرف كان علقمًا على الشعب، وبدأ بسطو المتطرفين الذين زعموا أنهم يمثلون الأغلبية السنهالية على الأقليات، لا سيما الأقلية المسلمة التي تشكل نحو 10 % من السكان الذين يقدر عددهم بنحو 22 مليونًا، وبلغ ذروته بإعلان إفلاس البلاد عام 2022، وعجزها عن الوفاء بمتطلبات حياة السكان الأساسية، لا سيما المواد المستوردة بالعملات الأجنبية، مثل: الوقود، والإخفاق في سداد الديون الخارجية المستحقة.

يربط ساسة سريلانكيون التحذيرات الإسرائيلية الأميركية من هجمات إرهابية في بلادهم بتبنّي النظام الجديد سياسات رافضة للهيمنة، مثل: رفض التمييز العنصري، ومناهضة السياسات الاستعمارية الغربية، وتنسحب على نظام الفصل العنصري الصهيوني الذي يرى فيه كثير من القادة الجدد امتدادًا للاستعمار الاستيطاني الغربي، ويرافق السياسات الجديدة تضامن شعبي ورسمي متزايد مع القضية الفلسطينية، وربما يتبعها انحياز إلى قوى عالمية تنادي بتغيير النظام العالمي الجائر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 + 13 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube