https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

لم يكن متوقعاً من اجتماعات مجلس الأمن في شأن مطلب الحماية الدوليةللفلسطينيين، أن تخرج بنتائج غير تلك التي خرجت بها، فالانحياز الأميركيلإسرائيل ليس في حاجة إلى إثبات، والـ «فيتو» كان متوقعاً. أما الإخفاق المتكرر في تمرير القرار، فلا يعني القول بعبثية المحاولة أوالتشكيك في جدواها. صحيح أن «الفيتو» الأميركي دائماً بالمرصاد، لكن الصحيحأيضاً أن تكرار المطالبة «جزءٌ من المعركة السياسية الفلسطينية في المحافلالدولية». فالنقاش حول الوضع الفلسطيني في أروقة مجلس الأمن والأممالمتحدة مكسبٌ، يُبقي القضية حيّة على جدول الأعمال الدولي، ويُحدثتغييراً، ولو بسيطاً، في الاصطفافات داخل المنظمة الدولية. الإنجازاتالفلسطينية هي حصيلة تراكمات لتغييرات بسيطة. في جلسة التصويت على الحماية الدولية، بدَت أميركا الطرف الأضعف، على رغمتعطيلها بالـ «فيتو» صدور مشروع القرار. كانت الأضعف عندما وقفت وحيدةًمعزولة إلى جانب دولة احتلال عنصري، فاقدةً الصدقية تكيل الاتهام إلى الأممالمتحدة بـ «التحيّز الشديد في شكل ميؤوس منه ضد إسرائيل»، وفق السفيرةالأميركية نيكي هايلي. وبدت الطرف الأضعف لأن أقرب حلفائها اختار أن ينأىبنفسه عن مواقفها. الأنكى، أنها طرحت في الجلسة ذاتها مشروع قرار مضاداً لم يحظ بدعمٍ من أحد. وحدها أميركا صوّتت معه. ولا عجب، فمشروع القرار يبرئ إسرائيل من قتلالمحتجين الفلسطينيين في غزة، ويدافع عن حقها في الدفاع عن نفسها، ويُحمّلحركة «حماس» وحدها مسؤولية التصعيد. لم يكن ينقصه سوى المطالبة بحمايةدولية للاحتلال! ذلك لا يعني أن الدول الغربية أصبحت في صف الفلسطينيين، ولكن يبدو أنهاأقرب إلى موقفهم هذه الأيام مما هي إلى أميركا التي تتجاهل مصالح حلفائها،سواء التجارية أو في ما له علاقة بالاتفاق النووي مع إيران. لا ننسى أنمسألة الحماية الدولية مسؤولية مجلس الأمن وفق المادة 24 من ميثاق الأممالمتحدة، وهي مطلب كان يصطدم في السابق بالتحيّز شبه الكامل للأعضاءالدائمين في المجلس لمصلحة إسرائيل، فكانت مواقفهم أقرب إلى المساهمة فيدعم الاحتلال منها إلى رفضه. على رغم طول نَفَس الفلسطينيين في خوض معركة الحماية الدولية، إلا أنالمشكلة هي أنهم لا يملكون خريطة طريق أو مخططاً واضحاً لما يريدونه من هذهالحماية. مثلاً لم يربطوا مراحل التطبيق بمنجزات إنهاء الاحتلال في فترةمحدودة تنتهي بالاستقلال، وتحول دون تصرف الاحتلال بالموارد الطبيعية،وبالمال الفلسطيني، ومن دون مصادرة الأراضي وضمها وبناء المستوطنات، وتغييرالمعالم. بل يكتفي الفلسطينيون بالمعنى العام للحماية، أي وجود قوات دوليةتحمي المدنيين من عسف الاحتلال وجرائمه. والأجدر، نظرياً، أن تكون الحمايةالدولية مرحلة انتقالية تتسلم بها الأمم المتحدة ومجلس الأمن مسؤوليةإدارة البلد بدلاً من القوة المحتلة، إلى حين إنجاز المؤسسات الوطنية التيستتولى الإدارة تحت راية الاستقلال. وثمة نماذج مجرَّبة في العقدين الماضيين. في تيمور الشرقية، وكوسوفو ثم فيالبوسنة. وفي الحالات الثلاث، كان الإجرام في حق المدنيين بلغ ما يرقى إلىجرائم حرب، وأسال دماء آلاف من المدنيين العزل. هناك أيضاً تجربة فلسطينية لم يُبنَ عليها هي تجربة الرقابة الدولية فيمدينة الخليل (أصدرت الأمم المتحدة القرار الرقم 904 عام 1994) بعد مذبحةالحرم الإبراهيمي في 25 شباط (فبراير) حين أطلق المستوطن باروخ غولدشتاينالنار على مصلين، فقتَل 27 قبل أن يقتُل جيش الاحتلال 23 آخرين في اليومذاته. إسرائيل نجحت في تمييع القرار وإبطال مفاعيله، بحيث صار حبراً على ورق. لكنالجديد اليوم في توقيت المطالبة الفلسطينية بالحماية الدولية هو عضويةفلسطين في المحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب تزايد التعاطف الرأي العاموما تقوم به حملات المقاطعة وتزايد جرائم الحرب الإسرائيلية، عسى أن يكونذلك عنصر ضغط يوّلد قوة في المطالبة بالحماية… للفلسطينيين.

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 4 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube