https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :
لكي نفهم ” الالتواءات ” الحادة القائمة اليوم في العلاقات السعودية الامريكية ، لا بد من العودة الى المقال الذي كتبته السفيرة السعودية في واشنطن في حزيران الماضي بمناسبة زيارة الرئيس بايدن للرياض . قالت السفيرة في ذلك المقال الموحى به من قبل ولي العهد السعودي : ” لقد عفا الزمن على معادلة النفط مقابل الأمن و التي كانت تحكم العلاقات بين البلدين ، وان هذه العلاقات اعمق بكثير من رئيس امريكي واحد”.
وعلى هذا الاساس ، بدأ ت السياسة السعودية تتصرف حيال امريكا .فالرياض اعتقدت انها باتت حرة تماما عن التأثير الامريكي ، ولذلك اخذت تنهج سياسة مستقلة ، لا بل معارضة تماما للتوجهات الامريكية. فالقيادة السعودية ، مثلا ، عززت علاقاتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع الصين – المنافس الاول لامريكا – ، ووصلت الامور الى حد ان السعودية قد ايدت مواقف الصين كاملة بما في ذلك مسألة الويغور ، فلم تمتنع الرياض فحسب عن ادانة بكين ، بل وقعت على رسالة تعلن فيها تأييدها الكامل لاجراءات الصين ضد المعارضين المسلمين الويغور ، وهذا يناقض تماما الموقف الامريكي .
وفي العلاقات مع روسيا ، نأت السعودية بنفسها عن الموقف الامريكي المعادي لموسكو . وتجلى ذلك ، في قرار اوبك الاخير حول تخفيض انتاج النفط ، رغم المناشدات المستمرة للرئيس بايدن بعدم الاقدام على ذلك .
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن : هل فعلا عفا الزمن على معادلة النفط مقابل الأمن التي تحكمت بالعلاقات السعودية الامريكية طيلة العقود الثماني الماضية ؟
الواقع يشير الى ان الاحوال ليست كذلك .
فاختفاء هذه المعادلة ينهي عمليا الركيزة الاساسية التي استندت اليها هذه العلاقات ، ويصدع الحوافز التي دفعت امريكا لاعتبار السعودية حليفا استراتيجيا مهما في المنطقة .
ويبدو ان علامات هذا التصدع قد بدأت تعلن عن نفسها ، وذلك من خلال الاسئلة الكثيرة التي تطرحها اليوم الاوساط السياسية والاعلامية الامريكية ، والتي تشكك بفوائد استمرار العلاقات مع السعودية . من هذه الاسئلة مثلا :
لماذا ينبغي على امريكا الاستمرا رفي الدفاع عن السعودية وتزويدها باحدث الاسلحة ، اذا كانت الرياض تتحالف اليوم مع الرئيس بوتين – الد اعداء امريكا ؟
ولماذا ينبغي على واشنطن اخذ المصالح السعودية بعين الاعتبار في الجهود الرامية الى احياء الاتفاق النووي مع ايران ،بينما الرياض تهدد المصالح الحيوية الامريكية عبر توطيد التعاون مع الصين ؟
ولماذا ايضا ، يجب على امريكا ان تسعى لتمديد وقف اطلاق النار في اليمن والذي اوقف الصواريخ الحوثية باتجاه السعودية ، بينما الاعلام السعودي لا يتورع عن انتقاد امريكا والتشكيك بمواقفها ؟
ولماذ كذلك ، يجب على البيت الابيض اغلاق ملف حقوق الانسان في السعودية ،بما في ذلك قتل الخاشقجي ، بنيما المسؤولون السعوديون يقدمون الدعم لمواقف موسكو في اوكرنيا ؟
ولماذا ينبغي على ادارة بايدن ان توقف الملاحقات القانونية ضد ولي العهد السعودي ،وان تمنع القضاء الامريكي من النظر في مطالبات ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر في نيويورك ،بينما ” تتآمر الرياض ” –كما يقول الامريكيون – مع الرئيس بوتين وترامب لاضعاف ادارة بايدن والتخلص منه ؟.
لقد فتح الموقف السعودي في اوبك صندوقب الشرور في العلاقات الرسمية والشخصية بين الرياض وواشنطن . وقد تتفاقم هذه ” الشرور ” وتحرق الجسور كلها بين البلدين .
بكلمات اوضح ،، فان العلاقات السعودية – الامريكية ، تمر اليوم بمنعطف كبير هو الاخطر عبر تاريخها الممتد منذ تسعين عاما. واعتقد ، ان القيادة السعودية بحاجة الان الى جهود جبارة لجسر الصدع الذي حصل مع ادارة بايدن وتهدئة الثور الامريكي الهائج. طبعا ، اذا كانت هذه القيادة حريصة على استمرار علاقاتها الوطيدة مع واشنطن . ولكن لدي انطباع ، ان هذا الامرلا يحتل اليوم اولوية لدى ولي العهد السعودي ،الذي يبدو انه اختار الاستقلال التام عن وشنطن ،بغض النظر عن التكلفة الباهظة ، وذلك بانتظار تغييرات جوهرية قد تعيد ترامب الى البيت الابيض .
8/10/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إحدى عشر − أربعة =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube