https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

 تنبع أهمية موضوع الكتاب من عدة اعتبارات بعضها يتعلق بخصوصية النظامين الايراني والتركي ذاتهما، والبعض الآخر يتعلق بتداعيات هذه الخصوصية على العالم العربي. والدور الأمريكي لتحديد هذه التداعيات. حيث تطرح النخبة الايرانية نفسها كتجربة مختلفة عن نظم الحكم في بلدان العالم، فهذه اول مرة منذ نهاية الحرب العالمية الاولى يتولى فيها رجال الدين بصفتهم هذه حكم دولة اسلامية، والدور الذي تراه النخبة الايرانية الحامكم لدورها وقد يكون طموحات ايران النووية عنوانا لهذه التصورات.



كذلك فإن تركيا دولة الخلافة الاسلامية، قد انهت الخلافة في العام 1924 وتبنت العلمانية نهجا ثابتا واختارت التوجه الغربي بدلا من الإسلامي في سياساتها الخارجية الا ان فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات منذ انتخابات نوفمبر 2002 وهو حزب ذو اصول اسلامية وتبنيه مقاربات جديدة للسياسة الخارجية تقوم على تعدد الابعاد وفق رؤية حكومة العدالة والتنمية بأن تركيا كانت دولة طرفية ضمن الإطار الاستراتيجي لحلف شمالي الأطلسي “الناتو”، تعتمد على المحيط الجغرافي للتحالف الغربي؛ لكنّ المفهوم الاستراتيجي للناتو، تطوّر خلال فترة ما بعد الحرب الباردة، وكذلك فعلت حسابات تركيا لبيئتها الاستراتيجية، الوجود التركي في أفغانستان إشارة واضحة على هذا التغيير؛ فلم تعد تركيا دولة طرفية. وهي اليوم تواجه ضغطا لتولّي دور إقليمي مهم، ما خلق، باعتراف الجميع، توترات بين التحالفات الاستراتيجية الحالية والمسؤوليات الإقليمية الصاعدة.



كما ان تركيا مهمة للاستراتيجية الأميركية بحكم أهميتها الجيوبوليتيكية لأنها محاطة بثلاثة بحار وتشكل جسر طبيعي يربط أهم قارتين وهما آسيا وأوربا وتقع على تقاطع بين أوربا ومصادر الطاقة الغنية والشرق الأوسط وحوض بحر قزوين ولها مضايق “البسفور والدردنيل” تربط البحر الأسود بالبحر المتوسط.



وتركيا ليست مهمة للولايات المتحدة لكونها لاعبا جيوبوليتيكيا فحسب بل لكونها لاعبا جيوستراتيجيا لأنها تجاور بقعة عرضة للانفجار بسبب حالة عدم الاستقرار في البلقان الاوراسية وفى الشرق الأوسط واستقرار تركيا هام للولايات المتحدة، لأنها لو تعرضت لعدم الاستقرار الداخلي فإن ذلك سيجعل المنطقة كلها في حالة من الفوض.



مع ملاحظة أن الولايات الأميركية استفادت أيضا من حقيقة أن أحد ثوابت السياسة التركية هو التوجه الحازم نحو الغرب. فالجانب الأمريكي يرى تركيا لاعب جيو -استراتيجي في منطقة البلقان والشرق الاوسط ولها حيوتها في المجالين السياسي والاقتصادي بل ان تلك الرؤية لا ترى تركيا لاعبا جيواستراتيجيا فحسب بل تراها محورا جيوبوليتيكيا مهما تعول عليها الولايات المتحدة لأهداف استراتيجية، فالمصالح الهائلة الممتدة من آسيا الوسطى وحتى الخليج العربي تتطلب وجودا عسكريا وحليفا مباشرا فى السيطرة على قوس النفط الكبير الممتد من آسيا الوسطى وبحر قزوين وحتى الخليج العربي، واحكام السيطرة على ايران حتى يتم التعامل معها حيث ان تركيا يمكن ان تشكل حائطا صلبا في الجهود الاميركية لاقامة تكتل سني من الدول المعتدلة في المنطقة ضد طموحات المد الايرانى الشيعى الذي اخذ يمثل تحديا للجهد الاميركي في منطقة الشرق الاوسط، كما أن تركيا هي الدولة الديمقراطية المسلمة العلمانية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وان نوع الاسلام المتسامح الذي تعتنقه يمكن ان يكون نموذجا يقتدى لإيقاف ما تسميه الأصولية الاسلامية في المنطقة ويدعم جهود الدفع بالديمقراطية في العراق.



يوضّح د. حنفي في كتابه أبعاد العلاقات التركية – الايرانية، ومستقبلها وذلك من خلال تحليل وتحديد القضايا المثارة بين البلدين، التي ينتج عنها توترات أو صراعات معينة نتيجة اختلاف الرؤي بينهما وقضايا الاتفاق بينهما. ومن ثمة تأثير العامل الاميركي على مستقبل تلك العلاقات. فتركيا وإيران تحتلان موقعا استراتيجيا هاما بالنسبة للنظام الإقليمي العربي، باعتبارهما من دول الجوار الجغرافي يتشاركان في بيئة إقليمية واحدة تؤثر وتتأثر كل واحدة بالاخرى وكل واحدة تؤثر بدورها في دول الشرق الأوسط وجاراتها، وعلى مستوى أشمل في العالمين الإسلامي والغربي.



وهذا التأثير يستوجب تدخّل أميركي؛ تدخّل يؤثّر ويتأثّر بحالة العداء المتبادلة بين الولايات المتحدة وايران على خلفية جملة من القضايا من جهة. ومن جهة أخرى يؤثّر ويتأثر بتقاطع المصالح والتنافس بين إيران وتركيا من جهة، وأميركا من جهة أخرى، على مناطق النفوذ في الشرق الأوسط…العرب اونلاين .

شريف أحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 + عشرين =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube