اندير جيت بارمر
أتول بهاردواج
( ملخص دراسة )
يشير الانقسام المتزايد في دوائر السياسة الخارجية الأميركية إلى تحوّل كبير في الدور العالمي للولايات المتحدة الأميركية، ويشكّل تحديًا للنظام العالمي الليبرالي أو الحر الذي طالما دافعت عنه هذه السياسة. ويضع هذا الانقسام أنصار النظام الإمبريالي العالمي التقليدي، بزعامة الولايات المتحدة منذ عام 1945، المُكون أيضًا من مؤسسات متعددة الأطراف، تمتد أذرعها دوليًا، في مواجهة أولئك الذين يفضلون استراتيجية إمبريالية تنافسية تقوم على المصالح الحيوية. ويمثل هذا الأخير نهجًا ثنائيًا، يرتكز أساسًا على المنفعة المتبادلة ويستخدمها سلاحًا، خاصة في العلاقات الاقتصادية والتجارية الدولية، إضافة إلى اعتماد مبدأ التدخل العسكري باسم “أغراضٍ إنسانية” أو ما شابهها من أسماء أو عناوين تدّعي المثالية.
ولا ينبغي أن تنطلي هذه الخديعة على أحد؛ فالعولمة الأميركية ربما تعود لترتدي أثوابًا مختلفة، ولكنّ عقيدتها غير قابلة للتحول، فهي تبقى دولة عظمى قسرية ديدنها الإكراه والهيمنة. والتوأم المحلي لهذه الاستراتيجية القسرية العالمية هو الدكتاتورية. فقد صرح دونالد ترامب، داخل البيت الأميركي، أنه سيكون دكتاتورًا منذ أول يوم من أيام توليه الحكم؛ سيلغي كل التشريعات الناظمة لشركات الوقود الأحفوري، وسيرحّل ملايين المهاجرين غير الشرعيين. وقد أعطى المسيحيين الإنجيليين، في الآونة الأخيرة، وعدًا بأنهم إذا صوتوا له في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، فإن هذه المرة ستكون هي الكافية الوافية[1]. تُلاحظ بصمات ترامب في كل جزئية من مشروع 2025، التابع لمؤسسة هيريتيج Heritage، الذي يعِد بسَنّ قوانين تسمح بنشر القوات في الشوارع الأميركية، لقمع الحق الديمقراطي في الاحتجاج، ومنح الرئيس سيطرةً مطلقة على السلطات التنفيذية، من خلال فصل الآلاف من موظفي الخدمة المدنية المحترفين لإتاحة المجال لـ “مريديه” السياسيين. ويسعى أيضًا لتحجيم حقوق العمال والنقابات العمالية، وتقليص نظام الضوابط والتوازنات Checks & Balances (أو نظام الفصل بين السلطات من أجل ضمان الرقابة المتبادلة بين الهيئات الدستورية والتوازن الجزئي للقوى فيما بينها) الذي كان الدعامة الأساسية للدستور الأميركي منذ عام 1787[2]؛ ما يفضي إلى تزاوج بغيض بين دولة ممعنة في القسرية ومصالح مادية بحتة. أضف إلى كل ذلك قرار المحكمة العليا الأميركية مؤخرًا المتمثل في إعفاء الرئيس السابق من الإجراءات القانونية المتخذة أثناء توليه مهماته الرسمية[3].
[1] “Trump Declines to Back Away from ‘You Don’t Have to Vote Again’ Line,” The New York Times, 30/7/2024, accessed on 11/8/2024, at: https://n9.cl/azg32l
[2] Robert Kuttner, “Could a Trump Dictatorship Be Resisted?” The American Prospect, 9/7/2024, accessed on 11/8/2024, at: https://n9.cl/r7yee
[3] Ali Harb, “How Supreme Court’s Immunity Ruling ‘Transforms’ US Presidency,” Aljazeera, 1/7/2024, accessed on 11/8/2024, at: https://n9.cl/ma2ok