https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

تتلاحق الأنباء منذ مطلع هذا العام حول تقهقر العديد من وسائل الإعلامالعربية، خاصة القنوات الفضائية، التي شهدت طفرة تاريخية غير مسبوقة حدالإنفلات. ولأن الفضائيات كالدول تختبر الصعود والهبوط، فان ما تشهدهالتلفزيونات الخليجية والمصرية والتونسية واللبنانية، يصب في هذا الاتجاه. وإذا كان الإعلامان المصري واللبناني مثلا، يعانيان ضائقة مالية خانقةتجرفهما إلى موجة البيع والإغلاق القسرية، فان أنباء تنفيذ قناة «العربية» السعودية أكبر عملية تسريح موظفين في تاريخها مؤشر يفتح باب التكهنات علىمصراعيه. وهنا تطرح العديد من الأسئلة، ماذا يحدث، ولماذا الآن، وهل السببمرورها بـ «أسوأ أزمة مالية في تاريخها» فعلا، أم هو تراجع دور الإعلامالعربي عموما بعد الثورات العربية، وصعود وسائط التواصل الإجتماعي، التيأخذت تسحب البساط من تحت أقدام المحطات،أم أن هناك أسبابا أخرى مخفية؟وفي الوقت الذي تبرر القناة عمليات التسريح بأنها جزء من إعادة هيكلة كبيرةتجري داخل المؤسسة، حيث يتم دمج أقسام وإلغاء أخرى، لتقليص النفقات، فانتضخم كادر مؤسسة «الجزيرة» الفضائية، وهو الأكبر في الشرق الأوسط بعددموظفين يناهز 4500 شخص، دفعها مؤخرا للاستغناء عن نحو 500 من موظفيهالتعزيز قدرتها التنافسية في ظل التطور المتسارع، الذي تشهده الساحةالإعلامية. كما أعلنت الشبكة، التي تحتل المركز الأول في المنطقة، قبل شهرين إقفالقناة «الجزيرة أمريكا»، التي كانت توظف نحو 700 شخص، بعد تضييق كبير منحيتان الاحتكار لحقوق بث الإعلام على أثير الولايات المتحدة. وقد سجلت قناة «العربية» حضورا سياسيا على الساحة العربية، بحيث احتلت مكانقناة «أبوظبي» الفضائية، التي خلفتها على الساحة الإعلامية الخليجيةوالعربية. لكن اقتصار طرح موظفيها دون الشبكة الأم أي مجموعة «أم بي سي» يطرح التساؤلات، خاصة أن «أم بي سي» استطاعت بذكاء أن تحافظ على مكانتهاكقناة منوعات، عن طريق الاستثمار في البرامج العالمية، وجذب الإعلانات،وبالتالي جني أرباح كبيرة تغطي نفقاتها وتزيد، ما يدفعها أيضا للتتوسع علىحساب الكثير من المحطات العربية الأخرى، خاصة اللبنانية والمصرية. غير أن هذا السبب قد لا يكون كافيا لمحطة هامة مثل «العربية»، فمن الملاحظتعزيز دور القنوات التلفزيونية الوطنية السعودية مؤخرا، والتي باتت تسحب منرصيد الفضائية، سواء في الأخبار والاعتماد على المراسلين أو في البرامجالسياسية، التي باتت لا تتهيب من طرح بعض القضايا الساخنة الداخليةوالإقليمية، التي كانت إلى وقت قريب من المحرمات. فهل يعني هذا توسعالمنوعات والبرامج الإجتماعية على حساب السياسية في اتباع نهج إعلامي جديد؟لننتظر ونرى. فضائيات للبيعوما دمنا في تقلص «العربية» وتمدد «أم بي سي»، فان هناك أنباء عن مباحثاتبين أكبر مجموعة قنوات مصرية معروضة للبيع هي قنوات «سي بي سي» لمالكهامحمد الأمين وشبكة «أم بي سي»، والتي تسعى لإتمام عملية الشراء، لكنهاتتفاوض على تخفيض المبلغ المطلوب وهو 680 مليون دولار. وهناك موجة لبيع قنوات في مصر، على رأسها مجموعة «الحياة»، حيث يتردد أنصاحبها السيد البدوي يطلب مبلغ 755 مليون دولار مقابل التنازل عن المجموعةكلها والبالغة خمس قنوات. ويتردد أن المشتري وكالة «ممس» لصاحبها اللبناني أنطوان شويري، كما أنهاالوكالة الإعلانية الحصرية لقنوات الحياة، وهي من تساهم في خريطتهاالبرامجية وتعرف حجم مشاهديها. وتأتي مجموعة قنوات «دريم» الفضائية لصاحبها أحمد بهجت، التي ترى في عمليةالبيع حلا للتخلص من الأزمات والصدامات المتكررة مع الحكومة والبنوك. فيما تفكر قنوات «المحور» جديا في بيع المؤسسة، بسبب المشاكل الماديةالعديدة، بعد إطلاقها لقناة «المحور بلس»، والتي لم تأت بالنتيجة المتوقعةمن حيث نسبة المشاهدة والإعلانات، وبسبب المشاكل مع عدد من مقدمي البرامج،مثل معتز الدمرداش، الذي انتقل لقناة «الحياة»، وتامر أمين، الذي رحل هوالآخر إلى قنوات «روتانا» وعدد آخر من الفنيين والإداريين. ولم تسلم القنوات الصغيرة والمتوسطة، التي يسعى أصحابها للتخلص منها هذهالأيام، منها قناة «الفراعين» المتوقفة عن البث حاليا بسبب مديونياتهاومعظم القنوات الأخرى، التي تعاني منذ بداية الثورة المصرية من أزمةالتمويل وارتفاع التنافس وتلاشي الجدوى الاقتصادية للفضائيات بعد أن كانتمشاريع مربحة ماديا وسياسيا. «الغد العربي»، التي انطلق بثها رسميًا في أكتوبر/ تشرين الأول الماضيلتصبح أول قناة إخبارية عربية تنطلق من القاهرة يتردد كذلك أنها تتجهلتخفيض الرواتب والاستغناء عن 20% من الموظفين والإعلاميين خلال الفترةالمقبلة. المحطات اللبنانية على شفا الهاويةالقنوات الفضائية اللبنانية بدورها تختبر وقتا عصيبا على وقع أزمات البلادالسياسية والاقتصادية، التي حولت الطفرة الإعلامية إلى كابوس يطارد بقاءهذه المحطات. فقد أدت أزمة الصحف والقنوات إلى صرف معظم الموظّفين، وتأخّرفي دفع الرواتب لدى البعض منها، فيما بات مستقبل معظمها مجهولا. المؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناشونال «أل بي سي»، أبلغت قسماً من موظفيهاالإستغناء عن خدماتهم، رغم أن بعض هؤلاء شاركوا في تأسيسها عام 1985. ومنالمتوقّع استمرار عملية صرف الموظفين، بسبب الأزمة المالية الخانقة. كذلكفعلت قنوات «الجديد» و«أم تي في»، حتى وصل الموسى لذقن قناة «المستقبل»،التي أسسها الرئيس رفيق الحريري، واستعملها منبراً إعلامياً له، ولكن بعدرحيله انتقلت لنجله سعد الحريري، حتى انحصر تمويلها مؤخرا وانخفض ما جعلهافي أزمة مالية كبيرة تعصف بها وتقف على حافة الهاوية. ولم تسلم باقيالمحطات اللبنانية الأقل تمويلا من الأزمة المستشرية، وما سلم منها حتىالآن خرج مهشما. ويرجع ذلك، اضافة إلى أزمة التمويل، لزيادة عدد القنوات الفضائيّةالمتخصّصة والمنافسة في العالم العربي. وهو ما أدّى إلى تقهقر إيراداتالسوق الإعلانية، فضلاً عن تراجع الدعم المالي من قبل بعض الدول الخليجيةوارتفاع نفقات الإنتاج والبث الرقمي في لبنان والمنطقة عموما. قنوات تونس لم تعد «برشا» تونس، التي كانت ردة فعلها على احتكار الإعلام الحكومي للفضاء، بعد الثورةتزاحما على إنشاء المحطات الخاصة لأغراض حزبية وتجارية ودينية، تعصف بهاهذه الأيام كذلك الأزمات المالية، واشتداد الخلاف بين الهيئة العلياالمستقلة للاتصال السمعي البصري المسماة «الهايكا» المسؤولة عن منحالتراخيص للفضائيات، وأصحاب رؤوس الأموال، الذين دخلوا المجال لأهداف لاتتعلق في أحيان كثيرة بالرغبة في الاستثمار الإعلامي، بل خدمة للمصالحالحزبية والسياسية. هذه الأزمة انعكست بشكل مباشر على الصحافيين والعاملين فيها، وتتجلى فيتسريح البعض وإيقاف البعض الآخر عن العمل، وهذا من شأنه التأثير علىاستقلالية العمل وحرية التعبير والرسالة الإعلامية. ولعل قضية الصحافيين المسرحين من قناة «حنبعل» العنوان الأبرز، وهو ما دفعنقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري إلى الطلب من «الهايكا» بعدم تجديدترخيص القناة، فيما تبرر القناة الاستغناء عن بعض الموظفين نتيجة تشغيلهالعدد يفوق طاقة استيعابها بكثير، ولأن «حنبعل» قناة خاصة وتعنيها بدرجةأولى مكانتها في الوسط الاعلامي والمردودية والنجاح. لكن ذلك لن يكون نهايةمطاف الفضائيات التونسية، فالحبل ما زال على الجرار. أما القنوات الجزائرية فتواجه حالة عصيبة ،مع إعلان رئيس الوزراء عبد الملكالسلال وجود 60 قناة تلفزيونية خاصة، خمسة منها فقط معتمدة، مشيراً إلىعزم الدولة إغلاق كل القنوات غير المعتمدة. القنوات العربية الغربية صامدةهذا السيناريو الانكماشي لم يصب القنوات العربية، التي تبث من العواصمالغربية، فـ «فرانس 24» الفرنسية تزداد جماهيرية، وكذلك «بي بي سي» البريطانية و«دوتشيه فيله» الألمانية وغيرها من المحطات الأوروبيةوالأسترالية والكندية. وقريبا سيتم إطلاق قناة «الشمال» من إسبانيا، والتيبدأت التحضير لبرامج تركز على شمال إفريقيا.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد − واحد =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube