قالت صحيفة “نيويورك تايمزإن الهند باعتبارها مركز ثقل تقليدي جنوبي آسيا تتمتع بتاريخ خاص في تعزيز ثقافة التسامح لكن تراجع حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة في هذا البلد أضعف أسسه الأخلاقية فاتحا الباب أمام تفاقم التوترات العرقية والطائفية بالمنطقة.
وأكدت الصحيفة -في تقرير لمدير مكتبها في جنوب آسيا مجيب مشعل- أنه بينما تحاول حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إعادة تشكيل البلاد لتصبح دولة هندوسية، حيث نصب مودي نفسه “بطل الهندوس” في تاريخ لعب دور الضحية، بدأت البلاد تفقد نفوذها الإقليمي.
كما أضعفت حكومة مودي -تضيف الصحيفة- من خلال تهميش الأقلية المسلمة في الداخل دورها القيادي التقليدي في تشجيع الانسجام في منطقة بها العديد من خطوط الصدع، وذلك قد يفتح فرصا أمام الصين التي استخدمت بالفعل وعود الاستثمار والوصول إلى اقتصادها الصعب المنال لبناء علاقات أقوى مع جيران منافسها الهندي.
ويرى ياشوانت سينها -الذي كان وزيرا للخارجية عندما كان حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه مودي آخر مرة في السلطة أوائل العقد الأول من القرن الحالي- أن هذه المقاربة الحزبية الصريحة للقضايا المجتمعية خلقت وضعا خاصا للغاية في ما يتعلق بهذه الأرضية الأخلاقية لتعاطي الهند مع دول الجوار.
وهو ما يجعل -وفق الصحيفة- دعوات التسامح أمرا ملحا في منطقة غالبا ما يتحول فيها العنف الطائفي ببلد ما إلى وقود للقومية الضيقة ببلد آخر، كما حدث أخيرا بعد تفجر أحداث العنف الطائفي بين الهندوس والمسلمين في بنغلاديش ثم في الهند إثر تدنيس نسخة من المصحف الشريف خلال مهرجان هندوسي.
ويؤكد مجيب مشعل أن الطريقة التي تدير بها الهند -أكبر الدول وأكثرها تنوعا في المنطقة- تقليديا شؤونها كانت بمنزلة بوصلة تسترشد بها بقية دول المنطقة، وحتى عندما اندلع العنف الطائفي داخل حدودها أنجبت قادة كبارا مثل المهاتما غاندي وبرزت بإنهائها قرونا من الحكم الاستعماري من خلال مبدأ اللاعنف.
الهندوس أولا
ولكن سياسات حزب مودي (بهاراتيا جاناتا) حادت عن هذا الطريق -حسب الصحيفة- على غرار ما حدث من تآكل لمكانة الولايات المتحدة العالمية بشأن حقوق الإنسان في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، فقد اتبع حزب مودي أجندة “الهندوس أولا” التي وضعت مسلمي البلاد في وضع غير ملائم، كما رفض الحزب كبح جماح العناصر المتشددة في صفوفه مما تسبب أحيانا في تفجر أعمال عنف.
وترى مديرة مبادرة الهند في “معهد هدسون” الأميركي، أبارنا باندي، أن الأيديولوجية القومية الهندوسية للحزب الحاكم جعلت الهند أكثر انكفاء على ذاتها”.
وتردف قائلة “إذا كنت تروّج لرؤية قومية فمن الصعب أن تطلب من جيرانك ألا يفعلوا الشيء ذاته.. سترى بعد ذلك كل دولة في جنوب آسيا وهي تصبح أكثر قومية، وهذا الأمر يخلق تحديا إستراتيجيا للهند”.