https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :

لم يكن مصادفة  تريث الرئيس بوتين – حتى الآن – الاعتراف بفوز بايدن  ، ولم يكن عبثا ربطه الاقدام على هذا الاعتراف بشرط  اقرارترامب و الحزب الجهوري بالخسارة ، والتصديق رسميا على نتائج الانتخابات . وموقف بوتين هذا يعكس بدقة اجواء عدم الود وانعدام الثقة بين بوتين والحزب الديمقراطي الامريكي ، والتي تراكمت على مدى السنوات  التسع الماضية . فقد غضب بوتين من بايدن الديمقراطي عندما قال هذا الاخير- وكان آنذاك نائبا للرئيس الامريكي –  في اجتماع مع المعارضة الروسية عام 2011 ” ان على بوتين عدم الترشح مجددا  للرئاسة ” . وزاد حنق بوتين  من  هيرالي كلينتون التي  وجهت سهام نقدها  علنا وصراحة لخطوات  بوتين   في القرم وشرقي اوكرانيا واوسيتيا الجنوبية وسورية  ،وقارنته بهتلر القرن العشرين!.

وبدوره ،غضب الحزب الديمقراطي الامريكي من بوتين بسبب الادعاءات القائلة ان روسيا قد تدخلت في  الانتخابات الامريكية عام 2016 ، وان هذا التدخل ادى الى خسارة مرشحة الحزب الديمقراطي  كلينتون وفوز  ترامب .

وخلال الاعوام الاربعة الماضية ، لم يترك الديمقراطيون فرصة الا واستغلوها من اجل النيل من روسيا  وتخريب العلاقات معها . فهم قد شكلوا لجنة تحقيق حول التدخلات الروسية في الانتخابات ، وحاولوا عزل ترامب واطلقو عليه لقب  ” جرو بوتين ” ، وخربوا محاولاته  كلها لتحسين العلاقات مع روسيا  واجبروه على اتخاذ خطوات تخالف قناعاته، واستغلوا الادعاءات حول  دفع روسيا اموال لحركة طالبان  مقابل قتل الجنود الامريكيين، لاشعال هستيريا حقيقية ضد روسيا .

الآن صارت واضحة اسباب المشاعر السلبية المتراكمة  بين بوتين والحزب الديمقراطي الامريكي . والسؤال الذي يطرح نفسه : كيف سيؤثر هذا الصقيع المتبادل على علاقات البلدين بعد دخول بايدن الى البيت الابيض ؟

عادة في السياسة ، لا تختفي كليا العواطف الشخصية المتبادلة بين القادة ،  ولكنها  تتراجع الى الخط الثاني امام المصالح المتبادلة ، لا سيما في العلاقات بين  الدول الكبرى .

وأكبر دليل على ذلك ، ان  مشاعر الود المتبادل  بين ترامب وبوتين ، لم تمنع ادارة ترمب نفسه من انزال اقسى العقوبات  بروسيا. وبالمقابل ، فان وجود  مشاعر الكراهية بين بوتين وبايدن ، لا يعني  الوصول الى قطيعة كاملة في التبادل بين البلدين   . وما يبعث  على الارتياح النسبي في هذا المجال ، ظهور  مؤشرات ايجابية من الجانبين : فقد ابقى بوتين الباب مفتوحا للتعاون  مع الرئيس الامريكي القادم عندما قال : بانه سيحترم ارادة الشعب الامريكي في اختيار رئيسه . ومن جانبه  ، ورغم اعتبار بايدن  روسيا خصما ، ولكنه في الوقت نفسه ،ابدى استعدادا للعمل معها في بعض المجالات .

وفي الواقع ،  هناك كثير من المجالات التي  يلبي التعاون المشترك فيها مصلحة  الطرفين -الروسي والامريكي  .منها مثلا ، مكافحة جائحة كورونا ، وعودة امريكا الى اتفاقات الحد من الاسلحة الاستراتيجية  مع روسيا  ،والتي انسحب ترامب منها  . وقد عبر بايدن عن رغبته في  العودة الى تلك الاتفاقات  . وهناك كذلك التعاون في مجالات  المناخ ومكافحة الارهاب والوضع في سورية وليبيا ، و الاتفاقات مع ايران ،وغيرها .

ويمكن ان يوفرهذا العمل  المشترك اجواءا ايجابية لتحسين العلاقات الروسية الامريكية في ظل ادارة بايدن . طبعا  ، ستبقى نقاط خلاف كثير قادرة على تسميم هذه العلاقات ، مثل مسألة حقوق الانسان والقرم واوكرانيا والحلف الاطلسي ، فضلا عن التراكمات السلبية التي اشرنا اليها . ولكن الحكمة تفرض ضرورة الابتعاد عن الاسلوب الثأري في العلاقات بين روسيا وامريكا ، وهو امر  يلبي مصلحة البلدين ، ويخدم السلام والامن في العالم كله .

23/11/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 + 9 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube