https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png
وضعت باكستان جانباً جميع العروض الدولية التنافسية لإنشاء مصانع طاقة في البلاد وقررت التعاقد، من دون درس عروض أخرى، مع شركة صينية لبناء محطة هيدروليكية لتوليد الطاقة من المصادر المائية بقوة 1100 ميغاواط في الجانب الباكستاني من إقليم كشمير، بتكلفة تصل إلى 2.2 مليار دولار أميركي تقريباً.
قام الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بزيارة الصين في مناسبات عدة منذ توليه الرئاسة في سبتمبر 2008، غير أن تلك الزيارات كانت استعراضية أكثر مما كانت مهمة في جوهرها، ويعود ذلك جزئياً إلى أن حكومته التي تحظى بدعم واشنطن كانت قد ترسخت ضمن محور الولايات المتحدة إلى حد أن المبعوث الصيني في إسلام أباد بدأ يتذمر من الوضع علناً.
أبدت مجموعة الضغط الموالية للصين في المؤسسة العسكرية الباكستانية، وهي تخضع لنفوذ الجنرال طارق مجيد الذي تقاعد الآن، استياءها بسبب هذا التحالف مع الولايات المتحدة، وقد انزعجت تحديداً لأن الأميركيين حصلوا على الإذن بإنشاء قاعدة بحرية في أورمارا، في محافظة بلوشيستان، ولأن المتعاقدين الأميركيين في مجال الدفاع مُنحوا حرية التصرف في البلاد، لكن تجدر الإشارة إلى أن الجيش في العهد الذي تلا ولاية برويز مشرف كان ضعيفاً ولم تكن أمامه خيارات كثيرة إلا غض النظر عما يحصل.
استمر هذا الوضع على حاله حتى عام 2009، وكان الجيش، بحلول ذلك الوقت، قد استعاد قوته في مناطق النفوذ وبدأ يفرض سلطته على عملية صنع القرار في البلاد.
نتيجةً لذلك، تأخذ زيارة زرداري قبل أيام إلى الصين أهمية خاصة. وكان من الملاحظ أن الرئيس لم يستشر مبعوثه الموالي للولايات المتحدة في واشنطن، حسين حقاني، الذي كان ينصح زرداري باستمرار بالبقاء على مسافة من بكين. لكن بدل ذلك، عقد الرئيس، يوم الاثنين، اجتماعاً مطولاً مع رئيس أركان الجيش، الجنرال أشفق برويز كياني.
حضر زرداري الحفل الافتتاحي للدورة السادسة عشرة من الألعاب الآسيوية في قوانغتشو، كما أنه التقى نظيره هو جينتاو وكبار المسؤولين.
ظاهرياً، يناقش القائدان الخطة التي تعارضها واشنطن وتقضي بإنشاء خامس مفاعل نووي تبنيه الصين في باكستان، لكن التركيز الضمني يتمحور فعلياً حول اتخاذ خطوات جديدة على ساحة جنوب آسيا.
في هذا الإطار، قال أحد كبار الخبراء الاستراتيجيين في باكستان لموقع ‘آسيا تايمز أونلاين’، شرط عدم الكشف عن هويته: ‘هذه الفترة تشهد تردداً استراتيجياً، وعلى الرغم من التحالف الاستراتيجي القائم بين الولايات المتحدة وباكستان، كشفت الزيارة الأخيرة للرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الهند، بهدف تعزيز الاقتصاد الأميركي، عن الشكل الذي ستتخذه الروابط الاقتصادية والاستراتيجية بين الهند والولايات المتحدة مستقبلاً: في الأوقات الحاسمة، سيقف الأميركيون مع الهند، وليس مع باكستان‘.
لا يعني ذلك أن باكستان التي تخضع لسيطرة المؤسسة العسكرية ستقع فوراً بين أحضان الصين وتتخلى عن الولايات المتحدة، ولكنها تفكر حتماً بتعديل اصطفافها السياسي الراهن‘.
وأضاف الخبير الاستراتيجي قائلاً: ‘في حين قدمت الولايات المتحدة جميع أنواع المساعدات المالية والاقتصادية إلى باكستان مقابل خدماتها في تأمين ممر إلى أفغانستان لمصلحة قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومقابل محاربة المقاتلين في المناطق القبلية، لم تقدم الولايات المتحدة الدعم اللازم لباكستان في الصراعات الإقليمية مع الهند‘.
لقد تدخلت الولايات المتحدة للمساعدة في حل الخلافات القائمة بين الهند وباكستان، لكن تبين في نهاية المطاف أن الصيَغ التي أعدتها واشنطن كانت تهدف إلى تهيئة بيئة مناسبة للحوار وإقامة علاقات تجارية من دون تقديم أي حل فعلي للنزاع في كشمير‘.
وتابع الخبير قائلاً: ‘كان الهدف [للولايات المتحدة] يقتصر على استئناف التعامل التجاري بين باكستان والهند، الأمر الذي سيمنح الأميركيين ممراً من الهند إلى أفغانستان، وفي النهاية كان الأميركيون يترقبون أيضاً أن يؤدي إعفاء الهند إلى دخولها، جغرافياً، المحور الاستراتيجي الأميركي في جنوب آسيا وإلى تسهيل دور الهند لتصبح شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة في أفغانستان وصولاً إلى آسيا الوسطى’. عالم متغير
بين شهر يناير وحتى 5 نوفمبر من هذا العام، وقع 15 هجوماً عسكرياً كبيراً في باكستان، في تراجعٍ قياسي عن 209 حوادث سجلت في الفترة عينها من السنة السابقة. وفقاً للصحافة الكندية، يشير تسلسل الأحداث إلى أن النصف الأول من السنة طُبع بنشوء حركة تمرد ضد الدولة، كما كانت الحال في السنوات السابقة. لكن تغيرت حدة الهجمات وأشكال الصراع بشكل واضح بعد شهر سبتمبر.
منذ ذلك الوقت، وقع هجومان كبيران لا أكثر، وقد شملا تفجيرات انتحارية ضد مسجد سنّي في منطقة دارا آدم خيل، شمال غرب باكستان، في 5 نوفمبر، وقد قُتل في التفجير 67 شخصاً على الأقل خلال صلاة الجمعة. كذلك، وقع تفجير انتحاري آخر من تنفيذ ‘طالبان’ استهدف موكباً شيعياً، ما أسفر عن مقتل 65 شخصاً في جنوب غرب مدينة كيتا، في الأول من سبتمبر، إلى جانب حادثين آخرين استهدفا مقامين دينيين في كراتشي وباكباتان.

تشير هذه المعطيات إلى أن أعمال العنف اتخذت منذ شهر سبتمبر منحىً طائفياً، أو أنها تركزت على النزاعات القبلية. لقد توقفت عملياً الهجمات التي تنفذها ‘طالبان’ و’القاعدة’ اللتان نشرتا الفوضى في باكستان، في عام 2009.
لقد تابعت ‘آسيا تايمز أونلاين’ تطور مبادرات وقف إطلاق النار بين باكستان والمقاتلين، وتمت تلك المبادرات مع الجماعات الرئيسة المختلفة، ولم يبقَ اليوم إلا جماعات ثانوية مثل ‘عسكر جنغوي’ التي تتابع شن الهجمات، وحتى هذه الجماعات هي مذهبية بطبيعتها.
على صعيدٍ آخر، ارتفع عدد الهجمات التي تستهدف قوافل المساعدات في باكستان، والتي يرسلها حلف ‘الناتو’ إلى أفغانستان، بشكل ملحوظ إلى حد أنها أصبحت شبه يومية.
لقد وصل ‘التفاهم’ بين المقاتلين والقوى الأمنية إلى مرحلة دفعت المقاتلين إلى التعهد بإطلاق سراح جميع السجناء المهمين من دون المطالبة بثمن مرتفع في المقابل. ويشمل هؤلاء السجناء المسؤول السابق في جهاز الاستخبارت الداخلية، الكولونيل المتقاعد أمير سلطان إلياس إمام (المعروف بلقب ‘أب طالبان’)، وأمير مالك، صهر الرئيس السابق للجنة التابعة لهيئة الأركان المشتركة، الجنرال المتقاعد طارق ماجد.
خلال الحوار الاستراتيجي الأخير الذي عُقد بين باكستان والولايات المتحدة في واشنطن، طُلب من إسلام أباد مباشرةً طرح خطة عمل شاملة ضد شبكة حقاني النافذة في المنطقة القبلية في شمال وزيرستان. تُعتبر هذه الشبكة عاملاً أساسياً في نشوء حركة التمرد بقيادة ‘طالبان’ على طول الحدود في أفغانستان.
لكن يؤمن قائد الجيش كياني بشدة بمنطق الحوار مع تلك الشبكة ويعتبره ضمانة لتحقيق السلام مستقبلاً. لقد بذل الأميركيون كل ما بوسعهم للتواصل مع جلال الدين حقاني وأبنائه سراج الدين ونصر الدين، ومع حركة ‘طالبان’، لكن سرعان ما انهارت مساعيهم الهادفة إلى إطلاق المحادثات. هذا ما أكده بعض السعوديين ومسؤولون آخرون كانوا جزءاً من عملية التفاوض. وكان موقع ‘آسيا تايمز أونلاين’ أول من نشر خبر فشل تلك المساعي.
لاتزال واشنطن تضغط على باكستان لتعزيز العمليات في شمال وزيرستان، حتى أنها مستعدة لفرض العقوبات عند الاقتضاء، وقد يتم ذلك عن طريق المؤسسات الدولية التي تملك فيها الولايات المتحدة نفوذاً كبيراً مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وبنك التنمية الآسيوي، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
في الآونة الأخيرة، حذر مساعد مدير صندوق النقد الدولي في فرع الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، عدنان مازاري، من أن باكستان ستواجه عجزاً في تسديد متوجباتها في حال أوقفت هذه الهيئات خطوط ائتمانها إلى باكستان. كذلك، يحذر صندوق النقد الدولي الآن من احتمال إيقاف المساعدات في حال لم تنفذ باكستان ‘خطة موثوقة ودائمة لتطبيق الإصلاحات في قطاع الطاقة’.الصين مرادفة لعالم الأعمال.
و نشرت صحيفة ‘ديلي دون’ الباكستانية خبراً مفاده أن باكستان وضعت جانباً جميع العروض الدولية التنافسية لإنشاء مصانع طاقة في البلاد وقررت التعاقد، من دون درس عروض أخرى، مع شركة صينية لبناء محطة هيدروليكية لتوليد الطاقة من المصادر المائية بقوة 1100 ميغاواط في الجانب الباكستاني من إقليم كشمير، بتكلفة تصل إلى 2.2 مليار دولار أميركي تقريباً.
سيعمل ما يقارب 10 آلاف عامل صيني في 120 مشروعاً في باكستان، وقد وصلت قيمة مجموع الاستثمارات الصينية- التي تشمل صناعات هندسية ثقيلة، وتوليد الطاقة، وأعمال تعدين، واتصالات سلكية ولاسلكية- إلى 15 مليار دولار في نهاية هذا العام، بعد أن كانت 4 ملايين دولار في عام 2007.
يُعتبر مشروع الميناء الكبير في القاعدة البحرية في جوادر، إقليم بلوشستان، أحد أهم المشاريع التنموية المشتركة في السنوات الأخيرة، ويوفر المشروع، الذي افتُتح في ديسمبر 2008 وبدأ العمل به الآن بشكلٍ كامل، ميناءً في عمق البحر ومستودعات ومنشآت صناعية لأكثر من 20 بلداً.وفرت الصين من جهتها معظم المساعدات التقنية و80% من التمويل لبناء الميناء، مقابل تأمين معظم اليد العاملة والرأسمال، ستكسب الصين منافع استراتيجية تتمثل بإمكان الوصول إلى الخليج الفارسي، إذ تقع الميناء على بُعد 180 ميلاً بحرياً عن مضيق هرمز الذي تُشحَن عبره 40% من كميات النفط المنقولة عالمياً.سيساهم هذا المشروع في تمكين الصين من تنويع وتأمين ممرات لاستيراد النفط الخام وإعطاء مقاطعة شينغيانغ غير الساحلية والغنية بالنفط والغاز الطبيعي حرية الوصول إلى البحر العربي. مع سيطرة الصين رسمياً على العمليات الحاصلة في ميناء جوادر، فهي ستكسب، إلى جانب باكستان، تفوقاً إقليمياً واستراتيجياً مهماً.لقد واجه تحالف المصلحة الذي قام بين باكستان والولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، تزامناً مع غزو أفغانستان بقيادة الولايات المتحدة وشن ‘الحرب على الإرهاب’، أوقاتاً عصيبة.
تشير بعض المصادر المطلعة في الأوساط الاستراتيجية الباكستانية إلى تراجع، أو حتى توقف، المساعدات الأميركية خلال النصف الثاني من العام المقبل، غداة بدء انسحاب القوات العسكرية الأميركية من أفغانستان، بينما ستزدهر العلاقات الأميركية الهندية في المقابل. تريد باكستان أن تكون مستعدة لمواجهة هذه المستجدات، وها هي تستعمل الصين كعامل احتياطي. آسيا تايمز 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 2 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube