https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

أماكو ساتوشي

.

بعد أن وضعت معركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية أوزارها أخيرًا بعد كل الاضطرابات التي أثارتها، سنحت الفرصة للتفكير في العلاقات الأمريكية الصينية من منظور جديد. ولكن التغيير ليس بهذه السهولة. فقد اتضح أن العلاقات بين البلدين قد تأزمت بشكل كبير وزادت حدتها منذ عام 2018. خاصة على مستوى الصراع التجاري وصناعة المعلومات ذات التكنولوجيا المتطورة. الإضافة إلى ذلك، تمت الإشارة إلى عدد كبير من الديون المعدومة وركود في الشركات الخاصة في الصين.

تسارع الركود الاقتصادي بسبب انتشار عدوى فيروس كورونا التي بدأت في نهاية عام 2019، وبدا الاقتصاد العالمي المرتكز على الصين وقد دخل في حارة مسدودة. من ناحية أخرى، لوحظ تحركان مع بلوغ شهر أبريل/ نيسان 2020، حيث اكتنف العلاقات الأمريكية الصينية والأوضاع العالمية الغموض مرة أخرى. أولاً، انتشار عدوى كورونا على مستوى العالم بأسره، وتعرضت الولايات المتحدة على وجه الخصوص لضربة قاسية. وثانيًا، عودة وتيرة الإنتاج في الصين وإنعاش الاقتصاد مع نهاية شهر مايو/ أيار بعد تجاوز ذروة الجائحة في الصين، ثم بدايتها في مجهودات دعم دول العالم الأخرى بشكل نشيط، بينما كانت هذه الدول تعاني من أضرار كورونا.

وبالنظر إلى النقطة الأولى، ففي شهر أبريل/ نيسان أصيب حوالي 3 مليون إنسان حول العالم بعدوى كورونا، بينما بلغ عدد الوفيات 200 ألف شخص، وكان حوالي ثلث هذا العدد من الإصابات، أي مليون شخص مصابًا في الولايات المتحدة وحدها. ولم تتراجع وتيرة الإصابات، فبلغت الأعداد 79.45 مليون مصاب و1.74 مليون وفاة حول العالم ببلوغ نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول، بينما كان عدد المصابين في الولايات المتحدة 18.65 مليون شخص (استمرار لوتيرة الزيادة اليومية بمقدار 200 ألف شخص)، كما وصل عدد الوفيات بالبلد إلى 330 ألف شخص. لذا يعتقد أنه حتى مع الاتجاه للسيطرة على الأزمة، فمن المتوقع أن يحتاج الاقتصاد الأمريكي بعض الوقت لاستعادة حيويته.

التعافي السريع للاقتصاد الصيني

وفي المقابل، تسببت ”الاستجابة الأولية“ المتأخرة للصين في الفترة بين ديسمبر/ كانون الأول من عام 2019 ويناير/ كانون الثاني من العام 2020، في انتشار واسع لعدوى كورونا داخل البلد نفسها وفي العالم أجمع. ولكن بعد ذلك تطورت التدابير بطريقة سريعة، حتى أن تشييد مستشفى لمواجهة الفيروس في ووهان قد اكتمل خلال أسبوع واحد فقط، حتى أعلنت نجاحها في السيطرة على الأمور بحلول شهر مارس/ آذار. وبينما كانت الولايات المتحدة منشغلة بقضايا داخلية بين شهري مارس/ آذار وأبريل/ نيسان، مضت الصين ليس فقط نحو إعادة بناء اقتصادها، ولكن توسعت في نشاط حثيث في تقديم المساعدات من أجل حل أزمة كورونا على المستوى الدولي، كما ذهبت حتى الدعاية الدولية لمزايا ”النموذج الصيني“ في التغلب على كورونا.

واتضحت نية الصين في الريادة ببسط نفوذها على العالم، ارتكازًا على أفكار استراتيجية، تزامنًا مع إنعاش العديد من المجالات بعد السيطرة على جائحة كورونا. بل تسارعت جهود تحفيز الاقتصاد بناء على تعليمات قوية من القيادة في مناطق صناعات التكنولوجيا المتقدمة من شينزين حتى غوانزو.

وبالنظر إلى إنعاش الاقتصاد الصيني، فقد سجل إجمالي الناتج المحلي GDP لأول مرة هبوطًا بنسبة 6.8% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وفقًا لإحصائيات الفترة بين شهري يناير/ كانون الثاني ومارس/ آذار عام 2020. ولكن استعيدت مستويات ما قبل كورونا في الفترة بين شهري أبريل/ نيسان ويونيو/ حزيران، حتى أن الفترة التالية بين يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول قد شهدت زيادة بنسبة 4.9% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. ويعود ذلك بالأساس إلى فعالية الاستثمار في البنية التحتية الذي تقوده الحكومة. وشهدت توقعات البنك الدولي للاقتصاد العالمي في 8 يونيو/ حزيران، تقديرات بمعدل النمو الاقتصادي للصين بنسبة +1%عام 2020 وبنسبة 6.9% في عام 2021.

وهكذا تحول تباطؤ الاقتصاد الحاد في النصف الأول من العام 2020، إلى التعافي. وبمقارنة ذلك بالانخفاض في كل دول العالم وخاصة في الدول الأوروبية، يبدو الأمر كما لو كانت الصين ”رابحًا وحيدًا“. ولكن حتى مع رجوع الإنتاج لمستوياته السابقة، ستصل الحاجة لمنتجات التصدير الصينية تشهد انخفاضًا حادًا مع ركود اقتصاديات الدول المستقبلة لهذه المنتجات بسبب أزمة كورونا.

نموذج تقدم جديد يقوم على ”الدورة المزدوجة“

وكانت القيادة الصينية قد انتبهت بالفعل مبكرًا إلى هذه المشكلة. ففي اجتماع المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الحاكم يوم 27 مارس/ آذار، وأكد الأمين العام للجنة شي جين بينغ، مرارًا على السعي الحثيث لـ ”توسيع الطلب المحلي“. ويمكن استنتاج هذا كتصحيح جاري لسياسية تحفيز النمو الاقتصادي عن طريق التوسع في التصدير. وعلى مستوى الطلب الداخلي، تعافت مؤشرات الاستهلاك الفردي التي كانت تظهر الاتجاه الهبوطي المتواصل بوصول التراجع في مبيعات التجزئة حتى -7.5% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي في أبريل/ نيسان، فتم تحقيق تراجع في نسبة الهبوط بـ8.3 نقطة مقارنة بشهر مارس/ آذار.

ثم أعلن شي في اجتماع اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، في 14 مايو/ أيار، عن ”تأسيس نموذج جديد للتطور يقوم على التحفيز المتبادل بين كل من الدورة العامة لداخل وخارج البلاد، عن طريق الاستفادة من مزايا الطلب الداخلي للصين والذي تكون لديه إمكانية كبيرة للتوسع بشكل كافي“. بل وأوضح ”نستهدف نموذج يحفز دورة مزدوجة داخليًا وخارجيًا تعتمد بالأساس على الدورة الكبرى داخليًا“.

ويعني مصطلح ”الدورة المزدوجة“، أولًا استهداف التوسع في الطلب الداخلي، والتوسع في الاستهلاك بشكل يقوم بالأساس على الدورة الكبرى داخل البلاد، وثانيًا العمل على تقوية وتوسيع شبكة الإمداد العالمية للخروج من أوضاع ركود الإنتاج في قطاعات المحطات الأساسية لشبكات الجيل الخامس وأشباه الموصلات، وكذلك استخدام اليوان الصيني الرقمي في المدفوعات التجارية، والتركيز على تحويل العملة الصينية إلى مستوى عالمي. وثالثًا، إعادة تأسيس استراتيجية نمو تقوم على المضي قدمًا في التواصل مع العالم في تحفيز الصادرات، جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير الموارد البشرية اللازمة.

ويبدو أن الصين قد بدأت في التوسع بثبات في الاستراتيجية الجديدة بعد كورونا. وفي المقابل، مؤخرًا هدأ التخبط طويل المدى الذي صاحب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، لتبدأ قيادة الرئيس الجديد بايدن في العمل من يناير/ كانون الثاني عام 2021. ولكن على الرغم من ذلك، لا يمكن إنكار تأخر الولايات المتحدة بشكل كبير وراء الصين في إنعاش الاقتصاد، لكونها البلد الأكثر تضررًا على مستوى العالم من جائحة كورونا.

انطباع عالمي غير طيب

ولكن لا يمكن التسرع في الاعتقاد بالتحول من عصر التفوق الأمريكي إلى التفوق الصيني. فقد رفعت الولايات المتحدة التي بدأت تشعر بشكل كبير بأزمة التهديد الصيني، من ميزانيتها للدفاع إلى 740.05 بليون دولار (حوالي 77 تريليون ين) في ميزانية العام المالي 2021 (أكتوبر/ تشرين الأول 2020 حتى سبتمبر/ أيلول 2021)، بالإضافة إلى فك الاقتران بصناعات التكنولوجيا  الصينية المتقدمة. وبالمناسبة، بلغت ميزانية الدفاع للعام المالي 2020 في الصين، حوالي 178.1 بليون دولار، فيما يوضح أن الفرق بين البلدين في هذا المجال لازال كبيرًا. كما رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي من توقعاته للنمو خلال عام 2021، في ديسمبر/ كانون الأول 2020، إلى 4.2% عن التوقعات السابقة في سبتمبر/ أيلول، فيما يعد توقعًا بتعافي مبكر نسبيًا، ويشير إلى الطاقة الاقتصادية الكامنة بالولايات المتحدة.

كما يجب إدراك حقيقة وجود حاجز كبير في علاقة الصين بباقي دول العالم.

فتعد الصين مصدر هذه الجائحة، وساهمت حركات الأفراد والبضائع الصينية بشكل كبير في نشرها على نطاق عالمي. من المحتمل أن تتنامى الريبة حاليا إزاء الصين خاصة لدى كل من إيطاليا، إسبانيا، بريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية التي رحبت بإيجابية في السابق بالاستثمارات الصينية وشاركت في مبادرة ”الحزام والطريق“ الصينية. ومن المؤكد أنه ومع السيطرة على الأوضاع، فمهما قامت الصين بتقديم الدعم، سيبقى شعورًا كبيرًا بالقلق لدى هذه الدول من الاعتماد على الصين في إنعاش اقتصاداتها. كما يعتقد بأنه سيتم كبح جماح الاعتماد على التقنيات المتقدمة الصينية المتمثلة في منتجات شركة هواوي وغيرها.

عالم من دون دولة قائدة

من المفترض أن تقوم الدولتان الكبيرتان بالتعاون والتكامل في مواجهة الأزمات العالمية، ولكن الواقع قامتا بتشديد الارتياب في الآخر أكثر وتبادل الانتقاد فقط. وفي مقابل الآراء المترقبة لدخول العلاقات الأمريكية الصينية منحى جديد مع تولي الرئيس الجديد بايدن زمام الأمور، يتواصل الصراع حول منظمة الصحة العالمية.

كرر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس في بداية الجائحة تصريحاته التي تراعي الصين، وانتقد الرئيس ترامب ذلك، حتى أعلن وقف المساهمات المالية المقدمة من الولايات المتحدة للمنظمة. ورد تيدروس على ذلك والأمر أدى إلى تخبط منظومة القيادة العالمية بشكل كامل. كما تعرضت علاقات المنظمة والصين مؤخرًا، لاضطرابات حول زيارة وفد المنظمة للصين.

ويبدو العالم متجهًا نحو فوضى شاملة، بالنظر إلى توسع الجائحة في إفريقيا والشرق الأوسط بالإضافة إلى الاضطراب الكبير في أوروبا والولايات المتحدة. ويتنبأ عالم الشؤون السياسية الأمريكي، آيان بريمر بدخول المجتمع الدولي خلال بعض سنوات فيما يسمى بـ ”عصر بلا دولة قائدة“، ويمكننا القول إننا بالفعل في عصر غياب الدول القائدة.

طول أمد الصراع حول الهيمنة

في ظل الأزمة المالية التي هزت العالم، صرح عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني وقتها، لي تشانغ تشون، ديسمبر/ كانون الأول عام 2008، ”يتحدد النفوذ بحسب القدرة على التواصل. فتسود ثقافة ومبادئ الدولة ذات القدرات العالية على التواصل، وتستطيع استعراض هذا النفوذ.“ فيما يعرف بالنموذج الصيني. ومن وقتها تطورت الحرب المعلوماتية العنيفة بين الولايات المتحدة والصين والتي تشهد أعمال مخابراتية وهجمات سيبرانية ضمن أعمال أخرى. وأظهرت الولايات المتحدة حذرًا كبيرًا إزاء الخطة ” 2025“، ودبرت ضربات عنيفة لشركات مثل هواوي وتينسنت وغيرها. كما اشتد وطيس حرب المعلومات أكثر مع أزمة كورونا الجارية، حتى أنه يقال إن المخابرات الأمريكية كان لديها تقارير تفصيلية حول قضية كورونا بالفعل في نهاية عام 2019. (وفقًا لجريدة أساهي تاريخ 12 أبريل/ نيسان عام 2020).

ولا شك أنه لفترة من الزمن سيستمر التدهور الاقتصادي العالمي. وبينما يعتقد أن كل دولة ستحتاج ليد العون أكثر من ذي قبل، إلا أن المزيد من الدول ستنظر بعين الريبة أكثر إلى المساعدات ”الصينية كما كانت حتى الآن“. وفي المقابل ليس من الممكن أن يمضي إنعاش الاقتصاد بشكل يعتمد تمامًا على الولايات المتحدة.

خاصة في ظل أزمة كورونا الجارية ، توقف استيراد المواد الخام والسلع الوسيطة من الصين. وربما يصعب تصور مستقبل قطاعات التصنيع باليابان الذي يعتمد بشكل كبير على تصدير المنتج النهائي، من دون الصين. بل إن قطاع السياحة المعلق عليه آمال كبيرة كقطاع واعد في المستقبل، يتلقى ضربة كبيرة بغياب السياح الصينيين.

ومن الممكن أن يعيد الطرفان مرة أخرى بناء علاقات تناغم نسبي. فعلى الرغم من كل شيء يبقى يمثل البلدان نسبة حوالي 40% من الناتج الإجمالي المحلي للعالم، ويمثل كل منهما للآخر أكبر شريك تجاري. ولكن يظل من غير الممكن تأسيس علاقة على مستوى ”علاقات جديدة مبتكرة بين الدول الكبرى في القرن الواحد والعشرين“ كما قال شي جين بينغ في عام 2013.

وقد تواصل الصين تحديها للولايات المتحدة ممتلكة عزيمة قوية. وكان شين قد انتقد بشدة في خطبة ألقاها في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020، بمناسبة الذكرى 70 لمشاركة بلاده في الحرب الكورية، ”لن تفلح طريقة الولايات المتحدة في فرض الضغط الشديد“.

ومن ناحية أخرى، وكما يبدو في تأكيد عالم الشؤون السياسية الأمريكي، غراهام أليسون على تشابه العلاقات الأمريكية الصينية مع ”فخ ثوسيديديس“، هناك حذر كبير لدى الولايات المتحدة من الصين كمنافس، فستحاول بأقصى ما تستطيع للحفاظ على المكانة التي أسستها أمريكا كدولة قائدة للعالم. ومن المحتمل أن تتضح أكثر معالم ذلك الصراع ليس فقط من الناحية الاقتصادية، بل أيضًا في الأمن القومي العسكري وحتى في المنظومة السياسية. إن كان من الممكن التنبؤ بالأمر، فمن المحتمل أن يتواصل هذا الوضع لمدة 20 أو 30 سنة من الآن فصاعدًا.

دور اليابان: ”دولة ضرورية“ ترفض الحرب الباردة الجديدة

وبينما تتصارع الدولتان العظميان على الهيمنة، ماذا يجب على اليابان فعله؟ توجد ضرورة بمحاولة اليابان اتخاذ خطوات ملموسة بالتوازي مع متابعة التغيرات التي تطرأ عن كثب، فهذا ليس أمرا بسيطا له حل واحد فقط. ففي البداية يجب التأكد من النقاط التالية.

أولًا، ليس السؤال حول أي جانب يجب مناصرته في هذا الصراع، إذ أنه في حالة السقوط في وضع يتعذر معه أي حل سوى اللجوء للعلاج بالصدمة بما فيها القيام بأعمال عسكرية، فإن العالم بأسره سيتلقى ضربة موجعة لم يختبر مثلها من قبل. فبالإضافة إلى المشاكل الحالية التي تؤرق المجتمع الدولي بما فيها التغير المناخي وغيرها من الكوارث الطبيعية الضخمة، وجائحة العدوى ، فقد يتحول الأمر إلى الأزمة الأكبر على الإطلاق في تاريخ البشرية. ومن المؤكد أن كل من الولايات المتحدة والصين تدركان ذلك، لذا من المتوقع أن تواجها بعضهما البعض بقدر من ضبط النفس على رغم من الصراع.

ثانيًا، يتنافس كل من الولايات المتحدة والصين بندية للحصول على مكانة السيادة على المجالات الاقتصادية، العسكرية، الثقافية والإيدلوجية، ويعتقد أنه في حالة إقرار كل منهما بأهمية الآخر، بالحاجة إلى التعاون، ستقومان به بلا تردد ومثال على ذلك، هو التعاون في إطار الحرب على الإرهاب الدولي، أو في إطار المجهودات لإصلاح الدمار البيئي والتلوث. ومن المؤكد أن كل منهما لديه ارتياب في الآخر، وشعور قوي بعدم الارتياح، إلا أن الحرب الباردة الجديدة بين الصين والولايات المتحدة لم تتشكل بعد.

واستنادًا على هذه الفرضية، يجب على اليابان أن توقف تشكل هذه الحرب الباردة الجديدة، وإرساء مفاهيم جديدة للتعاون الدولي، وخلق منظومة جديدة للتعايش السلمي بين دول آسيا والمحيط الهادي ينخرط بها في النهاية كل من الولايات المتحدة والصين. وكما سبق القول، أن الصراع بين الولايات المتحدة والصين آخذًا في الاحتدام. ويجب علينا أيضًا الاهتمام بأولوية ضمان أمن بلدنا. سيتعرض هذا الواقع ومحتوى هذه الأهداف المثالية المذكورة لتوتر شديد بتكرار. ولكن مع إرساء أهداف وتدابير قوية، إن لم يكن هناك اعتقاد بالقدرة على تحقيقها، فسيكون هناك مخاطر بفقد مكانتنا والوقوع في مهب رياح الصراع بين الولايات المتحدة والصين. وأمر آخر يجب التأكد منه أنه لن يؤدي الصراع بين الولايات المتحدة والصين إلى أوضاع درامية مثل تدمير أحدهما الكامل.

والهدف المهم هنا، هو أولًا، امتلاك اليابان للقدر الأدنى من القوى للحفاظ على استقلالها. وثانيًا عدم التردد في العمل على أن نكون دولة مهمة للدول الأخرى بالمجتمع الدولي بطريقة أو بأخرى. ومن الضروري أن تحافظ اليابان على علاقات التحالف مع الولايات المتحدة من أجل أمنها القومي، فيجب عليها كذلك تجهيز كل الموارد اللازمة ماليًا، وتقنيًا وبشريًا. وفي المقابل، يجب اكتساب القوى لمواجهة المتطلبات التقنية من أجل تطور الاقتصاد والمجتمع في إطار العلاقات مع الصين. ومن المتوقع أن يستمر الاعتماد على اليابان في السلع الوسيطة عالية التقنية، والتقنيات الطبية، وتقنيات دعم كبار السن. كما تعقد دول جنوب شرق آسيا ودول القوى الوسطية، آمالًا على لعب اليابان دور القيادة التي تجمع القوى الوسيطة في إرساء أطر التطوير الاقتصادي ونظم السلم الجديدة ، بالإضافة إلى توفير التقنيات والأموال اللازمة لتطوير الاقتصاد. إذن فيبدو أنه من الضروري المضي قدمًا نحو تحرك ملموس للتحضير لجمع القوى الوسيطة مبكرًا طالما اقتضت الحاجة. وبالمواجهة الجادة لتلك النقاط، وإن أصبح من الممكن حصد نتائج هذه التحركات، لن تجد اليابان نفسها أبدًا بين المطرقة والسندان، بل ستتمكن من الارتقاء بدورها في هذه القضية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − 11 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube