https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

عندما يصف الزوار الأجانب الثقافة الأميركية فإنهم يستقرون عموما على نسخمختلفة لسمة واحدة: الطاقة. وسواء كانت دوافعهم متبلدة أو روحية فهم يتفقونعلى أن الأميركيين يعملون بصورة أكثر اهتياجا ويتحركون أكثر ويغيرونالوظائف أكثر من أي شخص آخر في العالم. لكن ذلك يتغير. فخلال السنوات الستين الماضية على سبيل المثال أصبحالأميركيون أقل حركة. ففي عام 1950 انتقل 20 في المائة من الأميركيين. والآن نحو 12 في المائة. أما في ما يتعلق بالحركة الجغرافية فإننا نشهدانخفاضا تاريخيا حاليا، بمعدل لا يفوق تنقل الناس في الدنمارك أو فنلندا. لماذا يحدث ذلك؟ تقدم بضع نظريات شرحا جزئيا لكنه جزئي فقط. صحيح أننا أمةعجوز، وأن كبار السن يميلون إلى قلة التنقل، لكن شبان اليوم هم أقل تنقلامن الشبان في الأجيال السابقة. فبين عامي 1980 و2000 انخفض التنقل بينالشباب بنسبة 41 في المائة. لكن وكما أشار تيموثي نوح في مقاله في «واشنطن الشهرية» فإن التنقل بينالمستأجرين انخفض بذات حدة انخفاضه بين الملاك. وصحيح كذلك أن أسواق العملأضحت أكثر تماثلا، لكن كانت الوظائف في بيتسبيرغ تختلف عنها في أتلانتامثلا، لكنها الآن متشابهة إلى حد كبير، ولذلك لم يعد هناك سبب كاف للانتقالمن مدينة إلى أخرى. لكن حتى ذلك لا يشرح الانخفاض الهائل عبر العقود. لا، عامل كبير هنا هو فقدان الثقة بالنفس. يحتاج التقدم إلى إيمان. أنتتعرض نفسك إلى تكلفة مؤقتة وصعوبة لأنك مؤمن بأنك ستتقدم على المدى البعيد. ولدى الكثير من الناس الذين يتمتعون بتعليم عال ويتنقلون بأعداد كبيرة ذلكالإيمان بعيد المدى، بينما لا يكون ذلك عادة لدى من هم أقل تعليما. أحد المظاهر الغريبة للتنقل هو أن الناس لا ينتقلون إلى المناطق التي بهابطالة أقل ودخول أكبر. لكنهم ينتقلون بدلا عن ذلك إلى المناطق الأقل دخلاالتي يكون فيها السكن أرخص. أي أنه من الأقل احتمالا أن يتحملوا الصعوبةالمؤقتة للسكن من أجل الفرصة المستقبلية. ومن المحتمل أكثر أن ينتقلوا إلىالأماكن التي توفر الراحة الفورية حتى وإن كانت الفرص على المدى البعيدأقل. إن فقدان الثقة بالنفس واضح في نواح أخرى من الحياة. فقد يعد معدل الخصوبةمؤشرا جيدا على الثقة وهو في انخفاض. وحتى بالنسبة للتغيرات الدورية فإنالناس أقل احتمالا لترك وظائفهم طواعية بحثا عن وظيفة أفضل. ولا يعتقد سوى 46 في المائة فقط من الأميركيين البيض أن لديهم فرصة لتحسين مستوى معيشتهم،التي هي الأقل في تاريخ المسح الاجتماعي العام. كتب بيتر باينارت مقالا رائعا في «ناشيونال جورنال» يقول فيه إن الأميركييناعتادوا على أن يكون لهم إيمان أكثر بالرأسمالية والمجتمع الخالي منالطبقات ودور أميركا في العالم والدين المنظم أكثر من الناس في أوروبا. لكنالأساليب الأميركية تماثل حاليا تلك الأوروبية. وعندما تنظر فقط إلىالشبان فإن الاستثناء الأميركي قد اختفى. كذلك يعتقد 50 في المائة من الأميركيين فوق 65 سنة أن أميركا في موقع فوقجميع الدول باعتبارها الأمة الأعظم على الأرض. ويعتقد 27 في المائة فقط منالأميركيين الذين تبلغ أعمارهم ما بين 18 و29 سنة ذلك. وحتى 2003 كانالأميركيون وكذلك الإيطاليون والبريطانيون والألمان يقولون «إن اقتصادالسوق الحر هو أفضل نظام يؤسس عليه مستقبل العالم». وبحلول عام 2010 أصبحواأقل احتمالا بعض الشيء لتقبل الرأسمالية مقارنة بالأوروبيين. قبل ثلاثين سنة كانت الغالبية العظمى من الأميركيين تُصنف بوصفها من الطبقةالمتوسطة. لكن منذ عام 1988 تضاعفت نسبة من يصفون أنفسهم بأنهم ليسوا منطبقة معينة. واليوم من الوارد أكثر أن يعتقد الشباب أن النجاح هو ضرب منالحظ وليس الجهد، مقارنة بما سبقهم من أجيال. هذه الرؤى المتشائمة تذكر بمفهوم ظل يحوم حول أوروبا: طبقة البريكارياتية. وبحسب الأكاديمي البريطاني غاي ستاندنغ فإن هذه الطبقة من البروليتارياالتي لا أمان لها ولا مستقبل واضحا، من الناس الذين يعيشون على عمل قصيرالمدى ولبعض الوقت مع مستويات معيشة بريكارياتية ودون تطور مهني، تتزايد. فهم يعيشون في أشكال متعددة من القلق، ومن المحتمل أن ينضموا إلى حركاتالاحتجاج عبر الطيف السياسي. تبدو طبقة البريكارياتية الأميركية أكثر ركوعا وقلقا وتجنبا للمخاطرة،وتعتمد على الأصدقاء والعائلة، لكن دون إيمان بالمسؤوليات الأميركية. هذهالفكرة لا تتناسب مع الخواص الأميركية تاريخيا. لن يؤدي رد أحد إلى قلبالاتجاه، ولكن مايكل سترين من المعهد الأميركي للأعمال يعتقد أنه يجب علىالحكومة أن تمنح كوبونات للتنقل لمن ظلوا دون وظائف لفترة طويلة حتىيتمكنوا من البحث عن الفرص. إن استطعنا تحفيز المزيد من الناس ليتجهواغربا! (أو جنوبا أو شمالا) بحثا عن الفرص فقد يتغير الضبط القديم للعقلالموجه نحو المستقبل.

نيويورك تايمز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + 1 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube