كتب محمد خير الوادي :
بعد النجاحات الكبيرة التي حققها مشروع طريق “الحرير والحزام الصيني” الذي اطلقه الرئيس شي جينبينغ عام 2013، بدأت الدول الاخرى المنافسة تطلق مشروعاتها الخاصة للتصدي للصين واحتواء توسعها الاقتصادي والتجاري في العالم .
ومن اجل ذلك ، عمدت كل من الهند واليابان الى تأسيس مبادرتهما الخاصة التجارية على مستوى القارة الآسيوية .وقد تم الاتفاق عام 2017 بين الدولتين على انشاء ما يسمى ” ممر النمو ألآاسيوي “، حيث رصدت اليابان عشرات المليارات من الدولارات للقيام بمشروعات منافسة للصين في كل من القارتين الآسيوية والافريقية ، على ان تنفذها شركات هندية . ولا بد من الاشارة الى ان المشروع الهندى اليابانى يعمل كطريقٍ تجارى وجيوسياسى على نمط المشروع الصينى”طريق واحد – حزام واحد”، ولكنَّه مشروع ثنائى، والهدف منه- هو إنشاء شبكة تجارية تربط شبه القارة الهندية بالقارة الإفريقية ومواردها،وضمان امن الملاحة في بحر الصين الجنوبي ، والتي تسعى بكين للهيمنة عليه .
وتتحدث الانباء الآن عن اتفاق مماثل يجري الاعداد له بين الاتحاد الاوربي والهند ،هدفه كذلك التصدي لمشروع طريق الحرير والحزام الصيني.ووفق ما ذُكر ، فان الاتحاد الأوروبي والهند يجريان محادثات لبناء مشروعات مشتركة في البنية التحتية حول العالم.وسيمول الاتحاد الاوربي تلك المشروعات على ان تقوم شركات هندية بتنفيذها . والشيء الظاهر في هذه المبادرة الجديدة ، ان شروط الاقراض والضمانات القانونية التي سيقدمها تحالف الهند – اوربا ،ستكون افضل واقل صعوبة من تلك التي تقدمها بكين ، وانه سيتم التركيز على مشروعات الطاقة والرقمنة والنقل .
وهناك مشروع رباعي آخريعمل منذ فترة ، ويضم تحالفا امنيا -تجاريا بين الهند واليابان واوستراليا والولايات المتحده ، الغاية منه ابقاء الممرات الدولية مفتوحة ،واحتواء نفوذ الصين في جنوب شرقي آسيا ، وخلق بدائل عملية للمبادرة الصينية .
والشيء الملاحظ في تلك المبادرات كلها هو وجود الهند كطرف اساسي فيها . طبعا ، هناك اسباب لاختيار الهندهذا ، منها العداء التاريخي المتأصل بين دلهي وبكين ، والحجم البشري الهائل للهند والذي بات الان يعادل الصين ، وهو امر يوفر يدا عاملة رخيصة وكثيرة ،واسواقا استهلاكية غير متناهية ،اضافة الى موقع الهند الاستراتيجي الذي يتحكم بعقد المواصلات البحرية في منطقة جنوب آسيا .
لقد باتت مبادرة طريق الحرير والحزام الصينية هدفا لكل اعداء بكين بسبب النجاح الكبير الذي حققته ، وانتشارها على مستوى قارات العالم كلها ، وتخصيص الصين نحو ترليون دولار لتنفيذها . بكلمات اوضح ، فقد اصبحت هذه المبادرة الوسيلة الاساسية لتوسع الصين تجاريا وسياسيا في العالم ، ولذلك تتكاتف القوى الكبرى الاخرى من اجل لجم هذ المبادرة ومنعها من التوسع والانتشار . والهجوم على هذه المبادرة الصينية يترافق مع حملات غربية شرسة تتناول كل انجازات الصيني الرقمية والعسكرية والسياسية ، والغاية الاساسية من ذلك كله هو منع الصين من تبوأ زعامة العالم ، وهو امر لا يريده الغرب الذي يعتبر هذه الزعامة من حقه حصرا .
27/4/2021