https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

تُرى هل توشك الصين الآن على التفوق على الولايات المتحدة لكي تصبح صاحبة أضخم اقتصاد على مستوى العالم؟ أخيرا، توقع صندوق النقد الدولي أن يتجاوز حجم اقتصاد الصين نظيره الأمريكي من حيث تعادل القوة الشرائية بحلول عام 2016.

ولكن ثمة دراسة مشتركة أجراها أخيرا روبرت فينسترا، وهو خبير اقتصادي في جامعة كاليفورنيا تظهر أن الزعامة الاقتصادية العالمية ستنتقل إلى الصين في عام 2014. بل الأكثر من ذلك تطرفاً أن أرفيند سوبرامانيان من معهد برينستون للاقتصاد الدولي يزعم أن الصين تجاوزت الولايات المتحدة فعلياً من حيث تعادل القوة الشرائية في عام 2010.

إن تعادل القوة الشرائية يقيس دخل أي بلد باستخدام مجموعة من الأسعار الدولية التي تنطبق على أي اقتصاد. فالأسعار في البلدان النامية تكون أدنى عادة من نظيراتها في البلدان المتقدمة. لذا فمن الممكن أن تأتي تقديرات الدخول في البلدان النامية أدنى من حقيقتها إذا تم حسابها وفقاً لسعر الصرف فحسب. ويساعد حساب الدخول وفقاً لتعادل القوة الشرائية في تجنب هذه المشكلة.

ولكن تقدير الدخول وفقاً لتعادل القوة الشرائية يثير مجموعة من المشاكل. وتتألف إحدى هذه المشاكل من حقيقة مفادها بأن كل دولة لديها سلة استهلاكية مختلفة، ويبلغ التفاوت أعظم مستوياته عند المقارنة بين البلدان النامية والمتقدمة. على سبيل المثال، تشكل المواد الغذائية عادة نحو 40 في المائة أو أكثر من إنفاق الأسر في أي بلد نام نموذجي، في حين تصبح النسبة أقل من 20 في المائة في أغلب البلدان المتقدمة.

يتلخص الغرض من المقارنة قياساً إلى تعادل القوة الشرائية في قياس النوعية الحقيقية للحياة في بلد ما. وبوسعنا في هذه الحالة أن ننظر على الأمر بوصفه مقارنة بين السلع الكلية لدى كل بلد التي تتألف من السلع التي تحتوي عليها السلة الاستهلاكية لكل بلد. ولكن السلع الكلية لا تتألف من المكونات نفسها في مختلف البلدان. وبهذا تصبح حسابات تعادل القوة الشرائية وكأنها تقارن فعلياً بين تفاح وبرتقال.

قد تبدو هذه الحجة فنية، ولكنها تنطوي على دلالات عميقة فيما يتصل بمقارنة نوعية الحياة بين البلدان. ولنفترض هنا أننا نقارن بين بلدين. الأول يعتمد على الاقتصاد الزراعي، ولا يستهلك أهله سوى المواد الغذائية، في حين يعتمد الثاني على الاقتصاد الصناعي، ولا يستهلك أهله الغذاء فحسب بل يشترون الملابس أيضا. ونسبة الإنفاق على هذين البندين على التوالي 20 في المائة و80 في المائة.

ولنفترض أيضاً أن نصيب الفرد في الدخل الاسمي بسعر الصرف في السوق في البلد الثاني أربعة أمثال نظيره في البلد الأول. وأن أسعار الغذاء لا تختلف في البلدين، في حين أسعار الملابس في البلد الثاني تبلغ خمسة أمثال أسعار الغذاء.

في هذا المثال يصبح سعر السلع الكلية في البلد الثاني 4.2 ضعف سعر السلع الكلية في البلد الأول. وتكشف المزيد من الحسابات أن الشخص في البلد الثاني، طبقاً لتعادل القوة الشرائية، أفقر من الشخص في البلد الأول بنسبة 5 في المائة!

الواقع أن هذه النتيجة السخيفة من غير الممكن أن تتحقق لأن تعادل القوة الشرائية يقارن بين حزمتين استهلاكيتين مختلفتين. ولكن السلة الاستهلاكية للمواطن الصيني العادي تختلف اختلافاً هائلاً عن السلة الاستهلاكية للمواطن الأمريكي العادي، أين عقد المقارنات باستخدام تعادل القوة الشرائية بين الصين والولايات المتحدة قد يكون مضللا.

إن تعادل القوة الشرائية يجيب عن السؤال الآتي: كم من المال يتعين على المواطن الصيني أن يكسبه حتى يتمكن من الحفاظ على نوعية الحياة التي يعيشها في الصين إذا انتقل إلى الولايات المتحدة؟

ولكن هذا السؤال ليس بدهياً وليس واقعيا. فعندما يتعلق الأمر بمقارنة القوة الشرائية في السوق الدولية، يطرأ سؤال أكثر منطقية: كم عدد السلع التي يستطيع المواطن الصيني أن يشتريها في الولايات المتحدة باستخدام الدخل الذي يكسبه في الصين. يتعين على المرء أن يعتمد على الدخل الاسمي لتقديم إجابة عن هذا السؤال. ففي هذا الحالة، يعمل ارتفاع بنسبة 10 في المائة في قيمة الرنمينبي (العملة الصينية) على زيادة القوة الشرائية للشخص الصيني في الولايات المتحدة بنسبة 10 في المائة بالضبط، في حين لا تتغير نوعية حياته من حيث تعادل القوة الشرائية.

ولكن الصين قد تتفوق على الولايات المتحدة في فترة قصيرة نسبياً من الوقت، حتى إذا قسنا الاقتصاد في كل من البلدين من حيث القيمة الاسمية. فإذا افترضنا أن الاقتصاد في الصين والولايات المتحدة ينمو بنسبة 8 في المائة ونسبة 3 في المائة على التوالي من حيث القيمة الحقيقية، وأن معدل التضخم في الصين 3.6 في المائة، وفي الولايات المتحدة 2 في المائة (متوسط العقد الماضي)، وأن الرنمينبي سيرتفع في مقابل الدولار بنسبة 3 في المائة سنويا (المتوسط على مدى الأعوام الستة الماضية)، فهذا يعني أن الصين ستصبح صاحبة أضخم اقتصاد على مستوى العالم بحلول عام 2021. وبحلول ذلك الوقت، سيصبح الناتج المحلي الإجمالي في كل من البلدين نحو 24 تريليون دولار، وربما يكون ثلاثة أضعاف حجم ثالث أضخم اقتصاد على مستوى العالم، سواء كان اقتصاد اليابان أو ألمانيا.

إن افتراض نمو الصين بنسبة 8 في المائة سنوياً قد يكون أو لا يكون رهاناً أكيدا. ولكن إذا نمت الصين بنسبة 9 في المائة إلى 10 في المائة في السنوات الخمس الأولى وبنسبة 6 في المائة إلى 7 في المائة في السنوات الخمس التالية، فإن هدف المتوسط بنسبة 8 في المائة سنوياً بين الآن وعام 2021 سيتحقق.

لقد بدأ العالم بالفعل في المطالبة باضطلاع الصين بقدر أعظم من المسؤولية عن صحة الاقتصاد العالمي. ومع استمرار الاقتصاد الصيني في النمو وتمكنه في نهاية المطاف من مضاهاة الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، فإن هذه المطالبة ستشتد. ووفقاً لكل التقديرات الحديثة تقريبا، فإن الصين أمامها القليل من الوقت كي تستعد.

شينخهوا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 + سبعة =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube