https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

منذ بداية الازمة الاوكرانية ، والغرب يعتبر أي محاولة للتعاطي مع هذه الأزمة بتوازن خيانة ويتعامل بمنطق مفاده “إما أن تدعم النضال الأوكراني البطولي ضد روسيا الوحشية، أو تكون عميلا لبوتين”.

هذا ما يراه الدبلوماسي الإيطالي السابق ماركو كارنيلوس في مقال له بموقع “ميدل إيست آي” (Middle East Eye) يتساءل فيه كيف أصبح التفكير الغربي ضيقًا إلى هذا الحد؟
ويقول كارنيلوس إن الحرب في أوكرانيا تنحو نحو التصعيد في ظل تصميم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخروج منها بمكاسب إقليمية لبلاده، وتصميم الغرب على منع حدوث ذلك.

ويشير المقال إلى أن واشنطن قد تخلت مؤخرا عن التردد الذي كان يساورها بشأن إمداد كييف بالسلاح، فتدفقت الدبابات والمدفعية الثقيلة والطائرات المقاتلة نحو أوكرانيا.

كما تحقق روسيا الآن في أعمال “تخريب” قامت بها عناصر من القوات البريطانية على الأراضي الأوكرانية، مما يعني أن القوات البريطانية قد تكون مشاركة في الصراع ضد القوات الروسية.

ويرى الدبلوماسي البريطاني السابق أن الخط الفاصل بين الحرب بالوكالة والمواجهة المباشرة في الحرب بين روسيا وحلف الناتو قد أصبح الآن رفيعا للغاية. وأن تصريحات الجانبين التي تؤكد الاستعداد لمواصلة الحرب توضح أنه لا مجال للدبلوماسية في المستقبل المنظور.

وقد وصل الأمر حد اقتراح القائد الأعلى السابق لحلف الناتو في أوروبا، فيليب بريدلوف، أن يرسل الحلف قوات إلى أوكرانيا، وقال إن الخشية من أن يستخدم بوتين أسلحة نووية ينبغي ألا تمنع الناتو من التدخل.
ولإبراز حجم الانقسام الدولي حول الموقف من الصراع، وتعصب الغرب للموقف الذي يريد حمل باقي الدول على تبنيه، يرى الكاتب أن حلف الناتو والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع يعملون جاهدين على جعل روسيا منبوذة دوليًا. في حين تحافظ دول مثل البرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا بالإضافة إلى ما يسمى بالجنوب العالمي على مسافة ملحوظة من الأزمة، خاصة فيما يتعلق بالحرص على الابتعاد عن تبني رواية الغرب حول الحرب.

ويقول كارنيلوس إنه صحيح أن الغالبية العظمى من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أدانت غزو بوتين لأوكرانيا، كما تم تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، ولكن أعضاء الناتو والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع فقط هم من تبنوا عقوبات ضد روسيا.

وخلال اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين -والكلام للكاتب- لم يتبع أي وزير أعضاء الوفود الأميركية والكندية والبريطانية والأسترالية التي غادرت القاعة احتجاجا على وجود ممثلي روسيا. كما لم يغادر مسؤولو الاتحاد الأوروبي القاعة إلا خلال خطاب ممثل موسكو.

في حين أوقفت إندونيسيا، التي تتولى رئاسة مجموعة العشرين، والصين اقتراحا بطرد روسيا من المجموعة.

ويقول الكاتب إنه في ضوء هذه المخاطر الكبيرة والانقسامات العميقة، قد يعتقد المرء أن مواقف اللاعبين الرئيسيين في المجتمع الدولي قد اتخذت بعد نقاش شامل وتفكير نقدي يزن الأمور، لكن ذلك النقاش لم ينطلق بعد خاصة في أوروبا.

ويرى أن الصراع أصبح لعبة عبثية خطيرة، حيث يبدو أن روسيا وجدت نفسها -كما عبر عن ذلك بعض مسؤوليها- أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن تخرج من الحرب منتصرة، أو تدمر. في حين لا يقبل الغرب حلا أقل من تغيير النظام في موسكو.

وقال الدبلوماسي الإيطالي السابق إن الغرب يتعامل مع الحرب بمنطق مشابه للمنطق الشهير الذي تعامل به الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 “إما أن تكونوا معنا أو مع الإرهابيين”.

وفي هذا الإطار يقول الكاتب إن أي محاولة لتقديم تحليل سياسي منطقي من قبل الغرب تعتبر خيانة. وقد تم النيل من أشهر العلماء المختصين في العلاقات الدولية، مثل جون ميرشايمر، وشوهت سمعتهم لمجرد تشكيكهم على نحو مدعوم بالأدلة في تصرفات سابقة وأوجه تقصير من قبل جميع اللاعبين الرئيسيين في الأزمة.

ويؤكد الكاتب أن الغرب لم يبذل أي جهد لمحاولة فهم ما إذا كانت مخاوف روسيا الأمنية ومزاعمها السياسية السابقة مبررة، وما إذا كان ينبغي للغرب أن يتعامل معها على نحو أفضل.

وختم الدبلوماسي الإيطالي السابق مقاله بالتذكير بأن الديمقراطيات تشتهر بطرح الأسئلة وإثارة الشكوك المشروعة. بينما تحتفظ الأنظمة الاستبدادية بتقليد طويل من قمع الرأي والنقاش، وفي الوقت الراهن يرى أن كلا طرفي الصراع يستخدمان التقنيات نفسها التي درجت عليها الأنظمة المستبدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إحدى عشر − 11 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube