كتب محمد خير الوادي :
دفعت الاحداث خلال الفترة الاخيرة المسألة التايوانية لتحتل المكانة الاولى في توتير العلاقات الصينية الامريكية .
فبكين تعتبر تايوان جزئا من اراضيها ، والرئيس الصيني شي اعلن مرارا ان وحدة الصين وكرامتها ستبقيان منقوصتين من غير استعادة تايوان . وفي الوقت نفسه تؤكد الصين عزمها على ضم الجزيرة سلما اوحربا . ومن اجل الدلالة على جدية مواقفها هذه ، حشدت بكين صواريخه ومدافعها ومئات الالاف من جنودهاعلى طول المضيق الذي يفصل تايوان عن البر الصيني ،وارسلت عشرات الطائرات المقاتلة فوق الجزيرة المتمردة.
وبدورها صعٌدت واشنطن من لهجتها ضد بكين ، وباتت تايوان من المسائل القليلة التي يُجمع عليها الحزبان الامريكيان – الجمهوري والديمقراطي .كما ارسلت امريكا جلٌ قواتها الى بحر الصين الجنوبي ، وتجرعت كأس الانسحاب المُرٌ من افغانستان من اجل التفرغ للمسألة الافغانية .
والسؤال الذي يطرح نفسه : لماذا يقدم البلدان على هذا الحشد غير المسبوق سياسيا وعسكريا حول تايوان الآن ، علما ان هذه المشكلة موجودة منذ عام 1949؟
نعرف اهمية تايوان بالنسبة للصين ، باعتبارها عنوانا للوحدة والكرامة الصينية ، ونفهم سبب الاصرار الامريكي المعلن على الدفاع عن تايوان باعتباره حاملة طائرات امريكية لاتغرق ، وشوكة مؤلمة في خاصرة الصيني .
لكن هناك سببا آخر ظهر مؤخرا لتمسك القوتين العظميين بالجزيرة ، وهو ان تايوان تملك قاعدة تقنية متقدمة ،تتيح لمن يسيطر عليها التحكم – دون مبالغة – بمصير التطور البشري كله في المستقبل . ولمن لا يعرف ، فان تايوان تنتج اليوم نحو40% من الرقائق الالكترونية في العالم ، وهي ثالث مُنتج في العالم- بعد امريكا وكوريا الجنوبية – لتقانة المعلومات والكمبيوترات والذكاء الاصطناعي . وللتتذكير فقط ـ فان هذه الصناعات باتت شرطا اساسيا لأي بلد يريد امتلاك ناصية المستقبل .
ولذلك تتطاحن الآن واشنطن وبكين بضراوة عل هذه الجزيرة- الكنز، وتعلن الصين تصميمها على استعادة الجزيرة ، وترد امريكا بانها ستدافع عسكريا عن تايوان ، ولن تتخلى عنها .
ومن يدري ، فقد تكون هذه الجزيرة سببا لتفجر بركان كبير ، يمكن ان تغطي حممه العالم كله . ونحن لا نتمنى ذلك ، ونأمل ان ينتصر العقل وتفوز الحكمة في معالجة المشكلة التايوانية الملتهبة .
29/10/2021