أورد تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمزالبريطانية أن الصين تقوم بتعزيز العلاقات مع الشرق الأوسط على الرغم من الانخفاض العام في الاستثمار في مبادرة الحزام والطريق، وأصبح العراق أحد أكبر المستفيدين.
وأوضح التقرير أن بكين أبرمت صفقات بناء جديدة بقيمة 10.5 مليارات دولار في العراق العام الماضي، كجزء من “تحوّل قوي” تجاه الشرق الأوسط على الرغم من التراجع الأوسع في الاستثمار الصيني الخارجي.
وأضاف أن جهود بكين الأعمق لتعزيز العلاقات الاقتصادية تبذلها مع العراق، مع تصور متزايد بين القادة العرب بأن الولايات المتحدة تنفصل عن الشرق الأوسط.
تركيز صيني
وأشار الباحثون إلى أن الخطة الخمسية لوزارة التجارة الصينية حتى عام 2025 وعدت بالاستثمار في الخارج، بما في ذلك المشاريع غير التابعة لمبادرة الحزام والطريق، بقيمة 550 مليار دولار، بانخفاض 25%، من 740 مليار دولار في 2016-2021.
لكن مستوى الاستثمارات والعقود في مجال البناء في دول الشرق الأوسط والدول العربية ارتفع بنسبة 360% و116% على التوالي، ومعظمها في البنية التحتية للطاقة والنقل.
ونقل التقرير عن كريستوف نيدوبيل وانغ، مدير “مركز التمويل والتنمية الأخضر” الصيني، أن الباحثين “فوجئوا” بالحجم الكبير لمشاركة الصين في الشرق الأوسط والدول العربية.
وقال “كنا نعتقد أن التركيز سيكون أكثر بكثير على جنوب شرق آسيا، بما في ذلك البنية التحتية، لكنه في الواقع كان مدفوعا بشكل خاص نحو العراق، ويشهد تحوّلا قويا نحو أفريقيا ودول الشرق الأوسط
خروج أميركي
وعززت الصين مكانتها في المنطقة في العام نفسه الذي أنهى فيه الرئيس الأميركي جو بايدن رسميا المهمة القتالية الأميركية في العراق واستعادت حركة طالبان السيطرة على أفغانستان بعد الخروج الأميركي وبقية دول التحالف.
وبينما تعتمد بكين على الشرق الأوسط في معظم وارداتها من الطاقة، تعمل الدول العربية على توسيع العلاقة، والاستفادة من التكنولوجيا الصينية وتوسيع العلاقات التجارية مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأشار التقرير إلى أن العلاقات بين بكين وبغداد تعززت في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي الذي وصف العلاقات الصينية العراقية في عام 2019 بأنها مهيأة لـ “نقلة نوعية”.
تردد الشركات الغربية
ويُعدّ العراق ثالث أكبر مصدّر للنفط إلى الصين، وحرص المسؤولون العراقيون على تأمين استثمارات صينية للمساعدة في تحديث البنية التحتية المتدهورة. وكانت العديد من الشركات الغربية مترددة في الاستثمار في البلاد التي لا تزال تعاني من انعدام الاستقرار السياسي ونوبات العنف المتفرقة، خارج قطاعي النفط والغاز.
وتشمل الصفقات الجديدة الموقعة بين المجموعات الصينية والعراقية محطة الخيرات الكبيرة لتوليد الكهرباء من النفط الثقيل في محافظة كربلاء (جنوب العراق)، وإعادة بناء المطار الدولي في الناصرية (جنوب)، وتطوير حقل المنصورية للغاز بالقرب من الحدود الإيرانية.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقع العراق اتفاقية مع شركتي “باور كونستركشن” (Power Construction Corporation) و”سينوتك” (Sinotech) الصينيتين لبناء ألف مدرسة، تُدفع تكاليفها من خلال المنتجات النفطية.
مشاريع أصغر
ووفقا للتقرير، لم تتلق أي مشاريع فحم جديدة تمويلا أو استثمارات في عام 2021، في حين زادت صفقات الطاقة الخضراء زيادة طفيفة إلى مستوى قياسي بلغ 6.3 مليارات دولار. وقال الباحثون إن هذا يعكس أيضا تفضيلا للمشاريع الأصغر والأكثر استدامة.
وجاءت أحدث بيانات لمبادرة الحزام والطريق وسط جدل دولي متجدد يتساءل عما إذا كانت الصين تدفع البلدان النامية إلى ما يسمى بفخاخ الديون، التي بموجبها يمكن لبكين مصادرة الأصول عندما تكون مدينة بأموال.
ودفع القلق بشأن الهيمنة الدولية المتزايدة للصين أميركا والاتحاد الأوروبي في العام الماضي إلى محاولة مواجهة مبادرة الحزام والطريق بجهود تمويل التنمية الدولية الجديدة.