https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كنب محمد خير الوادي :
للمرة الثانية يختار شي جينغ بين موسكو لتكون اول محطة خارجية يزورها بعد انتخابه رئيسا للصين . المرة الاولى كانت قبل عشر سنوات تقربيا ، والثانية تتم اليوم .وتحمل هذه اللفتة دلالات رمزية خاصة ، تشير الى الاهمية التي يوليها زعيم الصين القوي للعلاقات مع روسيا .
امران يضفيان ابعادا استراتيجية على زيارة الرئيس الصيني الى موسكو : الاول يحمل نكهة ايديولوجية ، تتجلى في رغبة شي باظهار تضامنه ودعمه للرئيس بوتين الذي يقول انه يحارب الغرب كله . والامر الثاني يتمثل في ان القائد الصيني جاء الى موسكومنتشيا بالنجاح الكبير الذي حققه قبل اسبوع ،عندما تمكن من انجاز اتفاق تاريخي لتطبيع العلاقات السعودية – الايرانية . هذا النجاح دفع الرئيس شي لاتخاذ قرار بمحاولة اقتحام الغام الازمة الاوكرانية المتفجرة عبر تقديم مبادرة سلمية ، تهدف الى انهاء الصراع الذي بدأ يخرج عن السيطرة ، ويهدد الامن والسلام في العالم كله . وللتذكير فقط ، فان المبادرة السلمية الصينية ترتكز الى سعي بكين لاتخاذ موقف متوازن من اطراف الازمة . فهي – اي بكين- تدعو- من جهة -الى الحفاظ على استقلال ووحدة اراضي اوكرانيا وفقا للقانون الدولي ، وهو امر شائك بالنسبة لموسكو. وفي الوقت نفسه ،طرح شي في مبادرته تلك مفهوم الامن الشامل ، الذي يقوم على وقف اطلاق النار والبدء بالمفاوضات تهدف الى اخذ القلق الذي يساور موسكو عبر زحف حلف الناتو الى حدودها ، وهو امر يرضي موسكو، ولكنه يغضب اوكرانيا وحلفاءها الغربيين .
وفي ظل هذه المواقف المتصادمة ،يحاول الرئيس الصيني نسج حل سياسي ،عبر تجميع الخيوط المتناقضة والمتنافرة في الازمة الاوكرانية. وهنا تكمن الصعوبة في تنفيذ مبادرة شي السلمية .
ففي الوقت الذي رحب الرئيس بوتين بزيارة زميله الصيني واشاد بموقفه المتوازن ، سارع الغرب الى اتخاذ خطوتين بهدف عرقلة المساعي السلمية التي يقوم بها الرئيس الصيني . الخطوة الاولى تجلت في قرار محمكة الجنايات الدولية ضد الرئس بوتين شخصيا ، اما الثانية فتجسدت في التصريحات المتكررة التي اطلقتها واشنطن خلال اليومين الماضيين حول معارضتها الحازمة لاي وقف لاطلاق النار على الجبهة الاوكرانية .وهو امر من شانه ان يخلق عقبات خطيرة امام تنفيذ المبادرة السلمية التي يحملها الرئيس الصيني لحل الازمة الاوكرانية . كما ترافقت التصريات الامريكية بتهديد غربي صريح للصين في حال شروعها بتقديم دعم عسكري لموسكو .
هذه الملابسات كلها ، لا تقلل من الرسالة الاساسية التي تنطوي عليها زيارة الرئيس الصيني ، وهي تضامن الصين الكامل مع روسيا في تصديها للهيمنة الغربية .
لقد اجترح الرئيس الصيني معجزة حقيقية عندما تمكن من اشادة جسور التقارب والتفاهم عبر بحورمن العداء السياسي والديني بين ايران والسعودية . ونامل ان يجترح الزعيم الصيني معجزة مماثلة تنهي الازمة الدامية في اوكرانيا . مع التاكيد ان هذا الامر يبدو صعبا للغاية بل عصيا على الحل ، ولكنه ليس مستحيلا على الرئيس شي . فالصينيون كانوا تاريخيا ، حياكين مهرة ،يرسمون لوحات جميلة من خيوط متنافرة الالوان !
20 /3/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 5 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube