وليد عبد الحي
تشير دراسة سيكولوجية صادرة في شهر 8-2020 عن جامعة St. John’s University الامريكية كتبها الباحثان Anne Marie Griebie, و Aubrey Immelman تحت عنوان :
The Political Personality of 2020 Democratic Presidential Nominee Joe Biden
الى السمات الشخصية للرئيس الامريكي الجديد جو بايدن، وقد تم جمع البيانات ذات الصلة بالتشخيص النفسي لبايدن من مصادر السيرة الذاتية له ومن تقارير وسائل الإعلام وتم تجميعها في ملف تعريف شخصي استنادا لنموذج تحليلي هو نموذج Millon Inventory of Diagnostic Criteria الذي يشتمل على 170 سمة متفرعة من 12 مقياس للشخصية تغطي خمسة ابعاد رئيسية هي:
-السلوك اللفظي او التعبيري
-السلوك الشخصي
-النموذج المعرفي
-المزاجية
– الصورة الذاتية(كيف يرى نفسه)
وتظهر نتائج التطبيق على شخصية بايدن مما يلي:
أولا: هو شخصية منفتحة واجتماعية بنسبة 40%، أي انه غير منغلق الى حد ما .
ثانيا: 27% قابليته للتكيف ، أي استعداده لتقبل نسبي لاغلب التغيرات او الضغوط الفاعله عليه.
ثالثا: 15% تمثل نسبة نزعات الطموح لديه، أي انه يقبل غالبا بالنتائج ، وليس لديه مشروعات كبرى خارج الدائرة الداخلية.
رابعا: نزوعه للسيطرة على الآخرين هي 9%، أي انه قابل للاستجابة للضغوط اكثر من قابليته للضغط على الآخرين.
خامسا: درجة تأنيب الضمير لديه لا تتجاوز 6%، أي ليس لديه “الأنا العليا الفعالة”
سادسا: نسبة الشجاعة والميل للمخاطرة لا تزيد عن 3%.
التأويل السياسي لنتائج الدراسة:
مع اقراري ان المؤسسة السياسية تبقى كابحا لدور السمات السيكولوجية للرئيس او الحاكم، بخاصة في الدول المؤسسية كالولايات المتحدة ، لكني أعتقد ان اغفال البعد الشخصي للزعيم قد يقود لنتائج مضللة، ولعل الدراسة التي سبق وان ترجمتها- ووضعها 35 عالما من علماء النفس الامريكيين- لشخصية ترامب بعد توليه للحكم بأيام قليلة دلت على دقة عالية في تشخيص سلوكه السياسي.
وبناء على النتائج لشخصية بايدن في النموذج المشار له اعلاه، يمكنني توقع سلوكه على النحو التالي:
أ- سيكون أكثر تصالحيا مع البيئتين الداخلية ( مع الجمهوريين وفئات المتطرفين من العنصريين والمتطرفين الدينيين) وستكون ادارته اكثر استقرارا في كوادر العاملين فيها ، أي ان ميله لعمل الفريق سيجعل ادارته اقل تغييرا في لاعبيها( خلافا تماما لترامب) ، وسيكون اقل ميلا للنزعة العسكرتارية مع البيئة الدولية ومع الحلفاء والخصوم، وهو ما يعني انه سيعمل تدريجيا على تخفيف التوترات مع الصين وايران وفنزويلا ، وسيكون اكثر تفهما لمطالب حلفائة في الناتو لا سيما في الانفاق الدفاعي …لكن هذه النزعة التصالحية ستكون متناسبة مع قدرة خصومه على استغلال نزعته التكيفية، فعلى المستوى الداخلي فان شخصيته ستجعله اكثر قابلية لتأثير اللوبيات الداخلية مثل اللوبي اليهودي او جماعات المصالح الآخرى بخاصة اذا تعاملت معه بذكاء وخبرة.
وبنا عليه، على الطرف العربي –تحديدا الفلسطيني المقاوم – ان يقدم صورة اكثر تماسكا ” بل وعنادا” للتسوية التي بنيت على صفقة القرن، وان يخلق انطباعا بانه قادر على ” تصعيد ” التوتر في المنطقة من خلال توثيق علاقات مع الحلفاء( ايران وسوريا وحزب الله واليمن وارسال مفاوضين ودبلوماسيين لكل من الصين وروسيا، بل والقيام ببعض العمليات العسكرية في الداخل الفلسطيني او الضفة الغربية.” اما الفلسطيني المساوم في سلطة التنسيق الامني فليس لديه ما يقدمه.
ب- يبدو لي ان سلطة البنتاغون وشركات انتاج الاسلحة ستكون أكثر عدوانية من ” تصالحية الرئيس الجديد” .
ت- ستكون الفترة الاولى من رئاسة بايدن متجهة للوضع الداخلي، بخاصة في قطاعات ثلاثة: الكورونا، استرخاء التوتر العنصري والتجاذب الاعلامي واخيرا الانعاش الاقتصادي.
ج- سيميل لاعادة الدور الامريكي في المنظمات الدولية وسيكون اقل عدائية تجاه الامم المتحدة ولجان وتقارير حقوق الانسان والمنظمات والاتفاقيات الدولية بمقدار ضغوط الطرف الآخر عليه.
د- ان وزن الحزب الديمقراطي في الكونجرس الامريكي ، الى جانب نزعته التصالحية مع قطاع من الجمهوريين قد يدعم نسبيا قدرته على اتخاذ القرارات الاستراتيجية الداخلية والخارجية.
وعليه نصل للنتيجة العامة: قد يميل بايدن للاستجابة لكل دولة او جهة تخلق لديه انطباعا بانها ” ستخلق له قدرا أكبر من الاضطرابات”، اما سياسات الغواية فستكون نتائجها اقل فائدة لمن يتبناها من الداخل ……ربما