https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

أعلنت حفيدة ميتشيكو، إمبراطور اليابان، الأميرة ماكو (30 عاما) زواجها من رجل من عامة الشعب بعد التخلي عن لقبها الملكي، كما تنازلت عن مبلغ بقيمة 1.4 مليون دولار يدفع ضمن التقاليد الملكية لعضو الأسرة الذي ينتقل إلى مسكن جديد، وأكدت أنها ستقيم مع زوجها في شقة صغيرة من غرفة واحدة.

في وقت سابق من هذا الشهر، كشفت الأسرة الإمبراطورية أن الأميرة ماكو عانت من اضطراب ما بعد الصدمة بسبب الرفض العلني المستمر لارتباطها بخطيبها كي كومورو الذي ينتمي إلى عامة الشعب. وقال الطبيب النفسي للأميرة ماكو في مؤتمر صحفي “إنها تشعر بأنها شخص لا قيمة له، وأن كرامتها الإنسانية قد سُحقت”.

وبتخلي ماكو عن اللقب الملكي، سيحرم أطفالها المستقبليون أيضا من الألقاب والامتيازات الملكية، ورغم الهجوم الذي تعرضت له ماكو بارتباطها من كي، الذي تشكك الصحافة اليابانية المحلية في نواياه، فإنهما انتصرا لحبهما الذي امتد نحو أكثر من 4 أعوام منذ إعلان خطبتهما، كما أُجّل زواجهما مرات عدة بسبب تورط والدة كي في ديون مالية لم تسددها.

في تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) الأميركية، تقول الكاتبتان موتوكو ريش وهيكاري هيدا إن النساء في العائلة الملكية اليابانية يخضعن لضغوط قاسية ليس فقط من وسائل الإعلام والرأي العام، ولكن أيضًا من مسؤولي البلاط الذين يديرون حياتهن اليومية.

ورغم أن النساء غير مؤهلات لتولي العرش في اليابان، فإن النقد المسلط عليهن يبدو أشد قسوة من النقد الذي يتعرض له رجال العائلة المالكة، وفقا للكاتبتين.

وتقول ريكا كاياما الأستاذة والطبيبة النفسية في جامعة ريكيو في طوكيو “على الملكة أن تحافظ على الهندام الجميل، وأن تتفرغ للإنجاب بعد الزواج، ويجب أن تقوم بالعديد من الوظائف على نحو مثالي من دون أي أخطاء”.

ورغم ترشح امرأتين لمنصب رئيس الوزراء في انتخابات قيادة الحزب الحاكم الأخيرة، وبذل بعض الشركات جهودًا كبيرة من أجل تولي مزيد من النساء مناصب عليا، فإن المرأة في اليابان ما زالت غائبة عن مجالس الإدارة والبرلمان والجامعات المرموقة، كما أن المجتمع الياباني ما زال يعامل النساء على أنهن مواطنات من الدرجة الثانية -حسب الكاتبتين- ولا يُسمح لهن بالحصول على أسماء عائلية منفصلة.

ويشبه النقد الموجّه إلى الأميرة ماكو على وسائل التواصل الاجتماعي ما تتعرض لها النساء اليابانيات عندما يتحدثن علنا عن الاعتداءات الجنسية والمعاملة غير العادلة وحقوقهن التي لا يعترف بها المجتمع.

وتقول ميهوكو سوزوكي المديرة المؤسسة لمركز العلوم الإنسانية بجامعة ميامي إن “هناك فكرة مفادها أن العائلة الإمبراطورية خالدة وليست جزءًا من المجتمع الحديث”، وتضيف أن التقليدييين في المجتمع الياباني يريدون “إبراز ما توفره هذه الفكرة من استقرار وراحة بشأن أدوار الجنسين”.

وبعد أن تخلصت الأمة من “أغلال التاريخ” في زمن الحرب، أصبحت ميتشيكو أول شخص من عامة الشعب يتزوج من أحد أفراد الأسرة الحاكمة منذ قرون. وبدلًا من تسليم أطفالها إلى الخدم الإمبراطوري لتربيتهم، اعتنت بهم بنفسها، كما رافقت زوجها أكيهيتو أثناء سفره في اليابان وخارجها، وأضفت لمسة إنسانية على العائلة الإمبراطورية من خلال الحديث مع ضحايا الكوارث وذوي الإعاقة.

ولكن عندما قامت بتجديد مقر الإقامة الإمبراطوري وارتدت كثيرا من الملابس الجديدة، نشرت الصحافة أن أفراد العائلة وحماتها لا يعدّونها محترمة بما يكفي كزوجة للإمبراطور.

وفي عام 1963، خضعت ميتشيكو للإجهاض ومكثت أكثر من شهرين في منزل منفصل، وانتشرت التكهنات بأنها عانت من انهيار عصبي وضغط شديد، وهو ما أدى إلى فقدان صوتها، ولم تتعاف إلا بعد أشهر.

وتضيف الكاتبتان أنه كان يُنظر لاحقا إلى ماساكو زوجة ابنها، خريجة جامعة هارفارد والدبلوماسية الواعدة، على أنها نموذج يحتذى به للشابات العاملات في اليابان، وأنها قد تساعد في تغيير تقاليد العائلة المالكة.

لكن المجتمع الياباني ركّز بدلا من ذلك على تحليل كل نشاط تقوم به ماساكو، وتأثيره المحتمل على قدرتها على الإنجاب. بعد الإجهاض، أنجبت الأميرة إيكو، وهو ما خيّب آمال أولئك الذين أرادوا وريثًا ذكرًا، وقامت العائلة بتقييد سفرها، مما دفعها إلى الانسحاب من واجباتها العامة، وقد أصدرت بيانا قالت فيه إنها تعاني من “الإرهاق النفسي والجسدي المتراكم”.

ضغوط على الأميرة ماكو

في الأيام الأخيرة، تصاعدت الضغوط على الأميرة ماكو، إذ يريد منها اليابانيون أن ترتقي إلى مستوى التوقعات الملكية رغم أنها ستضطر إلى ترك الأسرة بعد زواجها، وقد واجهت الأميرة انتقادات حادّة بعد أن اختارت الزواج بخطيبها كومورو. وبموجب القانون الياباني، ستفقد ماكو مكانتها الإمبراطورية بمجرد تقديم أوراق الزواج.

يقول كينيث روف المؤرخ والمتخصص في شؤون العائلة الإمبراطورية اليابانية بجامعة ولاية بورتلاند “من الغريب جدا أن يعتقد اليابانيون أنه ينبغي أن يتدخلوا بأي شكل في اختيار الزوج”.

وقد رفض والد الأميرة ماكو- ولي العهد الأمير أكيشينو- الموافقة على الزواج بعد إعلان الخطبة عام 2017، قائلًا إنه يريد أن يقبل الجمهور بهذه الزيجة وأن يباركها.

في النهاية رضخ أكيشينو لرغبة ابنته، لكن التعليقات السلبية استمرت في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، بنحو يؤثر على حياة الزوجين. وقد نظم محتجون مسيرة في جينزا، وهي منطقة تسوق شهيرة، حاملين لافتات كُتب عليها “لا تلوّثوا الأسرة الإمبراطورية بهذا الزواج اللعين”، و”احترموا مسؤولياتكم قبل الزواج”.

وأعربت كاتبة في مجلة “جنداي بيزنس” (Gendai Business) اليابانية عن غضبها من اختيار الأميرة ماكو، قائلة إنها “ستعرّض اليابان للعار دوليا”، كما وصفها البعض على تويتر بأنها “سارقة ضرائب” رغم أنها قررت التخلي عن مهر ملكي قيمته 1.4 مليون دولار.

واتهمها البعض بالكذب بشأن إصابتها باضطراب ما بعد الصدمة، فغرّد أحد مستخدمي تويتر “سيشكك الجمهور في مصداقيتك إذا أعلنت في غضون بضعة أشهر أنك قد تحسنت”.

وحسب الكاتبتين، فإنه لا مفرّ من مقارنة ما تتعرض له الأميرة ماكو مع ما حدث في العائلة الملكية البريطانية، فقبل زواجها من الأمير هاري، تعرضت ميغان ماركل لحملة شرسة بسبب جذور عائلتها، وأصيبت بالاكتئاب واضطرابات الأكل. ومثل ميغان وهاري، من المتوقع أن تفر الأميرة ماكو وخطيبها كومورو، خريج كلية فوردهام للحقوق، إلى الولايات المتحدة، حيث سيعمل كومورو في مكتب محاماة بنيويورك. ومثلما فتح حديث هاري وميغان علانية عن مشاكل الصحة النفسية التي مرّا بها الباب أمام نقاشات جادّة بهذا الشأن في بريطانيا، قد تفتح الأميرة ماكو الباب أمام نساء العائلة المالكة في اليابان للحديث بصراحة في هذه القضية الحساسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 4 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube